Investing.com - صدرت منذ قليل بيانات مبيعات المنازل الأمريكية الجديدة لتعطي لمحة عامة عن مدى الأزمة التي يشهدها السوق العقاري الأمريكي الآونة الأخيرة بفعل رفع الفائدة الفيدرالي، بجانب شبح التضخم الذي يهدد الكل.
وتصدر بيانات السوق العقاري الأمريكي سلبية من حين لآخر، سواء أسعار المنازل أو مبيعات المنازل أو مؤشر سوق القروض العقارية، أو حتى معدلات الرهن العقاري، جميعها يأتي سلبي في الفترة الأخيرة، لتعبر عن سوء أوضاع القطاع العقاري مما ينذر بأزمة بالسوق شبهها البعض بأزمة 2008.
ويتوقع الخبراء أن تنطلق الأزمة العقارية من الولايات المتحدة لتشمل العديد من البلدان وفي مقدمتها دول أوروبا والصين، مشيرين إلى أن العالم يشهد تكرار المعطيات الاقتصادية للأزمة المالية العالمية في عام 2008، والتي تتجلى في أسعار فائدة مرتفعة وتراجع واضح في مبيعات المنازل ما يشكل ضغطاً على السداد وصولاً للتعثر ليكون قطاع البنوك المتضرر الأول على الساحة الاقتصادية.
عاجل: مؤشرات تنذر بانهيار سوق العقار الأمريكي.. والرهن يقفز لأعلى مستوى منذ 2001
مبيعات المنازل
انخفضت مبيعات المنازل الأمريكية الجديدة في سبتمبر إلى 603 ألف منزل، وذلك بعد أن سجلت 685 ألف منزل الشهر الماضي.
وسقطت مبيعات المنازل الجديدة شهريا في سبمتمبر بنسبة -10.9%، وذلك بعد أن سجلت ارتفاع قدره 24.7% الشهر الماضي.
عاجل: الفيدرالي يتخلى عن الدولار ويصعد بالذهب هذه المرة.. والنحاس يتراجع
بيانات العقار في أمريكا الصادرة منذ قليل
سجل مؤشر سوق القروض العقارية هبوطًا من 204.6 إلى 201.1. حيث يسقط المؤشر إلى أدنى مستوياته خلال العام.
فيما سجل مؤشر المشتريات الصادر عن جمعية المصرفيين للرهن العقاري 160.4 منخفضًا عن الشهر السابق عندما سجل 164.2.
عاجل: البيتكوين والإيثريوم يقودان صعود السوق.. وتصفيات مليونية تربك الجميع
بيانات أسعار المنازل أمس
صدرت بيانات أسعار المنازل في أمريكا أمس، والتي أوضحت أن هناك انخفاضًا قويًا في مؤشر أسعار المنازل في الولايات المتحدة بأقل من توقعات الأسواق للشهر الثالث على التوالي، حيث سجلت في شهر أغسطس على أساس شهري -0.7%، وكانت القراءة السابقة للمؤشر قد سجلت -0.6%.
فيما سجل مؤشر أسعار المنازل في أغسطس على أساس سنوي انخفاضًا عن الشهر السابق ووصل إلى مستويات الـ 11.9%، في حين كانت القراءة السابقة 13.9%.
ويعد المؤشر مقياسًا واسعًا لتحرك أسعار المنازل للعائلة الواحدة مقابل الرهون العقارية.
يساعد هذا التقرير على تحليل قوة سوق الإسكان في الولايات المتحدة، مما يساعد على تحليل صحة الاقتصاد ككل.
وقراءات أعلى من المتوقع ينبغي أن تُفهم إيجابية للدولار الأمريكي وللاقتصاد، بينما قراءات أقل من المتوقع ينبغي أن تُفهم كسلبية للدولار الأمريكي ولصحة الاقتصاد أيضًا.
الرهن العقاري
تجاوزت معدلات الرهن العقاري في الولايات المتحدة 7٪ لأول مرة منذ أكثر من عقدين، مما أدى إلى تمديد سلسلة من الزيادات الحادة التي أعاقت الطلب على الإسكان.
ارتفع سعر العقد على الرهن العقاري الثابت لمدة 30 عامًا 22 نقطة أساس إلى 7,16% في الأسبوع المنتهي في 21 أكتوبر، مسجلاً الزيادة العاشرة على التوالي، وفقًا لبيانات جمعية المصرفيين للرهن العقاري الصادرة، اليوم الأربعاء.
مع ارتفاع معدلات الرهن العقاري، انخفض مقياس طلبات شراء أو إعادة تمويل منزل للمرة العاشرة في الأسابيع 11، وانخفض بمقدار 1,7% إلى أدنى مستوى منذ عام 1997.
تدهور سوق الإسكان - أحد أكثر أجزاء الاقتصاد حساسية للتغيرات في أسعار الفائدة - بسرعة هذا العام حيث يشدد مجلس الاحتياطي الفيدرالي سياسته لكبح التضخم. أظهرت بيانات منفصلة يوم الثلاثاء أن مقياس أسعار المساكن في 20 مدينة أمريكية كبيرة انخفض بنسبة 1.3٪ في أغسطس على أساس شهري، وهو أكبر مقياس منذ مارس 2009.
أسباب الأزمة
قال المستشار الاقتصادي عامر (EGX:AMER) الشوبكي في حديثه لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية": "توجد حالياً بوادر واضحة لأزمة عقارات في الولايات المتحدة ما يذكرنا بأزمة العقارات أو الأزمة المالية العالمية في عام 2008 التي بدأت في الولايات المتحدة، فتكاليف الدين أو فوائد الدين عندما تزداد ستؤدي بالضرورة إلى زيادة كُلف المنازل على أصحابها ويصبح الإقبال على الشراء أقل وبالتالي تنشأ أزمة عقارات".
وأضاف الشوبكي: "العقارات أساساً تم إنشاؤها بمساعدة البنوك، وأيضاً تكاليف الدين على المنازل التي تلتزم بجدولة القروض مع البنوك صارت مرتفعة وربما يتعثر أصحابها حيث تصبح أسعار هذه المنازل مع الفوائد التي ستدفع للبنوك أكبر من قيمتها الحقيقية الأمر الذي يمنعهم من عدم إكمال دفع الأقساط فتنشأ أزمة أخرى أخطر وهي أزمة بنوك كما حدث في عام 2008".
أزمة 2008
وفي العام 2008، ضرب العقار الاقتصاد الأميركي في مقتل، حيث أخذت الاستثمارات العقارية أو المرتبطة بأصول عقارية تواجه المشكلات والصعوبات جراء العجز في سداد ديون القروض العقارية الممنوحة برهونات وضمانات غير كافية، فضلاً عن أن الكثير من القروض الإسكانية منحت لمقترضين من ذوي تاريخ الاعتماد أو السجل الائتماني الضعيف أو المعدوم، ما أدى إلى ضرب سوق الإقراض الذي بدوره ضرب البنوك نفسها ليتداعى نحو 11 بنكاً بشكل دراماتيكي ومن أهمها "ليمان براذرز" رابع أكبر مصرف استثماري في أميركا والذي كان انهياره إعلاناً مباشراً للأزمة التي سُميت بالأزمة المالية العالمية.
جنون سوق العقار
أنهى ارتفاع تكاليف الاقتراض موجة الجنون في سوق العقارات السكنية الناتجة عن تفشي جائحة كورونا، مما جمد عمليات الشراء، وتسبب في تآكل قدرة المشترين الذين لم يغادروا السوق تماماً. وانخفضت مبيعات المنازل التي سبق امتلاكها في الولايات المتحدة في سبتمبر الماضي للشهر الثامن على التوالي، وهي أطول فترة متواصلة من هبوط المبيعات في سوق العقارات منذ أزمة عام 2007.
وقال كريج لازارال المدير الإداري في مؤسسة إس أند بي داو جونز إندكسز في بيان إن "التراجع السريع لأسعار المساكن في أمريكا الذي شهدناه منذ شهر يتواصل... ومن المحتمل استمرار تراجع الأسعار في ضوء تدهور آفاق الاقتصاد الكلي".
قال سام خاطر، كبير الاقتصاديين لدى "فريدي ماك" في بيان: "ما تزال السوق العقارية تواجه رياحاً معاكسة، فأسعار المنازل تتراجع وتنخفض المبيعات. لكن؛ برغم هذا الانخفاض، يظل عدد المنازل المعروضة للبيع أقل كثيراً من المعدلات العادية".
الفائدة الأمريكية
أخبر رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول الكونجرس في وقت سابق، أن سوق الإسكان يتباطأ ويمكن أن تتساقط أسعار المساكن بسرعة إلى حد ما. حيث يرفع بنك الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة لتهدئة الطلب على نطاق واسع في الاقتصاد، بما في ذلك الإسكان، لترويض التضخم المرتفع منذ عقود.
واستمر الاحتياطي الفيدرالي في رفع الفائدة منذ مارس 2022، عندما اعترف بأن تسارع التضخم لم يعد مؤقتًا، وأشار إلى أن الفائدة قد تصل إلى 4.6% في عام 2023.
ونظرًا لأن البنك المركزي يكافح التضخم عن طريق زيادة الفائدة لإبطاء الاقتصاد، سيكون هناك العديد من القطاعات التي ستتأثر، وسوق الإسكان هو أحدها لأن معدلات الرهن العقاري ستجعل المستهلكين يترددون في دخول السوق.
وقال رئيس الاحتياطي الفيدرالي "جيروم باول" في سبتمبر: "على المدى الطويل، ما نحتاجه هو أن يتماشى العرض والطلب بشكل أفضل بحيث ترتفع أسعار المساكن إلى مستوى معقول، ويمكن للناس شراء المنازل مرة أخرى .. ربما يتعين علينا إجراء تصحيح للعودة إلى ذلك المكان".
انهيار سوق العقار
وفقًا لمؤشرات "جوجل (NASDAQ:GOOG)"، ارتفعت نتائج البحث عن "انهيار سوق العقارات" في الولايات المتحدة بنسبة 284% خلال سبتمبر، ويبدو أن هناك العديد من الأشخاص القلقين بشأن احتمال حدوث انهيار ويراقبون كيف يتفاعل الاقتصاد مع ارتفاع الفائدة، وفقًا لبيانات بلومبرج.
كان الهدف الأساسي من رفع الفائدة هو استعادة توازن العرض والطلب، ومع ذلك قد تحدث أزمة حقيقية إذا انخفض كل من العرض والطلب في وقت واحد، إذ يعتقد الاقتصاديون لدى "فاني ماي" أن سوق العقارات سيدفع الاقتصاد الأمريكي إلى الركود في عام 2023.
ومع ذلك، لا يزال نمو الأجور وكذلك سوق العمل صحيًا، مما يعني أن مالكي المنازل يمكنهم تحمل تكاليف قروضهم العقارية ولن يتم إجبارهم على بيع المنازل كما حدث في فترة الركود الاقتصادي الكبير في عام 2008.