أصدر الفيدرالي تقريره النصف السنوي للسياسة النقدية مساء يوم الجمعة الماضي، وهو ما أثر على الأسواق بشكل واضح بعد صدوره.
التقرير كان طويلا جدا ومفصلا جدا أيضا، حيث تضمن ملف التقرير الذي نشره الفيدرالي 71 صفحة.
استغرقت الأسواق بعضا من الوقت لحين الاطلاع على التفاصيل التي وردت في هذا التقرير، مما جعل رد الفعل متأخرا قليلا عن لحظة صدروه.
إليكم أهم النقاط التي وردت في هذا التقرير:
- لا يزال بنك الاحتياطي الفيدرالي ملتزما بشدّة بإعادة التضخم إلى 2%.
- لاتزال جودة الائتمان التجاري قوية، لكن بعض مؤشرات التخلف عن السداد للأعمال في المستقبل تبدو مرتفعة نوعا ما.
- لا يزال التضخم الأجنبي الأساسي مرتفعا، والضغوط التضخمية واسعة النطاق.
- تشير التوقعات إلى أن التضخم المرتفع لم يترسخ.
- ستكون الزيادات في أسعار الفائدة ضرورية في المستقبل.
النقاط الواردة أعلاه تبدو متوازنة، ويصعب جدا الحكم عليها، لكن يبدو أن الأسواق كان لها رأي آخر حول النقاط والتفاصيل الكثيرة الواردة في التقرير، وهو ما أدّى إلى ضعف الدولار بشكل واضح مع نهاية تداولات يوم الجمعة، وأعطى إيجابية للأسواق ابتداء من الذهب، ووصولا إلى المؤشرات.
والسؤال المطروح هنا: هل الأسواق قيّمت الأمر بطريقة صحيحة؟ وهل كان التفاعل أساسا في الاتجاه الصحيح؟
اسمح لي عزيزي القارئ أن أبدا بجواب السؤال الثاني ومن ثم نعود لنجيب على السؤال الأول.
الأسواق عوّدتنا دائما على نوعين من رد الفعل .. رد فعل حقيقي في الاتجاه الصحيح واستمرار الميل العام لرد الفعل هذا.
والنوع الآخر هو رد فعل وهمي أو غير حقيقي .. حيث تتجه الأسواق بعكس البيانات أو الأحداث وذلك لإحداث أكبر قدر ممكن من الفوضى، وإيجاد مراكز تصريف أو تجميع مناسبة لكبار البنوك وصناع السوق، حتى يتمكنوا من مراوغة وتضليل الأسواق، وإحداث أكبر قدر ممكن من الضوضاء والتشتيت الذهني .. ومن ثم تتمكن من الانقضاض مجددا على الاتجاه الصحيح بعد هذه المراوغة.
والآن حتى نستطيع أن نقرر أي نوع من رديّ الفعل نواجهه حاليا .. يجب علينا أن نجيب التساؤل الأول "هل قيّمت الأسواق الأمر بطريقة صحيحة؟".
حقيقة ... التقرير مفصل جدا، ويحتوي على العديد من النقاط والمحاور، سواء منها التضخم، سوق العمل، ... الخ وهو أمر طبيعي كون أن هذا التقرير يصدر بشكل نصف سنوي من الفيدرالي ليشرح فيه السياسة النقدية الحالية ورؤيته لهذه السياسة وتأثيراتها.
شخصيا لن أخوض في تفاصيل قراءة البيانات والمعطيات الواردة لسبب واحد يمكن القول عنه بأنه السهل الممتنع.
إذا كان التقرير فعلا بهذا البساطة والأسواق قادرة على تقييمه كما فعلت نهاية تداولات يوم الجمعة!!
إذاً لماذا سوف يمثل البروفيسور [كما أفضل أن أسميه شخصيا] "جيروم باول" أمام اللجان المصرفية في مجلس الشيوخ يوم الثلاثاء ومن ثم يوم الأربعاء في مجلس النواب [الكونغرس]؟؟
هذا يعني وبكل بساطة أن التقرير يحتاج إلى الكثير من الشرح والتوضيح والأسئلة ... وعلى "جيروم باول" أن يجيب على تساؤلات واستفسارات الأعضاء في اللجان المصرفية ... ومن ثم سوف تعيد الأسواق تقييمها وتتفاعل من جديد.
إذاً ... خلاصة القول أن رد فعل الأسواق الذي شهدناه هو رد فعل أوّلي لا يمكن البناء عليه إطلاقا، وكل خيوط اللعبة وكلمة السر المفتاحية في أيدي "جيروم باول".
وبعد شهادة جيروم باول ليومين متتاليين الثلاثاء ومن ثم الأربعاء، يجب أن لا ننسى أن الأسواق تنتظر بيانات سوق العمل الأمريكية يوم الجمعة أيضا ... لذلك يبدو هذا الأسبوع طويلا جدا ومتقلب جدا على الأقل من جانب التحليل الأساسي.
الذهب والفضة .. التحليل الفني:
· الرسم البياني أعلاه يوضح النسبة المئوية لأداء الأسعار خلال شهر فبراير.
· وصلت الأسعار إلى +1.63% بداية فبراير قبل أن تتراجع إلى -6.40% نهاية فبراير.
· أي أن الأسعار تراجعت 8.03% خلال شهر فبراير فقط.
· التصحيح الحالي للأسعار وصل بها إلى -3.72%.
· أي أن الأسعار ارتفعت من قاع فبراير إلى قمّة يوم الجمعة الماضي بمقدار 2.68%.
· وبحسبة بسيطة جدا نجد أن الأسعار حاليا قامت بتصحيح نسبته 33.37% تقريبا أي ما يقارب ثلث التراجع الذي شهدناه في شهر فبراير.
- من الواضح أن الفضة كان أكثر توازنا وهدوئا من أسعار الذهب.
- حيث تراجعت أسعار الفضة من قمتها +3.87% وصولا إلى قاعها -13.83%
- أي أن التراجع وصلت نسبته إلى 17.70%
- بينما الارتداد الحالي استعادت فيه الأسعار ما نسبته 3.52% فقط.
- أي أن التصحيح الحالي نسبته 19.89% فقط أي ما يقارب 20% وهو يعني 1/5 فقط.
ومجددا هذا يقودنا إلى سؤال مهم وإجابته لا يمكن الجزم بها، أو إن صح التعبير لا يمكن القول إن كانت إجابتك صحيحة، أم خاطئة حتى وإن كانت تختلف عن إجابة الآخرين.
من يقود الآخر؟ الذهب يقود الفضة؟ أم أن الفضة يقود الذهب؟
بالنسبة لي شخصيا لازلت أعتقد أن الفضة أسرع تفاعلا واستجابة من أسعار الذهب ... وللتأكيد مرة أخرى لا يمكن القول عن إجابة أن الذهب هو القائد أنها إجابة خاطئة ... لأنها وجهة نظر فنية في نهاية المطاف لا يوجد فيها صحيح وخاطئ.
إذا كنت تشاركني الرأي، فهذا يعني أن تفاعل الفضّة المحدود قد يكون إشارة إلى أن ما حدث في الأسواق يوم الجمعة هي حالة فوضى من قبل كبار البنوك وصناع السوق، وأن المسار العام الهابط لم يتغير.
أما إذا كنت تعتقد أن الذهب من يتواجد في مركز القيادة، فهذا يعني أن الأسعار أيضا لم يتغيّر مسارها العام الهابط، لكن يمكن القول أنها اقتربت خطوات إضافية نحو مستويات سعرية مهمة، إذا تجاوزتها فإنها قد تغيّر قواعد اللعبة مجددا.
خلاصة القول:
- التحليل الأسبوعي للذهب، والمستويات السعرية الرئيسية تجدها بالتفصيل عزيزي القارئ في الفيديو المرفق أدناه ... كما يمكنك الانتقال أيضا لبقية التحليلات الأسبوعية الموجودة بالتفصيل في مقاطع فيديو منفصلة والتي تشمل أهم السلع والعملات والمؤشرات أيضا.
- ما شهدناه يوم الجمعة هو خطوة استباقية من الأسواق لما هو قادم، ولا يمكن البناء عليه.
- شهادة "جيروم باول" مهمة جدا جدا في كلا اليومين سواء الثلاثاء أو الأربعاء.
- من الممكن القول أن أفضلية جزئية بسيطة قد تكون لشهادته يوم الثلاثاء والتي تأتي أمام اللجنة المصرفية في مجلس الشيوخ، وهو الذي يعتبر أعلى في سلطته من مجلس النواب.
- وتبقى شهادته مهمة جدا أيضا أمام مجلس النواب، لأننا عادة ما نشهد أسئلة مختلفة أيضا، ونقاط جديدة تتم إثارتها ومناقشتها.
- في بعض الأحيان يتم نشر النص الرئيسي الذي سوف يقرأه "جيروم باول" قبل بدء جلسة شهادته، لذلك وجب الانتباه إلى تحركات قد تسبق الخبر.
- التقرير يحتوي على الكثير والكثير من التفاصيل، وبالتالي شهادته سوف تتضمن الكثير والكثير أيضا من التصريحات والتفسيرات المهمة والتي من المتوقع أن تحرك الأسواق بشكل مباشر.
- تعتبر هذه الشهادة ربما هي الأصعب لرئيس فيدرالي، كونها تأتي متزامنة مع أكبر تشديد نقدي ورفع لأسعار الفائدة منذ عام 1994 لغاية الآن ... وعليه من المتوقع أن تكون الأسئلة مهمة جدا.
- الجمهوريون خصوصا يحاولون تصفية العديد من الحسابات العالقة مع الديموقراطيين، وبالتالي قد تكون أسئلتهم أكثر تركيزا وتفصيلا حول الآثار المباشرة على الاقتصاد، وهنا يأتي الدور على "جيروم باول" وطريقة إجابته حول هذه النقاط.
- من المتوقع أن نشهد حديثا واضحا أيضا حول رفع أسعار الفائدة القادم أو المستمر، وطريقة ربطه مع البيانات المنتظرة سواء بيانات التضخم القادمة، أو حتى بيانات سوق العمل والوظائف.
سوف نتابع معكم تقلبات الأسعار أولا بأول في المقالات القادمة، ولمزيد من التحديثات السريعة والمستمرة يمكنكم متابعة
حسابي في تويتر
@GhaithAbohlal
حيث يمكنكم التفاعل من خلال التعليقات في أي وقت
يسعدني دوما الرد على جميع أسئلتكم واستفساراتكم بأسرع وقت ممكن، ويسعدني قراءة تعليقاتكم وآرائكم والعمل بها حتى نصل سوية لمحتوى وأداء أفضل وهو ما يعود بالفائدة علينا جميعا.
تذكير على هامش المقال:
. أسواق التداول تتقلب باتجاهاتها دائما، وتعتمد على الكثير من المعطيات والأخبار، بالإضافة إلى كبار البنوك وصناع السوق الذين يقومون غالبا بتوجيه السوق، حتى بخلاف الواقع والمنطق أحيانا.
. الآراء والأفكار أعلاه هي خلاصة التحليل، وهي ليست توصيات مباشرة، وإنما هي نصيحة للمتابعين، مع الأخذ بعين الاعتبار أن لا أحد قادر على الربح بشكل مستمر من عمليات التداول حتى كبار المستثمرين.
. لذلك نسعى دائما للحد من الخسائر، وزيادة الأرباح بما يتوافق مع التحليل ووجهة النظر لطريقة تداول الأسعار، وذلك من خلال تطبيق العديد من طرق التحليل مجتمعة ومتقاطعة لمحاولة الوصول لأفضل النتائج.
. نحن علينا الاجتهاد، والله ولي التوفيق.