مع تصاعد المخاوف حول مستقبل الاقتصاد العالمي، يُطرح سؤال مهم: هل نحن على أعتاب انهيار اقتصادي جديد؟ لفهم هذا السيناريو المحتمل، علينا تحليل مجموعة من العوامل المؤثرة على الساحة الاقتصادية العالمية.
1. التضخم وارتفاع أسعار الفائدة
منذ عام 2020، شهدت الاقتصادات الكبرى زيادات ملحوظة في معدلات التضخم نتيجة السياسات التوسعية وضخ السيولة في الأسواق لمواجهة جائحة كورونا. لمواجهة التضخم المتسارع، عمدت البنوك المركزية، مثل الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي والبنك المركزي الأوروبي، إلى رفع أسعار الفائدة بشكل كبير. هذا أدى إلى:
• زيادة تكلفة الاقتراض للشركات والأفراد.
• تباطؤ النشاط الاقتصادي، خاصة في القطاعات الحساسة مثل العقارات.
• ضغوط مالية على الاقتصادات الناشئة بسبب ارتفاع تكلفة الديون بالدولار.
2. التوترات الجيوسياسية وسلاسل التوريد
الحرب الروسية الأوكرانية، إلى جانب التوترات في شرق آسيا، أدت إلى:
• ارتفاع أسعار الطاقة والمواد الغذائية.
• تعطيل سلاسل التوريد العالمية.
• تفاقم ضغوط التكلفة على الشركات والمستهلكين.
3. ديون الحكومات والشركات
بلغت مستويات الدين العالمي أرقامًا قياسية، حيث أنفق العديد من الحكومات بشكل مفرط لدعم اقتصاداتها خلال الجائحة. الآن، ومع ارتفاع أسعار الفائدة:
• تعاني الحكومات من صعوبة تمويل العجز.
• تواجه الشركات المثقلة بالديون خطر الإفلاس.
4. تراجع الثقة في الأسواق المالية
شهدت الأسواق المالية تقلبات حادة مع تراجع شهية المستثمرين للمخاطرة:
• هبوط أسعار الأسهم، خاصة في قطاعات التكنولوجيا.
• ارتفاع العوائد على السندات الحكومية، مما يشير إلى قلق المستثمرين بشأن الاستقرار المالي.
• انخفاض كبير في العملات المشفرة.
5. التباطؤ في الصين
الصين، التي كانت محركًا رئيسيًا للنمو العالمي، تعاني من:
• أزمة في قطاع العقارات.
• تباطؤ في الاستهلاك المحلي.
• تحديات في التصدير نتيجة التوترات التجارية مع الغرب.
هل الانهيار الاقتصادي وشيك؟
رغم التحديات المذكورة، من المهم الإشارة إلى أن الاقتصادات الكبرى ما زالت تتمتع بمرونة نسبية. على سبيل المثال:
• سوق العمل في الولايات المتحدة وأوروبا لا يزال قويًا نسبيًا.
• بعض القطاعات، مثل التكنولوجيا الخضراء، تشهد نموًا ملحوظًا.
• تنسيق دولي متزايد بين البنوك المركزية لدعم الاستقرار المالي.
ما الذي يجب مراقبته؟
للتأكد من احتمالية حدوث انهيار اقتصادي، يجب متابعة:
• تطورات أسعار الفائدة وسياسات البنوك المركزية.
• أداء الاقتصادات الناشئة ومدى قدرتها على تحمل ضغوط الديون.
• مؤشرات الثقة الاستهلاكية والإنفاق.
• استقرار القطاع المصرفي، خاصة في مواجهة ارتفاع معدلات التخلف عن السداد.
الخلاصة
في الوقت الحالي، لا يمكن الجزم بأن العالم يواجه انهيارًا اقتصاديًا وشيكًا، لكنه بلا شك يمر بمرحلة حساسة تتطلب مراقبة دقيقة وتحركات مدروسة من الحكومات والبنوك المركزية. التخطيط المالي الذكي والابتعاد عن المخاطر المبالغ فيها هما المفتاح لمواجهة هذه التحديات.
باسل عبيدات / متداول بالأسواق المالية العالمية