في خضم عالم اقتصادي متقلب، تظل أسعار الذهب تحت المجهر، لا كأداة زينة، بل كلاعب رئيسي في ميدان المال العالمي. فبينما تتأرجح الأسواق بين مخاوف التضخم، ورفع أسعار الفائدة، والأزمات الجيوسياسية، يقف الذهب شامخًا كأحد أبرز الملاذات الآمنة، لكنه في الوقت ذاته أصبح أداة مضاربة لا يُستهان بها.
الذهب والتضخم: علاقة كلاسيكية تعود للواجهة
عند اشتداد معدلات التضخم، يبحث المستثمرون دومًا عن أدوات تحافظ على القيمة، وهنا يبرز الذهب. ومع موجات التضخم العالمية الناتجة عن جائحة كورونا، ثم الحرب الروسية الأوكرانية، وارتفاع أسعار الطاقة، شهد الذهب تدفقات ضخمة من رؤوس الأموال الباحثة عن الأمان، خصوصًا في ظل ضعف بعض العملات الرئيسية مقابل الدولار.
البنوك المركزية تشتري الذهب.. لماذا؟
في تحول لافت، زادت البنوك المركزية من احتياطياتها من الذهب في السنوات الأخيرة، وعلى رأسها الصين، روسيا، وتركيا. هذه التحركات تشير إلى فقدان الثقة التدريجي في النظام النقدي القائم على الدولار، والسعي لتنويع الأصول الاحتياطية في ظل التوترات الجيوسياسية المتصاعدة.
الذهب كأصل مضاربي: ليس فقط للمحافظ الدفاعية
بعيدًا عن كونه ملاذًا، أصبح الذهب أيضًا ساحة للمضاربة السريعة، خاصة مع انتشار صناديق المؤشرات (ETFs) والتداولات الإلكترونية. الحركة اليومية في أسعار الذهب لم تعد فقط انعكاسًا للعوامل الاقتصادية، بل أيضًا لتوجهات السيولة، وأحيانًا الأخبار السريعة والشائعات.
تأثير الذهب على البورصات العالمية
ارتفاع أسعار الذهب عادةً ما يخلق حالة من الحذر في البورصات، خصوصًا عند اعتباره مؤشرًا على تفاقم المخاطر.
لكن في أوقات أخرى، يكون الارتفاع في الذهب مصحوبًا بثقة في بعض القطاعات المرتبطة به، مثل شركات التعدين. كذلك، في الأسواق الناشئة، يشير ارتفاع الذهب أحيانًا إلى هروب رؤوس الأموال من الأسهم والسندات المحلية.
أين تتجه البوصلة؟
في الوقت الحالي، ومع تزايد التوترات في الشرق الأوسط، وتباطؤ النمو في الصين، وتردد الفيدرالي الأمريكي بشأن أسعار الفائدة، يبدو أن الذهب مرشح للاستمرار في الصعود، أو على الأقل، المحافظة على مستواه المرتفع ، وهذا ما يضع البورصات العالمية أمام تحديات متزايدة في جذب السيولة.