رغم أن الاستطلاعات الأولية تشير إلى تفوق مرشحة الحزب الديمقراطي "كاميلا هاريس" على ترامب، إلا أنه في حال تمكن مرشح الحزب الجمهوري "دونالد ترامب" من الفوز في هذه الانتخابات، سيكون في ولايته الثانية أقوى بكثير من الأولى، لأنه سيحظى بدعم كبير من الشخصيات المؤثرة سياسياً واقتصادياً داخل الولايات المتحدة الأمريكية.
ومن أبرزهم "إيلون ماسك" مؤسس شركتي تيسلا (NASDAQ:TSLA) وسبيس إكس، وجيف بيزوس مؤسس شركة أمازون (NASDAQ:AMZN). كما يحظى بدعم كبير داخل الحزب الجمهوري، وكذلك من المؤثرين في المجتمع الأمريكي. ويدعمه حوالي 26 مليارديراً، بثروة إجمالية تقارب 143 مليار دولار، وقد قدموا تبرعات بنحو 162 مليون دولار لحملته الانتخابية. كل هذا سيعزز موقف ترامب في إدارة البيت الأبيض في حال فوزه في انتخابات نوفمبر القادمة.
تداعياته على النفط والتجارة الدولية:
يشهد الاقتصاد العالمي حالياً تباطؤاً، وتأتي في مقدمة الدول المتأثرة الولايات المتحدة الأمريكية، الصين، والاتحاد الأوروبي. لهذا السبب نرى حالياً أن أسعار النفط تميل إلى الاتجاه الهبوطي، حيث كسر النفط حاجز 70 دولاراً للبرميل، رغم التوترات الجيوسياسية في الشرق الأوسط والتوترات العسكرية في البحر الأحمر وليبيا.
إذا فاز ترامب في الانتخابات، فسوف يؤثر بشكل كبير على قطاع النفط، إذ أن سياسته النفطية معروفة بمعارضتها للدول المنتجة للنفط، بينما يدعم الشركات النفطية الأمريكية والوقود الأحفوري. هذا يعني أنه سيدعم زيادة الإنتاج، مما سيؤدي إلى تأثير سلبي على الدول المصدرة للنفط.
كما أن ترامب انسحب في عام 2017 من اتفاقية باريس لتغير المناخ، إلا أن الولايات المتحدة عادت إليها في عهد جو بايدن في مطلع 2021. وفي الماضي كان ترامب يعارض السيارات الكهربائية، لكنه الآن يدعمها بشكل محدود، نظراً لعلاقته مع إيلون ماسك.
تعهد ترامب أيضاً بزيادة الرسوم الجمركية بنسبة 60% على البضائع الصينية، مما سيؤثر سلباً على الصادرات الصينية. كما تعهد بفرض رسوم جمركية بنسبة 10% على جميع الواردات، وستكون أوروبا من أبرز المتضررين. وإذا اندلعت حرب تجارية مع الصين والاتحاد الأوروبي، فستكون تكلفتها باهظة على الاقتصاد العالمي، وستزيد من التضخم، وتؤدي إلى تباطؤ الاقتصاد العالمي.
تداعياته على أزمة روسيا وأوكرانيا:
في ولايته الأولى، كان ترامب داعماً لروسيا، وذكر أكثر من مرة أنه قادر على إنهاء الأزمة بين روسيا وأوكرانيا عبر مساومات بين الولايات المتحدة وروسيا. هذا قد يحدث على حساب الاتحاد الأوروبي وإيران، وهو ما يعد عاملاً سلبياً على أسعار النفط إذا رُفعت العقوبات عن روسيا.
في المقابل، يسعى ترامب إلى خنق الاقتصاد الإيراني بشكل أكبر، عبر تقليص صادرات النفط الإيرانية إلى حوالي 500 ألف برميل يومياً كما كان في عهده. هذا قد يكون العامل الإيجابي الوحيد على أسعار النفط، لكن تأثيره سيكون محدوداً.
تداعياته على العملات الرقمية المشفرة:
ترامب غيّر موقفه تجاه العملات الرقمية المشفرة مؤخراً، بعد أن كان معارضاً لها. الآن، يدعم العملات الرقمية وفي مقدمتها البيتكوين، وانتقد هيئة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية (SEC). كما أسس منصة خاصة بالعملات الرقمية، ويسعى إلى جعل الولايات المتحدة عاصمة لهذه العملات، مما يشير إلى احتمال ازدهار العملات المشفرة في عهده، إذا لم يدخل الاقتصاد الأمريكي في مرحلة "هبوط حاد".
تداعياته على الأسهم الأمريكية:
من جهة، سيدعم ترامب الشركات الأمريكية الكبرى من خلال خفض الضرائب، وسيضغط على البنك الاحتياطي الفيدرالي لخفض معدلات الفائدة بسرعة أكبر. ومع انخفاض أسعار النفط، ستكون هذه التداعيات إيجابية على الاقتصاد الأمريكي، خاصة في القطاع الصناعي.
ولكن من جهة أخرى، سيزيد الرسوم الجمركية، مما سيؤدي إلى ضغوط تضخمية وتباطؤ في الاقتصاد الأمريكي، وتداعيات سلبية على أسهم الشركات الأمريكية بسبب الحرب التجارية التي سيقودها ترامب.
تداعياته على السياسة النقدية للبنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي:
العلاقة بين ترامب والبنك الاحتياطي الفيدرالي كانت متوترة في ولايته الأولى، وقد صرح بأنه لن يقيل جيروم باول، رئيس البنك، حتى انتهاء ولايته. ولكن ترامب سيواصل الضغط على البنك للتشاور معه في قرارات معدلات الفائدة. في ولايته الثانية، قد يشهد الاقتصاد الأمريكي تضارباً بين السياسة المالية والنقدية، حيث يسعى ترامب إلى خفض الضرائب مع زيادة الرسوم الجمركية، مما سيولد ضغوطاً تضخمية.
تداعياته على الاقتصاد العراقي:
تداعيات فوز ترامب ستكون سلبية على الاقتصاد العراقي لسببين رئيسيين:
1. سياسة ترامب المناهضة للدول المنتجة للنفط ستسعى إلى خفض أسعار النفط، مما سيؤثر سلباً على الاقتصاد العراقي الذي يعتمد بشكل كبير على القطاع النفطي.
2. أزمة شح الدولار في العراق قد تتفاقم، مما سيؤدي إلى استنزاف قيمة الدينار العراقي. وإذا زادت حدة الصراع بين إيران والولايات المتحدة في العراق، فقد تتعرض البلاد لعقوبات اقتصادية جديدة من قبل الولايات المتحدة.
الخلاصة:
في حال فوز دونالد ترامب، سيشهد الاقتصاد العالمي تحولات جذرية، ما يفسر عدم رغبة معظم الدول في فوزه، باستثناء روسيا.
إيفان شاكر الدوبرداني / محلل اقتصادي