لا شئ ينافس اسعار الدولار في الشارع المصري إلا اسعار الذهب ، بل ويتفوق عليها ، لدرجة انه اصبح هناك مصطلحاً متداولاً بين المهتمين بالمعدن الاصفر في مصر اسمه (دولار الصاغة)
دولار الصاغة في مصر هو الاساس في تسعير الذهب في الصاغة المصرية ، ويتفوق دولار الصاغة على الدولار الموازي في السوق ، حيث يتم تسعيره بفارق جنيهان او اكثر عن الموازي حالياً
نجح الذهب في مصر يوم 27 ديسمبر الماضي في تحقيق سعر تاريخي غير مسبوق وهو 3300 جنيهاً للجرام عيار 21 للبيع و 3350 جنيهاً للشراء ، لكنه لم ينجح في التماسك على هذا المستوى حيث هوت الاسعار في اليوم التالي قرابة 10% لتلامس مستويات 3000 جنيها للجرام قبل ان تعاود الارتفاع مجدداً وتغلق بالامس عند 3150 جنيها للجرام.
وبما ان الاساس في التسعير كما سبق وان ذكرنا هو تحركات الدولار في السوق الموازي والصاغة المصرية ، فإن الاخبار والبيانات الواردة عن المركزي المصري واحتياطي النقد الاجنبي والميزان التجاري والفائدة في طليعة البيانات المؤثرة والمهمة في اسعار صرف العملة الاجنبية في اسواق العملة المصرية وكذلك اسعار السلع المختلفة.
كان لقرار المركزي المصري في الاسبوع قبل الماضي بتثبيت الفائدة اثراً كبيرا في ارتفاع الذهب في الصاغة المصرية وإنطلاقه مباشرة من 2950 جنيهاً للجرام حتى 3300 جنيهاً ، وهو ما يعني ان في الاجتماعات المقبلة سيكون تثبيت الفائدة وعدم تحريك سعر الصرف ليكون اكثر مرونة سيصب ذلك في مصلحة الذهب المصري وكذلك الدولار الموازي.
على جانب اخر ينتظر العرض النقدي المصري خروج شهادات الاستثمار ذات عوائد 25% بدءاً من يناير المقبل وهو ما قد يمثل ضغطاً زائداً للسيولة والتي قد تجد في الذهب ملاذاً اكثر اماناً لحفظ القيمة الشرائية ، حيث ان مستثمر الشهادات الذي استثمر امواله في يناير 2023 حصل على عوائد بقيمة 25% في حين واصل التضخم ارتفاع ليبلغ 35% ، وارتفع الذهب في نفس الفترة 100% كاملة وهو ما قد يدفع حاملي الشهادات للتفكير مرتين قبل تجديد الشهادات بالفائدة الحالية والتي هي اقل ارتفاعاً حيث تبلغ 19% .
بمقياس بسيط الفائدة المصرية الان 19% في حين ان التضخم 35% ، ومع زيادة العرض النقدي بالسوق قد يزداد التضخم إرتفاعاً خاصة وان البنوك المركزية العالمية تنتقد الاسواق في مبالغتها حيال انخفاض التضخم ، حيث تبدي البنوك المركزية الرئيسية حول العالم شكوكاً حول اتجاه التضخم الهابط حاليا مع ترجيحهم عودته للإرتفاع مجدداً.
لذا وبناء على ما سبق من تحليل اساسي ان الذهب في مصر مرجح لمزيد من الارتفاعات في ظل حفاظ المركزي المصري على السياسات النقدية الحالية بتثبيت اسعار الفائدة وسعر الصرف معاً.
تتغير وجهة النظر تلك في حال ما اتخذ المركزي المصري خطوة قوية نحو تحريك الصرف الى مستويات مقاربة لاسعار الدولار الموازي مع رفع للفائدة لتقترب من مستويات التضخم ، في هذه الحالة فقط قد نجد الذهب المصري بدأ في التراجع بوتيرة جيدة نظراً للنمط المتكرر لدولار السوق الموازي في الهبوط مع كل تحريك لسعر صرف الدولار مقابل الجنية المصري.
النظرة الفنية: شارت الذهب المحلي عيار 21
نجح الذهب في مصر في الثبات اعلى مستوى الدعم عند 23% من مستويات فيبوناتشي للتصحيحات الهابطة ليكون دعماً هاما في منطقة 3000 جنيهاً لعيار 21 ، والتي نجحت في دعم الاسعار مجددا نحو مستويات قرب 3200 جنيهاً للجرام
نتوقع التذبذب الجانبي مؤقتا بين منطقتي 3000 جنيها للجرام و 3300 جنيها للجرام والتي تصلح للمضاربة قصيرة الاجل لحين اختراق اي من المنطقتين.
في حال فشل الذهب في الحفاظ على مستوى الدعم 3000 جنيها ، في تلك الحالة سنتوجه لمستويات 2850 منطقة الدعم الثاني ، ثم 2700 والتي تعتبر الدعم الرئيسي والمركزي للذهب حالياً.
اما في حالة نجح الذهب في اختراق مستويات 3300 فإن المجال سيكون مفتوحاً لزيارة 3500 جنيهاً للجرام وربما ابعد من ذلك.
الذهب العالمي
على صعيد الذهب العالمي فإن الاوضاع لا تخلو من الدراما ايضاً ن حيث اغلق الذهب اعلى اغلاق شهري وسنوي في التاريخ في شهر الارقام القياسية ديسمبر 2023 . في حين يسعر السوق تخفيضاً للفائدة في شهر مارس المقبل ، ينتقد اعضاء المركزي الامريكي والاوروبي "إفراط" السوق في التفاؤل ، في حين يبدي اعضاء المركزي شكوكاً هو امكانية مواصلة التضخم للإتجاه الهابط الحالي.
تطل علينا بيانات التضخم الاوروبي وكذلك بيانات الوظائف الامريكية يوم الجمعة المقبل ، الوظائف التي مازالت قوية وتسبب صداعا للسيد جيروم باول حيث ان انخفاض البطالة يؤثر بالسلب ويلقى بظلال من الخوف على احتمالية مواصلة التضخم للهبوط.
لذا نترقب معاً البيانات والتي اذا جائت كما هو متوقع (انخفاض في الوظائف وارتفاع في البطالة) فسيعزز ذلك من تماسك الذهب في المناطق الحالية واذا جائت البيانات اكثر سوءاً لسوق العمل الامريكي قد نتخطى حاجز 2100$ للأوقية مجدداً.
اما في حالة ما اذا صدرت البيانات ايجابية لسوق العمل في هذه الحالة نرى ان الذهب قد حقق ذروة الصعود مؤقتا في الموجة الحالية وسيبدأ رحلة البحث عن دعوم.
النظرة الفنية: شارت الاوقية العالمية
ما زال الذهب يجد إشكالية في اقوى مناطق المقاومة الفعلية 2070$ والنجاح في الثبات اعلاها لعدة ايام ، حيث يفشل عادة في الاغلاق اعلاها يومين متتالين ، لا نضع تداولات الاسبوع الماضي محل جديةً الى حد كبير نظراً لإنخفاض السيولة بالاسواق بمناسبة موسم الاعياد الغربية ، لذا يجب علينا مراقبة السوق الاسبوع المقبل خاصة وانه سيكون الإسبوع رقم (13) في الموجة الصاعدة الحالية ، وعادة ما تنتهي موجات صعود الذهب ما بين 11 / 13 اسبوع.
نرى مستويات 2075$ للأوقية هو مستوى مقاومة هام بالثبات اسفله يظل الذهب مرجحاً للتذبذب الجانبي بين مستويات 2045$ وحتى 2075$ الى حين اختراق اي من الرقمين.
في حالة نجح الذهب في اختراق مستويات 2075$ فسيتحتم علينا مراقبة اغلاق اذهب على الاقل يومين اعلى هذا المستوى لنستطيع الحكم على الاختراق ، خاصة وان اختراق هذه المنطقة له معاني جيدة وسعيدة للغاية بالنسبة للثيران.
اما في حالة فشل الذهب في الثبات اعلى مستوى 2045$ فإنه سيكون مرجحاً وبقوة مواصلة الهبوط لاعادة اختبار المتوسط المتحرك 50 يوم في منطقة 2010$ للأوقية
تمنياتي بتداول سعيد وربح وفير
كريم راغب – محلل فني