حصل الدولار الأمريكي على دفعة قوية بعد قراءة تقرير الوظائف غير الزراعية التي صدرت يوم الجمعة وجاءت أفضل مما كان متوقعا. وأدت التعديلات بالرفع لأرقام الأشهر السابقة وارتفاع متوسط الدخل في الساعة لتأكيد أن سوق العمل تزداد قوة. وكان سعر الفائدة الضمني على العقود الآجلة طويلة الأمد للأموال الفيدرالية قد ارتفع بمقدار 20 نقطة أساس حيث يقتنع المستثمرون الآن اقتناعا راسخا بأن مجلس الاحتياطي الفيدرالي سيبدأ بالفعل في تطبيع أسعار الفائدة هذا العام. ومن وجهة نظري فإن اختلاف السياسة النقدية سيستمر في دفع الدولار الأمريكي للارتفاع.
جبهة القتال هذا الأسبوع هي حرب العملات غير المباشرة. الموضوع الرئيسي في سوق الفوركس في الوقت الراهن هو حرب العملات غير المباشرة. ويذكر أن الدور قد جاء على البنك المركزي الصيني الأسبوع الماضي الذي قام بخفض سعر الفائدة على احتياطيات البنوك. كما خفض البنك المركزي الاسترالي سعر الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس بسبب انخفاض التضخم وسعر الصرف المبالغ فيه. وكان ذلك مثالا من أوضح الأمثلة على "حرب العملات".
تتسلط الأضواء هذا الأسبوع على اجتماع السياسة النقدية للبنك المركزي السويدي وتقرير بنك انجلترا الفصلي للتضخم، وكلاهما يوم الخميس. فهل تكون السويد هي البنك المركزي القادم الذي يقوم بخفض سعر الفائدة؟ على العكس من ذلك، فإن البيانات الإيجابية الصادرة من البلاد في الآونة الأخيرة تدل على تحسن في الاقتصاد في نهاية العام الماضي. ونتوقع أن تؤدي الأساسيات الآخذة في التحسن لتخفيف الضغط على كاهل البنك المركزي السويدي لاتخاذ تدابير إضافية، على الأقل في الوقت الراهن. بل إن مجرد إبقاء البنك المركزي السويدي على سياسته بدون تغيير يمكن أن يكون إيجابيا للكرونة السويدية في سياق حرب العملات التي نشهدها اليوم. أما بالنسبة لبنك إنجلترا، فإن العضوين بلجنة السياسة النقدية اللذين صوتا لرفع سعر الفائدة في اجتماع الشهر الماضي قد انضما إلى الأعضاء الآخرين في التصويت للإبقاء على سعر الفائدة بدون تغيير وذلك بسبب الخطر المتزايد لانخفاض التضخم لفترة طويلة. ويذكر أن تقرير التضخم لشهر نوفمبر قد حذر من أن التضخم من المتوقع أن ينخفض إلى أدنى من 1%. وقد يقول البنك هذه المرة إن التضخم قد يصبح سلبيا في الأشهر المقبلة. ويمكن أن يؤدي ذلك إلى دفع توقعات رفع سعر الفائدة لوقت أبعد وإضعاف الجنيه الإسترليني.
النفط يواصل ارتفاعه. واصلت أسعار النفط الارتفاع يوم الجمعة وكانت مرتفعة أيضا صباح اليوم عن مستويات افتتاحها يوم الجمعة. وأحد مظاهر هذا الاتجاه هو أن سعر النفط يبدو أنه ينفصل عن اتجاه الدولار الأمريكي – فالدولار الأمريكي قد ارتفع ارتفاعا حادا بعد أرقام الوظائف غير الزراعية التي تم كشف النقاب عنها يوم الجمعة، ولكن أسعار النفط واصلت ارتفاعها على الرغم من ذلك. ويشير ذلك إلى أن المضاربين وصناديق التحوط يقومون بخفض مراكز البيع الخاصة بهم. ويبدو أن البائعين الذين دفعوا السعر للانخفاض من 60 دولارا للبرميل إلى 40 دولارا للبرميل لم يكونوا تجار نفط وإنما مجرد مضاربين. وعندما يغلق هؤلاء مراكزهم فإن السعر سيعود للارتفاع. ويمكن أن يرتفع السعر أكثر من ذلك إذا استمروا في تقليل مراكز البيع.
لفائض التجاري للصين يبلغ مستويات قياسية في شهر يناير، ولكن هذا النبأ كان سيئا لعملات السلع لأن القوة الدافعة وراء هذا الارتفاع كانت انخفاض الواردات (التي سجلت ناقص 20% على أساس سنوي)، وليس زيادة الصادرات التي انخفضت بنسبة 3.2٪ على أساس سنوي. ويعزى الانخفاض في الواردات إلى انخفاض أسعار السلع وضعف الطلب المحلي وانخفاض الصادرات. ويتسبب هذا المزيج في معضلة بالنسبة للسلطات في استهداف سعر الصرف؛ لأن الفائض القياسي عادة ما يعني ضغوطا صعودية على اليوان الصيني، ومع ذلك فإن تراجع الصادرات يعني عكس ذلك. وهكذا فإن الإجراء المرجح أن يتخذه البنك المركزي الصيني هو مزيد من التحفيز الاقتصادي، مثل خفض أسعار الفائدة أو خفض معدل متطلبات الاحتياطي. ومن ناحية أخرى، إذا استمرت الصين في التسامح مع أو حتى تشجيع انخفاض قيمة اليوان فإن ذلك من شأنه أن يؤدي إلى تفاقم خطر الانكماش الذي تواجهه بلدان أخرى وزيادة حدة حرب العملات العالمية.
فائض الحساب الجاري الياباني في ديسمبر يفوق التوقعات بعد انخفاض العجز التجاري بأكبر مما كان متوقعا. وكانت الصادرات قد ارتفعت بنسبة 19٪ على أساس سنوي في حين ارتفعت الواردات بنسبة 6.7٪ فقط في أعقاب انخفاض قيمة واردات النفط الخام بنسبة 22٪ على أساس سنوي. وعلاوة على ذلك، واصل الدخل من الاستثمارات ارتفاعه حيث إن ضعف الين يزيد من القيمة المقومة بالين لتدفقات العملات الأجنبية. ويذكر أن الحساب الجاري يسجل فائضا منذ أبريل الماضي على أساس معدل موسميا. وقد يعني ذلك قدرا من الاستقرار للين في الوقت الحالي، ما لم وإلى أن يقرر بنك اليابان بدء جولة أخرى من جولات تدابير تيسير السياسة النقدية.