نما الاقتصاد الأمريكي بنسبة 0.5% فقط على أساس سنوي في الربع الأول من عام 2016، وفقا لتقديرات رسمية صدرت الأسبوع الماضي.
ويمثل هذا استمراراً للتباطؤ الذي شهده الربع الأخير من عام 2015، عندما نما الاقتصاد بنسبة 1.4% مقارنة بمتوسط نسبته 3.0% في الربعين السابقين. لكننا نتوقع أن يتسارع النمو بعض الشيء مع توسع الاقتصاد بنسبة 2.1% في كامل عام 2016.
ولكن هذا الانتعاش المقدّر، والذي يتوقع له أن يكون مدفوعاً بالارتفاع في الاستهلاك الخاص، سيكون متواضعاً ولكنه مع ذلك سيكفي لتحقيق مزيد من الانخفاض في معدل البطالة والحفاظ على الانتعاش القوي في سوق العمل.
وقد يقنع ذلك بنك الاحتياطي الفيدرالي لرفع أسعار الفائدة مرة أخرى، لا سيما في ظل ثبات معدل التضخم، الذي يقترب من المستهدف 2%.
وكان قطاع الاستهلاك الخاص هو الدافع الرئيسي وراء تحقيق نسبة 0.5%من النمو في الربع الأول حيث ساهم بمقدار 1.3 نقطة مئوية.
وفي الوقت ذاته، انخفضت الاستثمارات بمقدار 0.6 نقطة مئوية على الرغم من النمو المدهش في الاستثمارات السكنية الذي بلغ 14.1%. وكان هذا راجعاً بالأساس إلى التقليص في استثمارات النفط والغاز بسبب تراجع أسعار النفط والتباطؤ في تراكم المخزونات.
علاوة على ذلك، انخفض صافي الصادرات أكثر بمقدار 0.3 نقطة مئوية بسبب التأثير المتأخر لارتفاع قيمة الدولار الأمريكي الذي أضر بتنافسية الأسعار. وفي الأخير، فإن الإنفاق الحكومي ظل نسبياً دون تأثير حيث ساهم في النمو بمقدار 0.2 نقطة مئوية فقط خلال الربع.
من المنظور النوعي، فإننا نتوقع أن تستمر هذه الصورة العامة خلال عام 2016. أما من حيث الكم، فنتوقع أن يرتفع النمو إلى 2.1% للعام ككل مع تفوق الارتفاع القوي في قطاع الاستهلاك الخاص على تأثير التراجع في الاستثمارات وصافي الصادرات.
ومن المتوقع أن يستفيد قطاع الاستهلاك من أربعة محفزات:
أولاً، من شأن ارتفاع نمو الأجور أن يزيد من قدرة الإنفاق لدى المستهلكين.
ثانيا، الانتعاش القوي في سوق العمل يعني أن أشخاصاً أكثر سيستفيدون من ارتفاع الأجور. ومع أن معدل البطالة يعتبر منخفضاً (5.0%)، فإنه يتوقع له أن ينخفض أكثر، بينما يعني ارتفاع المشاركة في سوق العمل أن 2.4 مليون شخص قد انضموا للقوى العاملة منذ سبتمبر 2015.
ثالثا، من شأن تراجع أسعار النفط (نتوقع أن تتراجع الأسعار من متوسط 54 دولار للبرميل في 2015 إلى 41 دولار في 2016) أن يحرر بعض الدخل للمستهلكين من أجل إنفاقه على بنود أخرى.
رابعاً، من شأن ارتفاع أسعار المنازل أن يحدث تأثيراً إيجابياً للثروة ويدعم مزاج المستهلكين.
إن النمو المتوقع في الاقتصاد الأمريكي ليس كبيراً، لكنه قد يكون كافياً لإقناع بنك الاحتياطي الفيدرالي بمواصلة جولات رفع أسعار الفائدة. فمن المتوقع أن ينخفض معدل البطالة إلى 4.8% بحلول نهاية العام الحالي.
وقد بدأت محدودية الفرص في سوق العمل تؤثر على الأجور أخيراً، وذلك بدوره يؤدي إلى استقرار معدلات التضخم. فقد بلغ التضخم الأساسي (الذي يستثني العناصر المتقلبة مثل الغذاء والطاقة) 1.6% في شهر مارس المنصرم، وهي نسبة قريبة من النسبة المستهدفة من قبل بنك الاحتياطي الفيدرالي التي تبلغ 2%.
ونتيجة لذلك، نتوقع أن يقوم بنك الاحتياطي الفيدرالي بجولتين من رفع أسعار الفائدة في 2016.
لكن يبدو أن هناك قدراً أكبر من الرضا في الأسواق المالية. فالأسواق حالياً تتوقع إجراء أقل من زيادة واحدة لأسعار الفائدة في العام الحالي، وتتوقع بنسبة 40% عدم رفع أسعار الفائدة على الإطلاق.
وعلى الرغم من أن تقييم السوق لاحتمال عدم رفع أسعار الفائدة في العام الحالي قد تراجع كثيراً من نسبة 80% التي كان عليها في منتصف شهر فبراير، إلا أننا نعتقد أنها لا تزال تقلل من احتمال تشديد السياسة النقدية بالنظر لأسس الاقتصاد الأمريكي واستناداً إلى ما يقول بنك الاحتياطي الفيدرالي أنه يعتزم القيام به.
وبإيجاز، يمكن القول بأن المستهلكين في الولايات المتحدة يولدون انتعاشاً جيداً في الاقتصاد الأمريكي على الرغم من كونه متواضعاً. ونحن نعتقد أن الانتعاش يجب أن يكون أقوى لكي يحقق مكاسب إضافية في سوق العمل والتوظيف اللذين بدأ تأثيرهما ينعكس بالفعل على تضخم الأجور والأسعار.
وقد تدفع محدودية سوق العمل وارتفاع معدلات التضخم لمواصلة بنك الاحتياطي الفيدرالي لجولات رفع أسعار الفائدة في النصف الثاني من العام الحالي.
ونحن نتوقع قيام بنك الاحتياطي الفيدرالي برفع أسعار الفائدة مرتين حتى نهاية عام 2016. ومع ذلك، فإن الأسواق المالية لا تزال غير مقتنعة بذلك، وقد تتعرض لصدمة أخرى عندما يبدأ بنك الاحتياطي الفيدرالي في الاستجابة لأسس الاقتصاد الأمريكي.