لن تربح من الأسواق ما لم تفكر بهذه الطريقة

 " المتداول الذي يربح هو ليس المتداول الذي يملك وجهة نظر ثابتة لا تتغير حول السوق و إنما هو المتداول الذي يكون على أهبة الاستعداد لأي سيناريو سيء قد يحدث في السوق وإن جميع الخيارات الواردة هي ضمن المتوقع"

 مارك دوجلاس في كتاب Trading in the zone

 مارك دوجلاس في كتابه التداول في المنطقة كان يمحور آلية التداول ، حول مبدأ واضح و صريح وهو أن المتداول البارع لا يملك يقين في السوق و كلما ملك المتداول يقيناً في السوق زادت معاناته وخسارته أيضاً ، وإنما على المتداول أن يتداول في الأسواق على أنها بيئة عشوائية وجميع السيناريوهات الواردة في التداول هي أمر ممكن وعلى هذا الأساس لا ينجح من يمتلك عقلية ثابتة لا تتغير مع تغير الاتجاه في السوق.

ليكمل القول بأن من يمتلك يقيناً في السوق كمن يريد أن يقود سيارة في طريق معين مُعصم العينين لأنه قد زار الطريق في الماضي.

 الأمر مشابه تماماً لحالة التداول فنجاح استراتيجية معينة في فترة معينة في الأسواق لا يستلزم نجاحها في المستقبل وهذا هو المبدأ الأول الذي انطلق منه مارك دوجلاس في كتابه التداول في المنطقة  " مبدأ عدم اليقين في الأسواق"

 السوق من وجهة نظر العلم؟

 إذا أراد العالم تفسير أي ظاهرة قد تبدو مستهجنة بعض الشيء لجأ إلى العلم ، فالعلم فسر أصعب الظواهر التي ولدت من الكون ، فلا اعتقد أن ظاهرة ولدت من سلوك البشر من الصعب أن تفسر وعلى هذا نقول أنه إذا أردنا أن نفسر سوق الفوركس من وجهة نظر العلم فأكثر العلوم التي تفسرها هي الاقتصاد السلوكي ، و الرياضيات.

 ينظر الاقتصاد السلوكي على أن الحركة السعرية ( الشارت) التي تنتج على الشاشة ما هي إلا استجابة لمجموعة من العوامل الناتجة من سلوك البشر و البشر بفطرتهم ميالون إلى اتباع نمط ثابت يقود إلى محصلة ثابتة إلا أنه قد يتشكل من حين لآخر انحياز نحو سلوك جديد لكنه في النهاية يقود إلى نفس النمط مثلاً عندما يخاف المجتمع يلجأ القسم الأكبر منه إلى التحفظ ومنه إلى الادخار وهذا ما يرفع سعر السلع النادرة. 

لماذا السوق بيئة احتمالية؟

 ونظراً لأن السوق قد يتبع نمط ثابت إلا أن هذا النمط قد يتغير من حين لآخر فإن الرياضيات تضع الأسواق برمتها ، على أنها احتمال رياضي و يفسر الاحتمال الرياضي على أنه احتمال وقوع حدث مقترن بشرط معين .

مثال:

إذا كان لدينا مجموعة من الأشخاص اتبعت نفس النمط خمس مرات بحال شعرت بالخوف من أصل عشر مرات لم تشعر بالخوف، فإن احتمال ان تتبع نفس النمط هو 50% ، وعلى هذا قاس علماء الرياضيات بالتعاون مع علماء  الاقتصاد السلوكي أن الأسواق بيئة احتمالية بشكل بحت.

 معرفتك لاحتمال وقوع صفقة لا تعني أنها ستقع

 لنفرض أني أخبرتك أن هناك احتمال لصعود السوق نسبته 90% هل هذا يعني أن السوق سيصعد ، نظرياً ، وعملياً يكون الجواب لا ، فإن ارتفاع الاحتمال لا يعني وقوعه.

 مثال لنفرض أنه لديك مكعب من ست أوجه خمسة من هذه الأوجه ذات لون أخضر ، ووجه واحد ذو لون أحمر ، ما احتمال أن نلقي المكعب على الأرض ونحصل على اللون الأخضر؟

 إن الاحتمال الرياضي في هذه الحالة هو 83% لصالح اللون الأخضر، لكن مع هذه النسبة الكبيرة ، إلقاء المكعب و المراهنة على الأخضر لا يعني أن الوجه الأخضر قد يظهر فقد يظهر الوجه الأحمر أربع مرات متتالية وربما خمس مرات على الرغم من أن الاحتمالات تصب لصالح اللون الأخضر.

ومن هنا أتى القانون الرياضي الذي ينص على أن ارتفاع احتمال وقوع الحدث لا يعني وقوعه  ، ولكن الرياضيات لا تترك الأمر عبثاَ هكذا...

 إذا اسقطنا الموضوع ذاته على الأسواق  لدينا خياران صعود ، و هبوط وعلى هذا احتمال وقوع أحد الحدثين هو 50% بغض النظر عن التحليل أي دون أن تقوم بالتحليل أبداً فإن احتمال أن يصعد أو يهبط السوق هو 50% ليبقى دور التحليل على أحسن أموره هو أن يستقرأ لك الاحتمال الأكبر ولكن مع هذا قد لا يقع الخيار ذو الاحتمال الأكبر.

كيف تجعل الاحتمالات لصالحك إذا؟

هل هذا يعني أن نترك التداول لمجرد أنه احتمالي ، لا أبداً ، وإنما عليك أن تجعل الاحتمالات لصالحك فهذه المراهنة الوحيدة التي من الممكن أن تربح.

 لنعود لمثال رمية المكعب ونقول لك متى تكون مراهنتك على اللون الأخضر رابحة؟

هنا تجيبك الرياضيات أن تلقي المكعب أكبر عدد ممكن من المرات.

 في الرياضيات هناك متغير يسمى الانحراف المعياري، وهذا المتغير يدل على مدى قرب الاحتمال من أرض الواقع ، في مثالنا المكعب إذا رمينا المكعب لكي يظهر الوجه الأخضر فإن احتمال أن يظهر هو 83% لكن ما مقدار أن تتحقق هذه النتيجة ، ما مقدار صحة أن يظهر الوجه 83 مرة إذا ألقينا المكعب 100 مرة.

 عملياً وعلى الرغم من أن الرقم الاحتمالي صحيح إلا أنه لن يتحقق على أرض الواقع ، إلا بحال قمنا بالتجربة أكبر ما يمكن لكي نتيح للرقم الاحتمالي أن يظهر.

 وهذا سهل جداً في تجربة أكبر تكلفة لها هي أن تلقي المكعب ، لكن إن أردنا أن نسقط الموضوع على أسواق المال ، فنحن لدينا خيارين الأول صعود و الثاني هبوط واحتمال أحدهما بعد التحليل هو 80% لكن هذا الرقم لن يتحقق من أول مرة ( لن يظهر من أول مرة) ولذك وفقا ً لجواب الرياضيات علينا أن نجرب أكبر عدد ممكن من المرات ، وحتى نقوم بالتجربة أكبر عدد ممكن من المرات في الأسواق عليك أن تجعل تكلفة الخسارة أقل ما يمكن و نتيجة الربح تتيح لك أن تعيد الصفقة ثلاث مرت على الأقل فهذا يبقي الاحتمال لصالحك.

 لذلك إن أهم نصيحتين

1.  أن تجعل الاحتمال لصالحك دوماً من خلال المراهنة على الصفقة ذات الاحتمال الأكبر ومع ذلك لا تثق بأنها ستتحقق لذلك تبقى النصيحة الأولى هي الشق الأول للنصيحة الثانية

2.  قم بالتجربة أكبر عدد ممكن من المرات وهذا من خلال الاعتماد على الراشو الحسابي بحيث كل صفقة رابحة تتيح لك أن تقوم بثلاث صفقات وكل خسارة لا تكلفك الكثير من رأس المال

 يتبع....

 خلاصة القول ورأي المحلل الفني

في الختام عزيزي المتداول ، إن الأسواق بشكل أو بآخر تحتاج إلى التفكير بالعديد من السيناريوهات ، وإن امتلكت عقلية تفكر بسيناريو واحد ، معارضاً السيناريو الآخر فهذا ما يجعلك تعاني من حين لآخر.

 المحلل: عمر الصياح

 لا تتردد في طرح أي سؤال ، أو التواصل معنا إن تطلب الأمر ، فنحن نخصص الكثير من الوقت لكي نسمع منك.

للمزيد....

 Twitter: @SyyahOmar