تسببت الضبابية التي تحيط بسعر صرف الجنيه المصري أمام العملات الأجنبية في تعليق بعض الشركات والصناديق الخليجية لاستثماراتها في مصر، وذلك على وقع أزمة شح الدولار التي ما زال يعاني منها الاقتصاد المصري في الوقت الحالي.
ومنذ أيام كشفت صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية أن مصر تواجه صعوبات بشأن خطط بيع الأصول المملوكة للدول للمانحين الخليجيين. بجانب إعلان رجل الأعمال المصري، سميح ساويرس، تعليق استثماراته الجديدة في مصر. حيث تتعدد أسباب إحجام المستثمرين عن ضخ المزيد من الاستثمارات في الاقتصاد، ولكن يكمن السبب الأبرز الذي اتفق عليه الجميع، هو أزمة سعر الصرف والسيولة الدولارية التي تشهدها مصر حاليًا.
لماذا تخارجت الشركات الخليجية من مصر؟
قال فيصل فلكناز الرئيس التنفيذي للشؤون المالية والاستدامة لشركة الدار العقارية الإماراتية إن المجموعة ستؤجل أي استثمارات أخرى في مصر لحين استقرار الأوضاع هناك، مؤكدًا "نتخذ نهجا حذرا للغاية في إطلاق المشاريع".
وأضاف "لن نضخ المزيد من الأموال في الأعمال إلى أن تستقر الأمور أكثر"، مشيرا إلى أن الشركة تبقي على نظرة متفائلة للأوضاع في مصر على المدى الطويل.
وأوقفت أيضًا الشركة المتحدة للإلكترونيات (TADAWUL:4003) "إكسترا" السعودية أيضا خططها التوسعية في مصر يوم الاثنين، والتي كانت تتضمن تأسيس شركة تابعة وضخ استثمارات أولية مباشرة، مرجعة توقفها إلى "عدم وضوح التوقعات المستقبلية للسوق المحلية".
وقررت شركة تابي الإماراتية أيضًا في فبراير الماضي تعليق عملياتها في السوق المصرية، أي بعد ستة أشهر فقط من دخولها، بسبب الأزمة الاقتصادية.
إذ كان العامل الرئيسي في تخارج الشركات حسب ما ورد في بياناتهم هو الأزمة الاقتصادية التي عانت منها مصر مؤخرًا بسبب شح السيولة الدولارية. وهو ما أكد عليه رجل الأعمال المصري سميح ساويرس، حيث أشار إلى أن السبب الرئيسي وراء صعوبة الدخول في فرص استثمارية في مصر هو الضبابية بشأن سعر الجنيه مقابل الدولار الأميركي، مشيرا إلى أنه لن يدخل في استثمارات جديدة في مصر بسبب صعوبة دراسة ربحية المشروع إثر أزمة صرف العملة.
وعلى الجانب الآخر، جاء الرد سريعًا من رئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، حيث أعلن عن تنظيم مؤتمر صحفي خلال الأيام القادمة، بحضور وسائل الإعلام المصرية والعالمية، لشرح محددات الموقف الاقتصادي والرد على التساؤلات المطروحة على الساحة، بشأن عدد من الملفات المختلفة، في محاولة لطمأنة المستثمرين.
صفقة باكين تعيد الأمل
على الرغم تخارج العديد من الشركات الخليجية كما أشرنا سابقًا، استحوذت شركة الأصباغ الإماراتية على شركة باكين المصرية، مما يشير إلى أن الشركة الإماراتية ترى سوقًا واعدة في مصر، خاصة بعد مزايدتها السعرية الشرسة مع شركة إيجلز كيميكالز المصرية وإصرارها على الحصول على شركة باكين المصرية.
وأعلنت البورصة المصرية يوم الثلاثاء استحواذ شركة الأصباغ الوطنية الإماراتية على ما يقرب من 81% أسهم شركة البويات والصناعات الكيماوية "باكين" (EGX:PACH) التابعة للحكومة المصرية، في صفقة بلغت قيمتها 770.4 مليون جنيه.
وكانت البورصة المصرية قد أفادت في بيان صادر يوم 10 من الشهر الماضي، بأنه تم تعديل سعر عرض الشراء المقدم من شركة الأصباغ الإماراتية ليصبح 39.80 جنيه للسهم بدلاً من 37.75 جنيه للسهم.
وكانت الهيئة العامة للرقابة المالية، وافقت على قيام شركة شركة إيجل كيميكالز لصناعة وتجارة الكيماويات، بتعديل سعر العرض المقدم منها ليصبح سعر العرض بعد التعديل 39 جنيهاً للسهم الواحد بدلاً من 37 جنيهاً للسهم، أي بزيادة 2 جنيه على السعر السابق.
وجاء تعديل إيجل سعر عرض الشراء بعد قيام شركة الأصباغ الوطنية القابضة المحدودة بتعديل سعر العرض الخاص بها ليصبح 37.75 جنيه للسهم الواحد، بدلاً من 36 جنيهاً، أي بزيادة 1.75 جنيه عن السعر السابق.
ولكن.. ما الذي يؤخر مبيعات الأصول؟
أفاد بنك أوف أمريكا (NYSE:BAC) في تقرير حديث صدر، يوم الثلاثاء، بأن الافتقار إلى سيولة العملات الأجنبية وضبابية أسعار الصرف من بين العوامل التي تؤخر مبيعات الأصول.
وأضاف البنك الأمريكي: تشير مراجعتنا لمبيعات الأصول المخطط لها بناءً على تقارير صحفية عامة إلى أن تأخيرات عمليات البيع ربما كانت بسبب التنفيذ وعدم اليقين بشأن العملات الأجنبية والتقييمات والاعتبارات التنظيمية، فضلاً عن عدم وجود دعم خارجي. مشيرًا إلى أن عمليات بيع الأصول المعلن عنها قد لا تكون كفاية لحل الأزمة.
وتابع البنك: إن برنامج الطروحات الحكومية وعمليات بيع الأصول يمكن أن تسير قدمًا ولكن بشرط خفض أسعارها، ومع ذلك قد لا يرقى إلى مستوى الأهداف الطموحة لبرنامج صندوق النقد الدولي، الذي أشار عند موافقته على إقراض مصر 3 مليارات دولار في ديسمبر الماضي إلى أن السلطات المصرية ستبيع أصولًا مملوكة للدولة للحصول على تمويلات خارجية.
وحذر البنك من أن التأخير في مبيعات الأصول سيزيد من احتمالية إجراء تعديل حاد في سعر صرف الجنيه المصري أمام العملات الأجنبية. وفي غياب المبيعات الكبيرة للأصول، قد تصبح إعادة هيكلة الالتزامات حتمية بالنظر إلى الفجوة التمويلية الكبيرة المحتملة.