هل هناك تصحيح منتظر للأسهم الأمريكية؟

هناك الكثير من التوقعات الخاصة بحدوث حركة تصحيحية بالأسهم الأمريكية، جاء ذلك مع التزايد في كل ارتفاع للمؤشرات الخاصة بالأسهم، ولكن وفي كل مرة يفاجأ المتابعون بعدم حدوث أي تراجع بالأسعار، حيث نجد أن الأسواق وكأنها تتحدى الجميع وتعتبر هذه الظاهرة هي ظاهرة غريبة من نوعها، بأن تستمر الأسهم بحالة التماسك والارتفاع مع استمرار السندات بالتراجع، وعلى الرغم من كثرة التحديات وكذلك التقلبات والتي تواجه الاقتصادات العالمية. 

وفي الوقت الذي تتخطى فيه أحجام أصول الصناديق بأسواق النقد لأول مرة ستة تريليونات دولار وهو مايعني التوجه للأموال تجاه العوائد العالية المخاطرة.

التصحيح المنتظر متى يأتي؟

لاشك أن حركة الأسهم الأمريكية تحكمها العديد من العوامل الأساسية الخاصة بها دون غيرها، وهو مايجعل من الصعب حدوث أي أنهيار أو تصحيح قبل وقته، والسؤال هنا من يحدد وقته؟ حيث أنه هل بالإمكان قيام أحد يتحديد وقت التراجع للأسعار وهل أصبحت النظريات الخاصة بالمؤامرة وذلك بشأن من يتحكم في العالم وأمواله أمر حقيقي؟ 

بالرد على هذه التساؤلات يمكن القول أن هناك الكثير من العوامل الهيكلية والتي تجعل الأسهم الأمريكية تتحرك بشكل مختلف عن بقية أسواق الأسهم العالمية، ولو أننا نظرنا لأداء الأسواق في ال 15 عام السابقة سوف نجد أن الأسهم الأمريكية ترتفع أكثر من غيرها بكثير، فنجد أن مؤشر إس آند بي 500 الأمريكي مرتفع ب 560 بالمائة في حين الألماني 352% بينما البريطاني فإن الارتفاع يكون ب 104%. 

حجم الأسهم الأمريكية 

لاشك أن الحركة اليومية للأسهم الأمريكية ضخمة جداً، فعلى سبيل المثال التداولات لأسهم الشركات الكبيرة المعروفة تتخطى ال 100 مليار يومياً للشركة، ولو أننا سوف نقارن ذلك الأمر بسوق الأسهم السعودية والتي تعتبر العاشرة على مستوى العالم عبر تداولات لاتتخطى العشرة مليارات ريال في اليوم، فنجد أن الضخامة في حجم السوق تجعل من الصعب جداً تغيير الاتجاه بسهولة دون الخروج لأموال كبيرة منه في وقت قليل، حيث نجد أن الغالبية للملكية هنا في أيدي مؤسسات مالية كبيرة جداً، ولاتهدف للمضاربة كالمؤسسات التقاعدية وكذلك صناديق الاستثمار الكبري وايضاً مديري الأصول، الأمر الذي يدير أصول تتخطى العديد من التريليونات من الدولارات، ومن جهة أخرى فإن هناك مؤسسات صناعة السوق المسؤولة عن التنفيذ لعمليات البيع والشراء، حيث أنها تلعب دور المشتري والبائع في نفس الوقت، ويمتلكون كميات كبيرة من الأسهم في محاولة لعدم تعريضها لأية مخاطر فالمكاسب هنا تأتي من الاستقرار للأسهم لا الطلوع ولا النزول. 

نجد أن الأسهم الأمريكية لا تتأثر فقط بحركات الشراء والبيع اليومية ولكنها تعتبر مرتبطة بأسواق العقود الخاصة بالخيارات والعقود المستقبلية، حيث أنه على سبيل المثال نجد أن صانع السوق يقوم بالشراء لكميات معينة من الأسهم، في مقابل بيعها لعقود ال كول بسوق الخيارات مع البيع على المكشوف، وذلك بسبب القيام لأحد المتداولين بشراء عقود البوت الأمر الذي يعني أن هناك حركات متبادلة مابين عقود الخيارات وكذلك العقود المسقبلية من جهة وكذلك سوق الأسهم من الجانب الآخر، ولكي يحدث هبوط بأسعار الأسهم نجد أن الأمر يتطلب قيام المؤسسات الكبيرة ببيع أسهمها بشكل مكثف لدرجة أن يجد الصناع للسوق أنهم غير قادرين بشراءها بدون خصم كبير بأسعارها فقبل حدوث ذلك لن تهبط الأسهم بشكل جيد.

ولا شك أن أحد أهم الأسباب الخاصة بتماسك الأسهم الأمريكية بالأعوام السابقة يرجع للتطور الكبير بأسواق المشتقات المالية، مع الانجذاب لفئات عديدة من المستثمرين تجاهها لكي يستفيدوا من الرافعة المالية والتي تمنحها المشتقات، ولكن في نفس الوقت فإن هذه المشتقات تعتبر تهديد للمؤسسات المالية وكذلك الصناديق الكبيرة، وبمعنى أن من وجهة نظرهم ليس من الجيد السماح لصغار المستثمرين بتعريض أصول تلك المؤسسات المالية للمخاطر الخاصة بتراجع الأسعار، ويمكن لنا الملاحظة لما يحدث بأسواق الخيارات في كل أسبوع وذلك حينما يأتي اليوم والذي سوف تنتهي فيه العقود. 

ونجد كذلك أن هناك حركات بيعية وشرائية قوية وتنجح بالكثير من الأحيان بإبقاء سعر الأسهم بأماكن تنتج عنها خسائر لأكبر عدد ممكن من العقود.