الذهب الأصفر والذهب الأسود لعبة تجارية من نوع آخر!

تم النشر 18/02/2025, 13:13

في قلب الصراعات الاقتصادية الدولية، يظهر النفط والذهب كأبطال يتقلبون بين السياسة، التضخم، والقرارات الحاسمة. هذه الأيام، يواصل الذهب رحلة صعوده المجنونة إلى القمة، حيث يُعَدُّ الملاذ الآمن في ظل ارتفاع معدلات التضخم في الولايات المتحدة. فعلى مدار الأسبوع الماضي، انتشرت الأنباء التي أظهرت ارتفاعًا في التضخم إلى أعلى مستوياته خلال 15 شهرًا. تأثير ذلك واضح: زيادة الطلب على الذهب كملاذ آمن وارتفاعه إلى مستويات تاريخية، حيث أعاد الذهب اختبار مستويات مقاومة سابقة عند مستويات 2915 دولارًا للأونصة.

لكن الذهب ليس وحده في هذا الصراع. إذا ألقينا نظرة على النفط، نجد أنه يمر بفترة من التقلبات المستمرة. فخام غرب تكساس، الذي يعد بمثابة بارومتر لأسواق النفط العالمية، شهد انخفاضًا لمدة 4 أسابيع متواصلة. لكن، وفي الأسبوع الماضي، بدأت الأسعار تصعد مرة أخرى، وبلغت مستويات تقترب من 71.50 دولارًا للبرميل. لماذا؟ السبب يعود إلى تأجيل فرض الرسوم الجمركية الانتقامية من الاتحاد الأوروبي ردًا على تدابير ترامب التي فرضت رسومًا على صادرات الولايات المتحدة. ولكن هذا ليس كل شيء!

الهجوم على كازاخستان: أزمة جديدة؟

هناك عنصر إضافي يلعب دورًا في حركة أسعار النفط، وهو الهجوم الذي تعرضت له محطة ضخ لخط أنابيب النفط في روسيا بواسطة طائرة مسيرة. الهجوم أسفر عن تعطل الإمدادات من كازاخستان، مما دفع أسعار خام برنت للارتفاع إلى 75.40 دولارًا للبرميل، بينما سجل خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي ارتفاعًا بنحو 1.05%. لكن المكاسب في الأسعار كانت محدودة، حيث يبقى القلق من زيادة المعروض النفطي في المستقبل القريب وهذا أيضًا مؤشر على رفع الأسعار!

السياسة الأمريكية: لعبة تجارية من نوع آخر

كل هذه التقلبات ليست مجرد ردود فعل طبيعية لأسواق النفط، بل هي جزء من استراتيجية اقتصادية أوسع تهدف إلى سيطرة أمريكا على الأسواق العالمية. سياسة ترامب الجديدة هي رهان على جعل الولايات المتحدة "مهيمنة على الطاقة" بشكل كامل. وبعد تخلي الإدارة السابقة عن مشاريع الطاقة النظيفة، وجهت انتقادات واسعة لهذه السياسات، معتبرةً أنها ساهمت في زيادة التضخم. ووسط هذه التحديات، تعهد ترامب بإحياء خط أنابيب الذي يربط بين بنسلفانيا ونيويورك، وهو ما قد يقلل أسعار الطاقة في الشمال الشرقي بنسبة قد تصل إلى 70%. لكن هناك إضافة أخرى في المعادلة: زيادة الإنتاج المحلي من النفط والغاز الأمريكي، الذي سيتزامن مع سياسة فرض الرسوم الجمركية على الدول ذات الفائض التجاري مع أمريكا. هذه الخطوة قد تكون خطوة استراتيجية للحصول على مكاسب تجارية ضخمة من بيع النفط والغاز الأمريكي لدولٍ عدة، مما سيساهم في تقليل فائض الإنتاج عالميًا.

هل هي سياسة مستدامة؟

إن السؤال الأهم هنا: هل هذه السياسات التي تتكرر كل عام فعلاً ستؤدي إلى الهيمنة الأمريكية على الاقتصاد العالمي؟ من فترة الكورونا حتى الآن، تمسك الولايات المتحدة بمقاليد القيادة الاقتصادية عبر أدوات متعددة مثل الرسوم الجمركية وزيادة الإنتاج المحلي، ولكن مع تصاعد التضخم، هل ستظل هذه السياسات فعّالة؟ وهل سيظل الدولار هو الرابح الأوحد في الحرب التجارية؟

في النهاية، إذا كانت هناك قاعدة واحدة في السياسة الاقتصادية الأمريكية الحالية، فهي أن المتغيرات تتسارع بشكل كبير وأن التوازنات العالمية دائمًا في حالة تقلب. الدولار، الذهب، والنفط ليسوا مجرد عناصر اقتصادية، بل هم أيضًا أدوات صراع في يد الولايات المتحدة. ومع ارتفاع التضخم، سيكون من المثير أن نراقب ما إذا كانت أمريكا ستظل قادرة على استخدام هذه الأدوات بحنكة، أم أنها ستواجه تحديات غير مسبوقة.

تستمر اللعبة، واللعب على المكشوف. هل ستظل أمريكا هي المسيطرة في هذا العالم المعقد؟ الزمن كفيل بالإجابة.


تنبيه مخاطر:

يرجى ملاحظة أن التحليل الوارد أعلاه يعرض سيناريوهات متعددة، وكل سيناريو يتطلب اتباع النقاط المذكورة بدقة، مع الالتزام بالشروط المرتبطة بكل حالة. إذا كنت تعتمد على كسر نقطة دعم أو مقاومة كنقطة دخول، فيجب تحديد نقطة الخروج عند كسر الاتجاه بما يتماشى مع السيناريو المحدد أو بناءً على إدارة رأس المال الخاصة بك.

نوصي بشدة بإدارة رأس المال بطريقة تناسب محفظتك، مع أخذ مخاطر السوق المحتملة بعين الاعتبار، خاصة في أوقات صدور الأخبار الاقتصادية المهمة. كما يجب التنويه إلى أن هذه النظرة الفنية ليست ضمانًا للنجاح، وقد تصيب أو تخطئ. لذلك، فإن قرار دخولك في أي صفقة بناءً على هذا المقال هو قرارك الشخصي بالكامل، ولا يتحمل كاتب المقال أي مسؤولية عن النتائج.

أحدث التعليقات

جاري تحميل المقال التالي...
قم بتثبيت تطبيقاتنا
تحذير المخاطر: ينطوي التداول في الأدوات المالية و/ أو العملات الرقمية على مخاطر عالية بما في ذلك مخاطر فقدان بعض أو كل مبلغ الاستثمار الخاص بك، وقد لا يكون مناسبًا لجميع المستثمرين. فأسعار العملات الرقمية متقلبة للغاية وقد تتأثر بعوامل خارجية مثل الأحداث المالية أو السياسية. كما يرفع التداول على الهامش من المخاطر المالية.
قبل اتخاذ قرار بالتداول في الأدوات المالية أو العملات الرقمية، يجب أن تكون على دراية كاملة بالمخاطر والتكاليف المرتبطة بتداول الأسواق المالية، والنظر بعناية في أهدافك الاستثمارية، مستوى الخبرة، الرغبة في المخاطرة وطلب المشورة المهنية عند الحاجة.
Fusion Media تود تذكيرك بأن البيانات الواردة في هذا الموقع ليست بالضرورة دقيقة أو في الوقت الفعلي. لا يتم توفير البيانات والأسعار على الموقع بالضرورة من قبل أي سوق أو بورصة، ولكن قد يتم توفيرها من قبل صانعي السوق، وبالتالي قد لا تكون الأسعار دقيقة وقد تختلف عن السعر الفعلي في أي سوق معين، مما يعني أن الأسعار متغيرة باستمرار وليست مناسبة لأغراض التداول. لن تتحمل Fusion Media وأي مزود للبيانات الواردة في هذا الموقع مسؤولية أي خسارة أو ضرر نتيجة لتداولك، أو اعتمادك على المعلومات الواردة في هذا الموقع.
يحظر استخدام، تخزين، إعادة إنتاج، عرض، تعديل، نقل أو توزيع البيانات الموجودة في هذا الموقع دون إذن كتابي صريح مسبق من Fusion Media و/ أو مزود البيانات. جميع حقوق الملكية الفكرية محفوظة من قبل مقدمي الخدمات و/ أو تبادل تقديم البيانات الواردة في هذا الموقع.
قد يتم تعويض Fusion Media عن طريق المعلنين الذين يظهرون على الموقع الإلكتروني، بناءً على تفاعلك مع الإعلانات أو المعلنين.
تعتبر النسخة الإنجليزية من هذه الاتفاقية هي النسخة المُعتمدَة والتي سيتم الرجوع إليها في حالة وجود أي تعارض بين النسخة الإنجليزية والنسخة العربية.
© 2007-2025 - كل الحقوق محفوظة لشركة Fusion Media Ltd.