Investing.com - الليرة التركية كانت في يوما ليس بالبعيد واحدة من أقوى عملات الأسواق الناشئة مقابل الدولار الأمريكي، بيد أن التطورات الأخيرة دفعتها أن تكون الأسوأ أداءا مقابل الدولار.
ويبدو أن الأمر لن يتوقف عند حدود انهيار العملة، فكما أضرت تدخلات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بالليرة وفقا لمراقبين ومؤسسات مالية كبرى، يبدو أن الليرة قد تكون سببا في تكدير صفو حكم أردوغان الذي يستمر منذ ما يقرب من 18 عام.
فقدت نصف قيمتها
نزلت الليرة التركية في الأيام الأخيرة إلى أدنى مستوياتها على الإطلاق بعد قرار جديد من المركزي بخفض أسعار الفائدة رغم التضخم المشتعل أساسا في البلاد.
وتم مشاهدة الليرة التركية عند مستويات 11.3482 ليرة/ دولار قبل أن تغلق يوم 19 نوفمبر عند مستوى 11.2360 ليرة / دولار بتراجع 2.21% مقابل الدولار الأمريكي.
ونزلت الليرة التركية منذ بداية نوفمبر فقط بأكثر من 19%، حيث تراجعت من مستويات 9.5325 ليرة/ دولار إغلاق الأول من نوفمبر وحتى أعلى سعر يوم 19 نوفمبر.
بينما تهاوت الليرة التركية في أقل من 10 شهور وتحديدا منذ إغلاق نهاية يناير 2021 عند مستويات 7.3099 ليرة / دولار بأكثر من 55% مقابل أعلى سعر في 19 نوفمبر.
الذهب يتوحش
وفي المقابل من الانهيار الشديد لأسعار الليرة التركية جاء التوحش في أسعار الذهب الذي أقبل عليه الأتراك بعنف للتحوط من انهيار العملة المحلية.
وبنهاية تعاملات يوم 19 نوفمبر كان الذهب التركي قد بلغ أعلى مستوياته على الإطلاق عند مستويات 676.144 ليرة / جرام بارتفاع 6 دولارات.
بينما ارتفع سعر الجرام خلال نوفمبر فقط بأكثر من 127 ليرة في الجرام الواحد، ليقفز من مستويات 548.947 ليرة / جرام إلى مستويات 676.144 ليرة جرام.
وهكذا يرتفع جرام الذهب التركي بأكثر من 23% خلال نوفمبر فقط، بينما ارتفع في أقل من 9 أشهر وتحديدا منذ نهاية فبراير 2021 من مستويات 415.067 ليرة / جرام وحتى الآن بأكثر من 63% بزيادة 260 ليرة في الجرام.
ماذا فعل أردوغان؟
ولم يرض الكثير من الأتراك عن التدخل السياسي من رئيس الجمهورية التركية، أردوغان، في أمور الاقتصاد، حيث يرى أردوغان أن الفائدة شيطان يدمر الاقتصاد.
ويذكر أن أردوغان هو المناصر الأكبر لخفض أسعار الفائدة وقد صرح قبل يوم إعلان سعر الفائدة قائلا: "سنمضي في طريقنا لرفع "سوط" الفائدة عن الشعب التركي."
وفي سبيله لدفع المركزي التركي للخفض قام أردوغان برفد 3 محافظين للمركزي التركي في الثلاث سنوات الأخيرة.
كما أنه قام بالاستغناء عن خدمات 3 من المسؤولين عن السياسة النقدية التركية في البنك المركزي التركي منذ شهور.
وبالفعل استجاب المركزي التركي لدعوات الرئيس وتم التخفيض بـ 400 نقطة في الثلاث إعلانات الماضية، بينما يسجل التضخم أعلى مستوياته في البلاد منذ سنوات طويلة.
عاجل: الدولار يساوي أكثر من 11 ليرة الآن!
غضب عارم
ودعا زعماء المعارضة التركية يوم الخميس الماضي إلى إجراء انتخابات مبكرة فورا بعد تراجع قيمة الليرة ستة بالمئة ووصولها إلى مستويات متدنية جديدة عقب قرار البنك المركزي بخفض أسعار الفائدة تحت ضغط من الرئيس رجب طيب أردوغان.
وفي رد فعل قوي على خفض الفائدة وتدهور قيمة الليرة التركية، كتب زعيم حزب الشعب الجمهوري المعارض، كمال كيليجدار أوغلو على تويتر: "هلا توقفت يا أردوغان! لا بد من إجراء انتخابات على الفور.!"
وقالت رئيسة حزب الخير، ميرال أكشنار، إن أردوغان "قضى على أموالنا وسمعتنا"، وأضافت "إذا كان يفعل هذا عن قصد فهذه خيانة صارخة.
عاجل: مفاجأة من المركزي التركي
وإذا كان (هذا الانهيار) ناتجًا عن الافتقار إلى الكفاءة، فمن الواضح ما يجب القيام به...يجب وقف هذا العار عن طريق التوجه إلى صناديق الاقتراع في أقرب وقت ممكن"، وفقا لتصريحات ميرال.
يذكر أنه من المقدر للانتخابات التركية أن تأخذ مكانها في العام القادم 2022.
ويحكم أردوغان تركيا منذ 18 عامًا حيث تقلد منصب رئيس الوزراء التركي عام 2003 واستمر فيه حتى عام 2014 عندما تولى رئاسة تركيا.
عاجل: الليرة تهبط 2%، ومطالبات بانتخابات رئاسية مبكرة!
ماذا بعد؟
ومن المتوقع أن تسجل الليرة التركية مزيدة من التراجع في الأسابيع المقبلة في ظل انصياع البنك المركزي لرغبات الرئيس أردوغان.
يقول HSBC Asset Management Turkey : "على الرغم من انخفاض الليرة منذ أوائل سبتمبر، من المرجح أن يختار البنك المركزي خفضًا آخر من خلال التركيز على التباطؤ في القروض التجارية.
وترى وكالة التصنيف الائتماني فيتش أن الخفض الكبير المفاجئ لأسعار الفائدة في تركيا بأنه خطوة أخرى في الاتجاه الخاطئ، بينما تتوقع الوكالة خفضا جديدا للفائدة.
ويقول محللون في وكالة فيتش: "إن تخفيف الإجراءات النقدية كان خطوة سابقة لأوانها، ويبدو أنها جاءت بدافع سياسي دون أن تترك للبنك المركزي الهامش المطلوب لحماية الليرة المتعثرة".
يرى محللون بنك اتش اس بى سي HSBC، أن الدولار الأمريكي أمامه مجال للارتفاع حيث أن الاحتياطي الفيدرالي سيبدأ في الخفض التدريجي لأصوله هذا الشهر.
حيث قال ريتشارد كلاريدا أن الاقتصاد الأمريكي تحول هذا العام من التعافي إلى الانتعاش لكن معدل التضخم سيواصل الارتفاع وفق التوقعات.
وانخفض مؤشر ثقة المستهلكين انخفض 3.6% إلى 76.8 نقطة في أكتوبر،وهو أدنى مستوى منذ فبراير 2009 في ظل استمرار زيادة التضخم.
نهاية أسبوع صعبة على الليرة التركية ومعتدلة على الذهب ومتألقة للدولار