على الجانب الأساسي تباينت تصريحات الفيدرالي الأميركي الأخيرة بالمزامنة مع إعلان رفع الفائدة كما كان متوقعاً ب 25 نقطة إضافة للتلميحات المستمرة حول رفعها بعدة مراحل أخرى لكن على ما يبدو ليس بالمقدار المتوقع وإنما قد يكون صادماً للأسواق.
فبالعودة للسياسة النقدية التشددية والتي بالرغم من ظهور بعض مؤشرات الأمل على نجاحها الجزئي إلا أن مخاوف السوق باتت تزداد مع توقعات الركود بعد بيان الفيدرالي الأخير حيث لايزال مخلب التضخم يغرق السوق بمزيد من الغموض وتتراجع شهية المخاطرة بشكل ملحوظ في معظم الأسواق.
ويبدو أن صناع السوق لازالوا مصرين على التلويح بعصا الحرب وآثارها الفوضوية الآخذة بالازدياد كذريعة تبرر السلوك الحالي لاتجاهات مختلف السياسات بالرغم من أن حال الأسواق اليوم جاءت كنتيجة تراكمية لم تكن بالتأكيد وليدة بتاريخ 24 فبراير من العام المنصرم إبان بدء الغزو الروسي لأوكرانيا.
وبالمزامنة مع تقرير الوظائف بالقطاع الخاص وبالقطاع الخاص الغير زراعي ومعدل البطالة الإيجابية بدأت جدران "سيد المعادن الثمينة" الذهب بالاهتزاز بعد قمتها لهذا الشهر البالغة 1958 دولار والتي حققها بشهره الرابع الإيجابي بعد ارتداده من نقطة الدعم الهامة 1615 دولاراً، ليسقط نحو 1859 مكوناً صدمة كبيرة لمتداوليه!
بلغ معدل التضخم على أساس شهري في الولايات المتحدة 0.29 في المائة من عام 1950 حتى عام 2022، ووصل إلى أعلى مستوى له على الإطلاق عند 1.80 في المائة في فبراير من عام 1951 وأدنى مستوى قياسي بلغ -1.80 في المائة في نوفمبر من عام 2008.
وبالرغم من انخفاض معدل التضخم في أقل من عام من 9,2 إلى إلى 6,45 متماشياً مع هدف الفيدرالي البالغ ٢٪ لاتزال الأسواق تتمسك بمخاوف الركود جراء السياسة التشددية.
إذاً ما الذي يدفع السوق للمزيد من " التشدد في سلوكه "؟
بكل بساطة عندما تتباطأ ثقة المستهلك، يتباطأ الطلب والنمو الاقتصادي، مما قد يؤدي إلى الركود، إضافة إلى ذلك يمكن أن تؤدي أسعار الفائدة المرتفعة أو نقص الأموال المتاحة للاقتراض إلى الركود وهذا ما ينتج من أثر السياسات التشددية، وتجعل أسعار الفائدة المرتفعة اقتراض الأموال أكثر تكلفة، مما يثني المستهلكين والشركات عن اقتراض الأموال من أجل الشراء أو الاستثمار، ويؤدي انخفاض الإنفاق إلى انخفاض الطلب على السلع والخدمات في الاقتصاد مما تسمح الفرصة للانكماش، يقلل الانكماش من قيمة السلع والخدمات التي يتم بيعها في السوق، مما يشجع الناس على الانتظار للشراء حتى تنخفض الأسعار، غالبًا ما يرتبط بارتفاع أسعار الفائدة، مما قد يؤدي أيضًا إلى انتظار الناس لإجراء عمليات الشراء، لأنهم لا يستطيعون تحمل الديون بمثل هذه المعدلات المرتفعة للفائدة.
يمكن أن يؤدي الانكماش أيضًا إلى زيادة البطالة، لأن الشركات بحاجة إلى خفض التكاليف، هذا يمكن أن يؤدي إلى دوامة انكماشية، لأن العاطلين عن العمل لا يستطيعون عادة إنفاق الأموال لمساعدة الاقتصاد على النمو، وهذا ما يبرر مخاوف الأسواق من الرفع المستمر للفائدة إضافة للتصريحات المخالفة لواقع الشارع الاقتصادي حيث يصر باول على أن السوق بخير وإنها مجرد تحديات أخرى سيتجاوزها الاقتصاد بهدوء.
أما بالنسبة للملاذ الآمن وارتداده الأخير كان لابد منه مع عدد عمليات كبير من جني الأرباح تزامناً مع تقارير السوق الأخيرة التي جاءت سلبية للذهب لكن على ما يبدو بأن الذهب فنياً لايزال محتفظاً بعدة نقاط دعم رئيسية ستعيده للبريق من جديد في القريب خصوصاً إذا استمرت مخاوف الأسواق وازدياد حالة عدم الثقة وحالة "عدم اليقين" فسنرى موجة متقدمة من الاستثمارات في الملاذ الآمن قد تشكل لهذا العام طفرة جديدة في الأسعار.
فنياً:
نقاط الدعم
على الفريم الشهري إذا استمرت الموجة الهابطة بهذا الشكل قد يواجه الذهب ارتداد لاحق باتجاه نقطة الدعم الهامة 1842 " تصحيح فيبوناتشي 50% بعد تجاوزه لنقطة الدعم السابقة 1896 " تصحيح 61.8، أما على المؤشر التقليدي فلدينا نقطة الدعم 1832 و هي نقطة رئيسية ستحدد اتجاه الذهب على المدى البعيد.
نقاط المقاومة
على الفريم الشهري أيضاً إذا استطاع الذهب أخيراً أن يحظى بالتشبع الشرائي المطلوب فسنرى ارتداده الصعودي مجدداً نحو المقاومات 1890 و 1915 و في حال كسر الأخيرة ستلحقه موجة صعودية أخرى باتجاه نقطة المقاومة الهامة جداً 1974 "تصحيح فيبوناتشي 78.6".
أخيراً:
يقول الصحفي البريطاني الشهير "ويليام ريس موج 14 يوليو 1928- 29 ديسمبر 2012" : الحكومات تكذب، يكذب المصرفيون، حتى المدققون يكذبون أحيانًا .. الذهب يقول الحقيقة.
كل ما جاء في هذا المقال هو محتوى شخصي يعبر عن آرائي فقط.
تابع آرائي وتحليلاتي ودراساتي للسوق، أنا حذيفة خطاب، المالك والرئيس التنفيذي لمجموعة MASS GROUP للاستثمار والتمويل.