أغلب السيناريوهات التي تواجه اليونان هي سيناريوهات قاتمة. فقد تتخلف الدولة عن سداد ديونها وتفرض ضوابط رأس مال وتحول قسراً ودائع المدخرين إلى رأس مال بنكي وتغادر منطقة اليورو وهلم جٌرا. لكن مازالت توجد فرصة بألا تنتهي الأمور بهذا السوء. ويجب على كل من يحرص على مصلحة اليونان، بدءاً من رئيس وزرائها ألكسيس تسيبراس، ان يعمل جاهداً على مسار للأمام يكون هو الأقل سوءاً. وهذا يتطلب من تسيبراس ليس فقط الرجوع عن تعهداته بل أيضا الدعوة لانتخابات جديدة. والتوقيت صعب في ضوء سلسلة من المدفوعات التي يجب ان تسددها أثينا لصندوق النقد الدولي والبنك المركزي الأوروبي في الأشهر الثلاثة القادمة، لكن يمكن الوفاء بها.
والخطوة الأولى المهمة لليونان هي التوصل إلى اتفاق قصير الأجل مع دائنيها للحصول على قروض بقيمة 7,5 مليار يورو وتفادي الإفلاس الذي بدون ذلك قد يحدث الشهر القادم. ونظراً لأن الطرفين مازالت مواقفهما متباعدة، فهذا الأمر لن يكون سهلاً. ومن جهة أخرى، أبدى تسيبراس تفاؤلاً بالتوصل إلى اتفاق ---بالتالي ربما يشير ذلك إلى أنه مستعد أخيراً لتقديم تنازلات. وأهم تلك التنازلات التي يتعين على أثينا تقديمها يتعلق بالمعاشات.
فالنظام اليوناني لا يمكن استمراره بسبب عدد كبير من الاستثناءات التي تسمح للمواطنين ان يحصلوا على معاشات قبل سن التقاعد الرسمي. ولا يجب ان يتراجع الدائنون عن موقفهم بشأن تلك النقطة. ومن جهة أخرى، يجب ان تستعد منطقة اليورو وصندوق النقد الدولي على التسوية بشأن إصلاح سوق العمل. فعلى الرغم من أنهم محقون في الإصرار ألا تلغي اليونان تعديلات تحسن قدرتها على المنافسة، إلا أنه لا توجد حاجة لإنهاء ألية حماية جديدة للعاملين. وبإفتراض التوصل إلى اتفاق قصير الأجل، ستكون هناك ثلاثة تساؤلات.
هل تسيبراس سيتمكن من دفع حزبه سيريزا اليساري المتشدد على تأييد الاتفاق؟ كيف ستمول أثينا احتياجاتها في وقت تعمل فيه خلال الصيف على اتفاق طويل الأجل مع دائنيها؟ وهل ستكون اليونان ودائنوها مستعدين لإبرام اتفاق يدوم لسنوات يتطلب مزيداً من الإصلاحات ويوفر قروضاً جديدة قد تتجاوز قيمتها 50 مليار يورو ؟ الدعوة لانتخابات جديدة ستكون هي السبيل الأمثل للرد على هذه التساؤلات. وستكون وسيلة بها يتخلص تسيبراس من المتشددين داخل حزبه.