- Investing.com بعد إعلان فوز الحزب الديمقراطي بالأغلبية المطلقة في مجلس النواب بإنتخابات التجديد النصفي للكونغرس الأمريكي، سادت حالة من التفاؤل الاقتصادي، حيث رأي البعض أن هناك فرصة لتعطيل خطط الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" بشأن تصعيد الأزمة التجارية مع الصين، والدليل على ذلك صعود المؤشرات الأمريكية فوق مستوى 26100 نقطة، ولكن السؤال هنا هذا هذا التفاؤل حقيقي أم خادع؟.
يقول محمد مهدى عبدالنبي، الوسيط المالي بالبورصة المصرية، إن بدء عمل الكونغرس الأمريكي الجديد بمجلسيه النواب والشيوخ سوف يتزامن مع دخول الرسوم الجمركية على الصين حيز التنفيذ في يناير 2019، وربما يعجل "ترامب" تفعيل الرسوم الجمركية الأمريكية على الصين والتي تقدر بـ 250 مليار دولار قبل إنعقاد الكونغرس الجديد، إذا لم يحصل على ضمانات ديمقراطية بحرية التحرك فيما يخص الملف الصيني، وهذا ما يفسر تراجع لهجة "ترامب" ضد الصين في الوقت الراهن، بالرغم من ارتفاع الفائض التجارى للصين مع الولايات المتحدة الى 258.12 مليار دولار.
خلال الأسابيع القليلة الأخيرة، بدأ "ترامب" يناور بتصريحات عن تهدئة تجارية مؤقتة مع الصين، وعن نيته عقد لقاء مع نظيره الصيني، خلال اجتماعات مجموعة العشرين بالأرجنتين نهاية هذا الشهر، والصين أعلنت ترحيبها بهذا اللقاء، وفي نفس الوقت قفزت صادراتها إلى مستويات قياسية ارتفعت بنحو 15.6% خلال الشهر الماضي مقارنة بالشهر نفسه من العام الماضي.
يتزامن كل هذا مع إعلان صندوق النقد الدولي استمرار تراجع النمو الصيني إلى 6.2% خلال العام المقبلن مقارنة بـ 6.5% خلال العام الجاري، لتعود مرة أخرى نغمة تباطؤ النمو الصيني، كمبرر لتصحيح الأسواق، ولكن إذا رجعنا معدلات النمو الصيني من عام 2010، سنجد أنها في دورة إنخفاض طبيعية بعد صعودها الكبير الذي استمر حالي 15 عاما متتالية.
وبالتالي، فإن التراجع المتوقع خلال العام المقبل، سيكون أحد الانخفاضات السنوية الأقل وتيرة في عقد كامل، وربما يمثل قاع التراجعات في معدلات النمو للصين، لتبدأ من بعدها دورة صعودية جديدة.
بلغت واردات الصين من النفط مستوى قياسي عند 9.61 مليون برميل، لتصبح ثاني أكبر مستهلك بعد الولايات المتحدة، وربما تكون الضغوط التي يمارسها ترامب للحصول على أسعار نفط منخفضة تمثل خدمة للصين، لأن أسعار النفط المنخفضة ستخفض تكاليف حربها التجارية مع واشنطن، فالصادرات الصينية التي ارتفعت بحوالي 15.6% خلال الشهر الماضي، قابلتها زيادة هائلة في واردات النفط الصينية بحوالي 32% في أكتوبر أيضًا، ولكن مع فارق بالزيادة 10 دولار في سعر برميل "برنت" و5 دولار في سعر الخام، مقارنة بنفس الشهر خلال العام الماضي.
أما طلبات التصدير للولايات المتحدة فقد تراجعت بنسبة 30.3%، بسبب الرسوم الجمركية التي فرضتها أمريكا، بينما زادت طلبات التصدير إلى اليابان بنسبة 74.4%، وهذا يعني أن الصين تستعد بالفعل لتجهيز أسواق بديلة لتجارتها تحسبًا لتأزم موقفها أكثر في الأسواق الأمريكية.
وبناءًا على ما سبق، فمن الواضح أن الصين تستعد لمستقبل تقفز فيه على رأس الاقتصاد الأمريكي، بصادرات قياسية وبدورة نمو جيدة وباستهلاك تاريخي لمصادر الطاقة وبتأمين واسع لسطوع صادراتها إلى العالم كله.
وربما يكون التفاؤل الخادع بفوز الحزب الديمقراطي ما هو إلا لحظة كيد سياسي، قد يفيق منها الجميع على اتحاد الحزب الديمقراطي والحزب الجمهوري على العمل معًا ضد الصين، وربما تتخد واشنطن إجراءات أكثر انتقامية، تحول الأزمة التجارية الحالية إلى حرب حقيقية.