إن محاربة التضخم المرتفع أمر صعب بما فيه الكفاية، وكان بنك الاحتياطي الفيدرالي يحاول ترويض ضغوط التسعير عندما ظهرت على الاقتصاد علامات الضعف، على الأقل في بعض جوانبه. يعد هذا تحديًا كبيرًا، لكنه أصبح يمثل مشكلة أكبر في أعقاب الاضطرابات المصرفية الناجمة عن انهيار بنك سيليكون فالي (SVB).
عادة ما يخفف البنك المركزي السياسة النقدية ويخفض أسعار الفائدة عندما ترتفع المخاطر الاقتصادية. ويفعل نفس الشئ في الفترات التي تشهد أزمات مصرفية. لكن أدوات السياسة المعتادة لا تكون متاحة عندما يكون التضخم مرتفعًا. باختصار، يواجه الاحتياطي الفيدرالي عاصفة اقتصادية عاتية وقد تزداد سوءًا.
المشكلة الرئيسية هي أن أدوات السياسة التي يمكن أن يستخدمها بنك الاحتياطي الفيدرالي لترويض التضخم تزيد من المخاطر الاقتصادية وتهدد بتفاقم الاضطرابات المصرفية. باختصار، وجد البنك المركزي نفسه بين المطرقة والسندان.
لا توجد خيارات سياسة جيدة متاحة. بدلاً من ذلك، يتعلق الأمر باختيار السياسة الأقل سوءًا والأمل في الأفضل. التوقعات الحالية ترى أنه بالرغم أن الأزمة التي أثارها انهيار بنك سيليكون فالي SVB قللت من احتمالية زيادة أسعار الفائدة، لكن يبدو أن الطريق أمامنا لا يزال مهيئًا لمزيد من التضييق بسبب مخاطر التضخم المستمرة.
سوق العقود الآجلة لصناديق الاحتياطي الفيدرالي هذا الصباح أظهر تقديرات باحتمالية ضمنية بنسبة 85٪ لزيادة بمقدار 25 نقطة أساس في اجتماع سياسة اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة الأسبوع المقبل. لم تعد معنويات السوق تبحث عن ارتفاع بمقدار 50 نقطة أساس، والذي كان سائدًا قبل أزمة سيليكون فالي. لكن العقود الآجلة لا تزال تسعّر ارتفاعًا آخر بمقدار ¼ نقطة في مايو.
المعنى الضمني: سيواصل الاحتياطي الفيدرالي إعطاء الأولوية لمكافحة التضخم. على هذا الأساس، فإن تحديد مقدار الضغط الذي ينتظر الاقتصاد والقطاع المالي يرتبط ارتباطًا وثيقًا ببيانات التضخم الواردة. وعلى هذه الجبهة نجد أن التوقعات مختلطة.
لنبدأ بالأخبار السارة: التضخم بلغ ذروته. استمرت أسعار المستهلك في التراجع على أساس سنوي في فبراير. لكن الزيادة بنسبة 6.0٪ لمؤشر أسعار المستهلك الرئيسي و 5.5٪ لمؤشر أسعار المستهلك الأساسي لا تزال مرتفعة للغاية بحيث يتعذر على الاحتياطي الفيدرالي إعلان النصر. والواقع أن هدف التضخم البالغ 2٪ للبنك المركزي لا يلوح مطلقًا في الأفق على المدى القريب.
والمشكلة الرئيسية في الوقت الحالي هو أن معدل تباطؤ التضخم بدأ يقل، وبالتالي يبدو أن سياسة بنك الاحتياطي الفيدرالي المشددة ستستمر لفترة أطول مما كان متوقعًا مؤخرًا. ففي الأيام الأخيرة، كانت هناك تكهنات بأن البنك المركزي سوف يخفف من ميله إلى التشدد. هذه توقعات معقولة، لكن يبدو أن التشديد سيستمر، وإن كان بدرجة أكثر اعتدالًا.
من المؤكد أن المسار القادم سيكون أكثر مرونة في أعقاب انهيار سيليكون فالي SVB، ولكن لا يزال الفيل في الغرفة: التضخم المرتفع. إن النظر إلى العديد من المقاييس المختلفة للتضخم يشير إلى أن السيناريو المتفائل هو انخفاض ضغط التسعير إلى مستويات مقبولة في وقت ما في الصيف (لمزيد من التفاصيل على الرسم البياني أدناه، انظر هذه العينة من دليل اتجاهات التضخم الأمريكي هنا).
يكمن الخطر في أن التحيز السلبي للتضخم مستمر في الضعف، كما حدث مؤخرًا. يوضح الرسم البياني التالي أدناه الفرق الشهري في التغييرات السنوية على الرسم البياني لسنة واحدة أعلاه.
ومع ذلك، لا يزال هناك سبب للتفاؤل الحذر. يستمر نموذج التنبؤ الجماعي الخاص بـ CapitalSpectator.com في توقع أن الاتجاه الأساسي لمؤشر أسعار المستهلكين الأساسي لمدة عام واحد سيتراجع أكثر في الأشهر المقبلة.
في غضون ذلك، لا تزال توقعات التضخم تتجه نحو الانخفاض، مما يجعل مهمة بنك الاحتياطي الفيدرالي أسهل في تقليل ضغط التسعير (بناءً على تقديرات من بنك الاحتياطي الفيدرالي في كليفلاند).
في نهاية المطاف، قد تبدأ أقوى أداة لمكافحة التضخم عند نقطة ما: الركود و / أو أزمة مصرفية كاملة
هدف الاحتياطي الفيدرالي، بطبيعة الحال، هو ترويض التضخم مع تقليل الانتكاسات السلبية للاقتصاد والقطاع المصرفي. إنها مهمة غاية في الصعوبة حتى في أفضل الظروف. السؤال هو ما مدى سرعة تخفيف التحدي . سنعرف الإجابة في أرقام التضخم الواردة، جنبًا إلى جنب مع كيفية تطور مخاطر دورة الأعمال والضغوط المصرفية في الأسابيع المقبلة.