في ظل استقرار الجنيه المصري بسوق الصرف الرسمية، اتسعت الفجوة بين السعر الرسمي والسعر بالعقود الآجلة والسوق الموازية، إذ ترجح بنوك ومؤسسات وخبراء دوليين انخفاض الجنيه المصرية قريبًا بفعل عدة مؤشرات عادت للواجهة من جديد خلال الأيام القليلة الماضية.
وفي هذا الإطار، تشير الأوراق المالية المدرجة في لندن لأكبر بنكًا مدرجًا في البورصة المصرية إلى توقعات بانخفاض آخر في قيمة الجنيه المصري، وفقًا لما أفادت به وكالة بلومبرغ منذ أيام.
وعلى الجانب الآخر، تراجعت العقود الآجلة غير القابلة للتسليم للجنيه المصري من جديد، أمس الخميس، لتتخطى مستويات الـ 42 جنيه للدولار الواحد لأجل 12 شهرًا، وفقًا لبيانات بلومبرغ.
الذهب إلى 3000..هل نصدق؟ وما السلعة التي تتفوق عليه؟
انخفاض الجنيه.. هل اقترب؟
توقعات المؤسسات الدولية بشأن تخفيض الجنيه لا تعتبر جديدة نسبيا. إذ كانت تدور التوقعات بحدوث تخفيض قبل نهاية شهر مارس الماضي بالتزامن مع رفع أسعار الفائدة التي جاءت متماشية مع التوقعات عند 2% في آخر اجتماع للجنة السياسة النقدية في البنك المركزي المصري.
وفيما يبدو باتت الأسواق تحتسب تخفيضا وشيكا في سعر الجنيه مقابل الدولار، وتوجد عدة مؤشرات قوية على ذلك.
وأحد أهم هذه المؤشرات هو ما كشفته بيانات "تريد ويب" من أن السندات الحكومية المصرية المقومة بالدولار تراجعت يوم الأربعاء، إذ جاء أداؤها منخفضا بشكل حاد عن نظيراتها في الأسواق الناشئة الأخرى، إذ نزل الإصدار القياسي المستحق في 2025 بأكثر من 2.2 سنت.
وارتفع العائد الإضافي الذي يطلبه المستثمرون مقابل شراء سندات مصر الدولارية، بدلاً من سندات الخزانة الأميركية، إلى 1199 نقطة أساس، أي أقل بمقدار 54 نقطة أساس فقط من المستوى القياسي الذي بلغته في يوليو الماضي، وفق بيانات بنك "جيه بي مورغان تشيز".
وتعاني مصر، التي اتفقت على حزمة دعم مالي بثلاثة مليارات دولار مع صندوق النقد الدولي في ديسمبر، من ارتفاع التضخم وشح النقد الأجنبي وتأخر مستمر في الواردات.
سهم البنك التجاري الدولي (EGX:COMI)
تشير الأوراق المالية المتداولة في لندن لأكبر بنك مدرج في مصر إلى توقعات بتخفيض آخر لقيمة العملة المصرية.
إذ يتم تداول شهادات الإيداع الخاصة بالبنك التجاري الدولي في بورصة لندن (LON:LSEG) بخصم 31%، مقارنة بسعر سهمه في القاهرة، وهو أكبر فارق منذ أغسطس 2016. "هذا يعكس التوقعات بأن مصر ستسمح لعملتها بالتراجع مرة أخرى"، وفقًا لحسن مالك، المحلل الاستراتيجي في "تيليمر" في دبي.
,يعمل نظام شهادات الإيداع علي تحقيق زيادة ملموسة في الاستثمار الأجنبي غير المباشر في الأوراق المالية المصرية، حيث أن الفكرة الأساسية في نظام شهادات الإيداع قائمة أساسًا على تحقيق إمكانية عرض أوراق مالية محلية في أسواق عالمية من خلال إدراج وتداول شهادات الإيداع فى البورصات العالمية (بحيث تكون الأوراق المحلية محفوظة باسم بنوك الإيداع الدولية "وسيط دولي" في مصر كغطاء لشهادات الإيداع).
حيث تقر الجمعيات العمومية غير عادية للشركات المدرجة في البورصة إصدار شهادات إيداع في البورصات الأجنبية بنسب محددة. حيث تضع القواعد حدًا أقصى لإصدار الشهادات وهو ثلث رأس المال.
وطبقا لقرارات الجمعية، فكل شهادة مصدرة في البورصات الخارجية يقابلها سهم في البورصة المصرية، وبالتالي من المفترض أن يساوي سعر الشهادة في الخارج سعر السهم في الداخل مع الآخذ في الاعتبار فارق سعر العملة، حيث يتم تقييم الشهادات في الخارج بالعملات الأجنبية. وبالتالي فسعر الشهادة في البورصة الأجنبية من المفترض أن يساوي سعر السهم في مصر مقسومًا علي سعر صرف الجنيه للدولار.
وبناءً على ما سبق، يتوقع الخبراء انخفاض الجنيه قريبًا بسبب فارق سعري سهم البنك التجاري الدولي، إذ سجل في البورصة المصرية مع إغلاق أمس حوال 58.5 جنيه، فيما تبلغ الشهادة في بورصة لندن حوالي 1.21 دولار أمريكي.
العقود الآجلة والتحوط من انخفاض العملة
اتجه المستثمرون في البحث عن غطاء مع تزايد مخاوف الأسواق من اضطرار مصر قريباً للتسليم أمام ضغوط تنفيذ واحدة من أسرع عمليات تخفيض قيمة العملة تشهدها البلاد حتى الآن، وفقًا لوكالة بلومبرغ.
وتشير أحدث بيانات للعقود الآجلة غير القابلة للتسليم - أجل 12 شهرًا - إلى تسجيل الجنيه مستويات الـ 42.1 أمام الدولار، اليوم الخميس، وذلك بعد أن تخطت الـ 41 مطلع الأسبوع الماضي. بينما تجاوزت حاجز الـ 40 منذ ما يقرب من 3 أسابيع.
هذه التغيرات تعكس توقعات بعض المشاركين في السوق بأن السلطات المصرية سوف تسمح بهبوط سريع لقيمة الجنيه في نهاية شهر رمضان أو بعد انتهائه، أي في النصف الثاني من الأسبوع القادم تقريباً، وفق تصريحات غيرغلي أورموسي من بنك "سوسيته جنرال".
وفي هذا الشأن، قال أورموسي، محلل الأسواق الناشئة في لندن: "هناك إجماع بين اللاعبين في السوق – ومنهم أنا – على أن قيمة الجنيه المصري سوف تنخفض. وكلما تأخرت السلطات في ذلك؛ زاد حجم تخفيض قيمة العملة".
والجدير بالذكر أن العقود الآجلة للجنيه مقابل الدولار قد تراجعت إلى 35 جنيهًا للدولار بنهاية العام الماضي، ثم هبطت من جديد في الأول من مارس إلى مستويات الـ 37 جنيهًا للدولار، قبل أن تصل إلى الـ 39 جنيه للدولار الواحد في منتصف الشهر الماضي.