شهد السوق المالي السعودي خلال الربع الأول من عام 2025 حالة من التفاعل المتوازن مع التغيرات الاقتصادية الإقليمية والدولية، حيث تأثر الأداء العام للسوق بمجموعة من العوامل المتشابكة، في مقدمتها تقلبات أسعار النفط، واستمرار سياسات التشديد النقدي عالميًا، إلى جانب الزخم المتولد من مشاريع "رؤية 2030" والتي باتت تلقي بظلالها على قطاعات استراتيجية واعدة. فقد استهل المؤشر العام (تاسي) الربع الأول بأداء متباين، حيث عكس حذر المستثمرين المحليين وتذبذب شهية الاستثمار الأجنبي غير المباشر، رغم تسجيل بعض القطاعات – وعلى رأسها البتروكيماويات (TADAWUL:2310) والطاقة المتجددة – مكاسب نسبية مدعومة بعقود طويلة الأجل واستقرار نسبي في الطلب.
كما أسهمت مبادرات الخصخصة وتمكين القطاع غير النفطي في جذب انتباه المؤسسات الاستثمارية العالمية، رغم وجود تحديات مرتبطة بمعدلات الفائدة المرتفعة عالميًا، وتغيرات في السيولة. أما من زاوية التحليل الكلي، فقد حافظ الاقتصاد السعودي على نمو معتدل مدفوعًا بالقطاع غير النفطي، في وقت أثّر فيه تراجع أسعار النفط خلال فبراير ومارس على توقعات الإيرادات العامة.
أما الوضع الراهن، قد ترافق ضغوط خارجية، أبرزها فرض الصين لرسوم جمركية على منتجات أمريكية، ما أثار مخاوف من تجدد الحرب التجارية، إلى جانب هبوط أسعار النفط إلى مستويات لم تُسجّل منذ أربع سنوات، حيث تراجع خام غرب تكساس إلى ما دون 60 دولارًا للبرميل.
وسجلت 34 شركة، بما في ذلك شركات في سوق "نمو"، أدنى مستوياتها على الإطلاق، ما يعكس حجم التراجع الحاد والقلق في أوساط المستثمرين. هذه التراجعات تعكس حساسية السوق السعودي للتطورات الاقتصادية والجيوسياسية العالمية، خاصة تلك المتعلقة بأسعار النفط والتوترات التجارية. ومن المتوقع أن تستمر هذه التقلبات على المدى القصير، مع ترقب المستثمرين لأي مستجدات قد تؤثر على الأسواق العالمية والمحلية.
ختامًا، تشير القراءة المستقبلية إلى أن السوق السعودي قد يشهد موجة من التوازنات الجديدة خلال الربع الثاني، خاصة مع تحسن مؤشرات الطلب المحلي، وإمكانية خفض الفائدة الأمريكية لاحقًا، ما قد يعيد الزخم التدريجي للاستثمار الأجنبي غير المباشر، ويمنح دفعة قوية لقطاعات النمو المستهدف ضمن الرؤية الوطنية.