من ايزابيل كولز
جلولاء (العراق) (رويترز) - لم تكد تجف دماء متشددين اثنين قتلا أثناء دحر تنظيم الدولة الاسلامية في بلدة جلولاء العراقية حتى بدأ الصراع على النفوذ يطفو على السطح بين القوات الكردية والشيعية بعد تعاونهما معا في طرد مسلحي التنظيم المتطرف.
واستعادة السيطرة على أراض متنازع عليها وبلدات مثل جلولاء تفتح مجددا الصراع على الحدود بين مناطق تخضع لسيطرة الاكراد وأخرى تديرها حكومة بغداد التي يقودهاالشيعة.
وليس لدى العرب السنة المحليون الذين نزحوا جراء القتال أي خيار يذكر سوى الانحياز لطرف أو لآخر.
ولم يمر وقت طويل بعد أن بدأ تنظيم الدولة الاسلامية هجماته في أنحاء العراق في صيف هذا العام حتى وجه القادة الاكراد في محافظة ديالى الشرقية الدعوة إلى زعيم أكبر عشيرة سنية في جلولاء لبحث المشاركة في مقاومة المسلحين.
وقال اللواء برزان علي الشواس وهو يصف الاجتماع مع الشيخ فيصل الكروي في ثكنات البشمركة الكردية على ضفاف نهر ديالى الذي يصطف النخيل على جانبيه "جلسنا معهم هنا في هذا المبنى بعينه".
وأضاف "قلنا لهم : ماذا تريدون؟ .. صحيح أنتم عرب ونحن أكراد لكن وحدة العراق في مصلحتنا". ورد الشيخ قائلا إنه سيبحث عرض الاكراد لتشكيل وحدة من السنة المحليين تحت قيادة البشمركة لكنهم لم يعودوا بأي رد.
ومنذ ذلك اليوم في يونيو حزيران تبادلت أطراف مختلفة السيطرة على جلولاء الى ان طردت البشمركة والميليشيات الشيعية المتشددين في 23 نوفمبر تشرين الثاني. ووفقا للشواس فإنهم وافقوا قبل الهجوم على أن تنسحب الميليشيات الشيعية بمجرد أن ينتهي الهجوم وأن يسلموا السيطرة للاكراد لكن هذا لم يحدث حتى الان.
ويغلب السكان العرب على جلولاء التي تقع على بعد نحو 150 كيلومترا الى الشمال الشرقي من بغداد وكان تتبع قضائيا الحكومة المركزية الى أن اجتاحها تنظيم الدولة الاسلامية. غير أن الأكراد يقولون إنها كانت تحت سيطرتهم حتى السبعينات من القرن الماضي عندما جلب صدام حسين عشيرة الشيخ فيصل الكروي "لتعريب" المنطقة.
والان أصبحت مهجورة إلا من الحيوانات الضالة والميليشيات الشيعية والبشمركة الذين يحددون أراضيهم بالرايات والكتابة على الجدران في اجواء يسودها التوتر.
وتشاهد عبارة "جلولاء كردستانية" على واجهة مخبز. وبدأ الصدأ يعلو أجهزة التبريد التي تم جلبها إلى الطريق لاستخدامها كحواجز. ويقود مقاتلون شيعة شاحنات صغيرة تحمل صورة الزعيم الايراني الاعلى آية الله علي خامنئي على غطاء المحرك. ويخرج شخص ويقترب من الاكراد واصبعه على زناد سلاحه ليسأل ان كانوا يحملون تصريحا لدخول المنطقة من رئيس قوة خراسان الشيعية.
وقال جواد الحسناوي القائد الميداني للواء الخراساني "اذا تمسكوا بموقف متعصب بشان المناطق التي أخذوها فمن المستحيل ان نسمح لهم بذلك."
ويسيطر اكراد العراق على اقليم كردستان الذي يتمتع بحكم شبه مستقل منذ اوائل التسعينات ودخل مقاتلوهم المناطق الاخرى المتنازع عليها هذا العام لمحاربة الدولة الاسلامية.
لكن الحسناوي يرفض أي طموحات أخرى للأكراد. ويقول "مشكلتنا هي اذا كانوا يريدون الانفصال عن العراق أو يشكلون دولة عرقية - فانه لا سبيل لذلك."
رؤساء يخشون الميليشيات
تعبث قطط بالنفايات التي لم يتم جمعها في جلولاء وتسير الابقار في الشوارع غير واعية لخطر آلاف الالغام التي زرعها المتشددون. ويمكن سماع زخة اطلاق نار وصوت انفجار مكتوم من حين لاخر.
ووعد الشواس المدنيين بالسماح لهم بالعودة باستثناء أولئك الذين انحازوا الى الدولة الاسلامية بمجرد أن ينتهي فريق خبراء المفرقعات من عمله وإعادة المياه والكهرباء.
وقال الحسناوي إن الاكراد يهدمون منازل السنة بالجرافات لإثنائهم عن العودة.
ويقيم كثير من سكان جلولاء في مخيمات على بعد بضعة كيلومترات على ملعب لكرة القدم استخدم سياجه لنشر الملابس. واحتفلوا بالانباء بأن الدولة الاسلامية طردت من جلولاء ومن بلدة السعدية المجاورة.
وقال معظمهم إنهم لاذوا بالفرار ليس من المتشددين وانما من الضربات الجوية التي استهدفتهم. وباتوا يخشون الان من القوات الشيعية التي قتلت السنة ودمرت منازلهم في بلدات اخرى استعادوها من الدولة الاسلامية.
وقال مزارع عمره 40 عاما من السعدية كان شديد الخوف من الكشف عن اسمه "نريد العودة لكن الميليشيات ستذبحنا." وأضاف "نطلب من البشمركة ان تضم جلولاء والسعدية الى اقليم (كردستان) حتى يمكننا ان نعيش في سلام."
ولإبطاء تقدم الاعداء نسفت الدولة الاسلامية الجسور المقامة على نهر ديالى الذي ألقى بعض المتشددين انفسهم فيه عندما احتدمت المعارك.
ومازالت دماء اثنين من المسلحين لم يتمكنا من الهرب تلوث مدخل متجر يبيع مواد لتسقيف الاسطح. وأبوابه مغلقة الان ورسم عليها بالطلاء عبارات شيعية.
وأكد الشيخ فيصل رفضه لاقتراح الاكراد ويقول إن عشيرته حاربت البشمركة لمنعهم من السيطرة على قاعدة تخلى عنها الجيش العراقي.
وقال بالهاتف من بلدة بعقوبة القريبة "لن يسمحوا للعرب بالعودة وأغلبهم من الكروية. انهم يريدون أخذ جلولاء. انها منطقة عربية."
وينفي التعاون مع الدولة الاسلامية كما يزعم الاكراد ويقول إن المتشددين نسفوا منزله في جلولاء لانه رفض الانضمام اليهم.
وعلى عكس السكان النازحين قال ابن شقيق الشيخ فيصل ويدعى ذمار جمال الكروي إن جلولاء ستبقى تابعة لحكومة بغداد وليس الاكراد.
وقال ذمار "لن نقبل ان تبقى جلولاء في أيدي الاكراد. اذا تشبثوا بها بالقوة فسوف تستعاد بالقوة."
وأضاف "نحن مستعدون للقتال ضد الاكراد بالاضافة الى الميليشيات اذا لم تغادر قوات البشمركة جلولاء."
(إعداد رفقي فخري للنشرة العربية - تحرير حسن عمار)