من توم بيري
بيروت (رويترز) - تتصاعد الرائحة الكريهة من أكوام القمامة الملقاة في شوارع العاصمة اللبنانية بيروت لتذكر سكان المدينة بأزمة الحكومة التي عجز ساستها المنقسمون بسبب صراعات محلية وإقليمية عن الاتفاق على مكان إلقاء نفايات المدينة.
وأطلقت أكوام القمامة المتحللة في حرارة الصيف تحذيرات صحية وفجرت احتجاجات السكان الغاضبين من فشل حكومتهم في تفادي الأزمة التي فجرها إغلاق المكب الرئيسي للنفايات الأسبوع الماضي.
وبسبب الافتقار للتخطيط ظل مكب الناعمة جنوبي بيروت مفتوحا بعد فترة طويلة من موعد إغلاقه المقرر. وعلى الرغم من أن تاريخ إغلاقه النهائي -17 يوليو تموز - كان معروفا لكن السلطات لم تقدم بديلا جاهزا عندما حل الموعد.
وقال محمد المشنوق وزير البيئة "وصلنا إلى هذه الأزمة بسبب الصراع السياسي القائم في لبنان". وألقى مسؤولية أكوام القمامة في الشوارع على المماطلة بين الساسة.
ولقيت خطة لإلقاء النفايات من بيروت - حيث يعيش أكثر من نصف سكان البلاد - في مناطق مختلفة رفضا من السكان. وحملت الصفحة الأولى من صحيفة لوريون لوجور يوم الخميس عنوان "جمهورية القمامة".
وتبرز الأزمة المشاكل الأكبر التي تواجه لبنان.
ولطالما واجهت الدولة الضعيفة انتقادات لفشلها في تطوير البلاد وبنيتها التحتية. ولا تزال بيروت تعاني من انقطاع الكهرباء بشكل يومي بعد 25 عاما من انتهاء الحرب الأهلية التي اندلعت بين عامي 1975 و 1990.
لكن أداء الحكومة تراجع تحديدا منذ اندلاع الحرب في سوريا. إذ فاقم هذا الصراع من الانقسامات السياسية في لبنان التي عادة ما تكون على أسس طائفية تعكس الصراع السوري.
ويشغر منصب الرئاسة منذ أكثر من عام وجدد البرلمان الذي انتخب في 2009 ولايته وأرجأ الانتخابات حتى عام 2017 بسبب عدم الاستقرار.
وحافظت حكومة وحدة وطنية على مظاهر السلطة المركزية وساعدت على احتواء التوترات الطائفية لكنها تعاني في أفضل الأحوال.
* الوقت يمر
ويعتقد كثير من المراقبين أن وضع الحكومة لن يعود إلى نصابه إلا باتفاق بين السعودية وإيران النافذتين لدى الفصائل اللبنانية المتنافسة.
وقال نقولا ناصيف وهو كاتب في صحيفة الأخبار إن الحكومة تعتبر دورها هو تمرير الوقت بدلا من الحكم وتمثيل الشرعية اللبنانية بغية تحقيق الحد الأدنى من الاستقرار لحين التوصل إلى تسوية إقليمية.
وفي تلك الأثناء يدفع لبنان الثمن غاليا. فعلى سبيل المثال تسببت الأزمة السياسية في عرقلة خطط لاستغلال احتياطي محتمل للغاز في البحري.
وقال مروان معلوف وهو محام (31 عاما) خلال احتجاج أمام مقر الحكومة في بيروت يوم الثلاثاء "إنتخابات لغوها ومجلس مددولو (مددوا له) وأخدولنا صوتنا (أخذوا منا أصواتنا) وكمان بدن يعيشونا بالزبالة."
ومع إغلاق مكب الناعمة انتهت صلاحية عقد الشركة التي كانت حتى الأسبوع الماضي تجمع النفايات.
وقالت باسكال نصار مدير الاتصالات في شركة سوكلين "للأسف الطرقات عندنا تتجمع فيها النفايات بس ما قادرين نلاقي هلق (الآن) بديل هي الخطة بدها تجي (لابد أن تأتي) من الدولة ونحنا (نحن) على أساسها منرجع منتحرك (سنتحرك)."