في نهاية المطاف، فإن الجميع سيواجهون الخسائر في أسواق السلع. حتى بنك (غولدمان ساكس) العملاق (رمز السهم في بورصة نيويورك: GS) واجه بعض الذُل، مع إستمرار الأداء الضعيف للبنك في مجال تداول السلع. فلقد تم الكشف مؤخراً أن البنك الإستثماري الشهير قد تعرض لخسارة ضخمة قدرها 100 مليون دولار خلال الربع الثاني من العام الحالي، بسبب عمليات تداول غير موفقة في أسواق الغاز الطبيعي . كما تعرضت إستثمارات البنك الأخرى في أسواق السلع الأساسية إلى الخسائر كذلك، مما نتج عنه أسوأ فصل للبنك في 73 فصلاً (أكثر من 18 عام). والآن، فلقد شرع البنك الشهير في القيام ببعض التغييرات، التي يمكن أن تقدم دروساً مفيدة للمؤسسات الإستثمارية الأخرى وللمستثمرين الأفراد على حد سواء.
وكانت وكالة (بلومبرغ) الإخبارية قد قالت أن وحدة تداول السلع في (غولدمان) قد واجهت المتاعب بسبب الفشل في إستبدال المواهب الكبرى التي كانت تضمها في مجال التداول، وأصحاب المناصب العليا في الوحدة، خلال الفترة التي قامت فيها بتغييرات تستهدف خفض التكاليف. ووفقاً لهذه النظرية، فإن الفريق، المكون حالياً من نحو 180 شخصاً، في حاجة إلى تدفق للقدرة الإستثنائية. ولكن، هناك مشكلة في هذا التفسير، إذ أن هذه الوحدة تضم حالياً العشرات من أفضل المتداولين والمحللين المتميزين. ففي نهاية الأمر، إنهم متميزين لدرجة أنهم إستطاعوا الحصول على وظائف مرموقة في مؤسسة مالية عملاقة بحجم (غولدمان ساكس). بالإضافة إلى ذلك، هنالك وجهة نظر قوية تقول أنه لا يوجد شيء إسمه (مستثمر إستثنائي)، بغض النظر عما يريد قطاع الإستثمار في الأسواق المالية أن يعتقد.
وقد بين (دانيال كانيمان)، عالم النفس السلوكي الشهير والفائز بجائزة نوبلللاقتصاد، أن مفهوم المواهب في الاستثمار من المحتمل أن يكون غير صحيح. هناك بعض الصفات التي قد تفيد المستثمر، مثل "الانضباط العاطفي" بالإضافة إلى التواضع، ولكن على الاغلب، فإنه لا يوجد وسيلة لصاحب العمل تمكنه من تحديد المستثمر الموهوب بشكل خاص. (للمزيد من أفكار كانيمان عن العقل البشري، الحدس، والمنطق، الرجاء الرجوع إلى كتابه المميز: التفكير السريع والتفكير البطيء). وإذا إعتمدنا هذا المنطق، فإنه لا يوجد طريقة سهلة أمام (غولدمان) لتوظيف مواهب إستثمارية إستثنائية.
ومع ذلك، هناك طريقتان متاحتان أما المستثمرين لتحسين فرصهم. الأولى هي القيام بالأبحاث والثانية هي تحليل المعلومات التي تقدمها هذه الأبحاث بشكل صحيح. من الضروري الحصول على المعلومات الصحيحة ومن الضروري كذلك الوصول إلى الفهم الصحيح لما تعنيه هذه المعلومات. وكماذكرت (بلومبرغ) أن بنك (غولدمان) يأمل بأن يصبح أكثر نجاحاً عن طريق الاستفادة من علاقته المميزة مع"أكثر من 1500 عميل من عملاء الموارد الطبيعية". هذه وسيلة رائعة للحصول على معلومات أفضل ومساعدة المستثمرين على فهم تلك المعلومات بالشكل الصحيح، إنها طريقةمفيدة لإستخدام حجم ونفوذ (غولدمان ساكس) في الإستفادة من المعلومات. بكلمات أخرى، سيقوم (غولدمان) بالاستفادة من شبكة العملاء الخاصة به، وهم عملاء لهم معرفة جيدة في هذا مجال تجارة السلع، بهدف الحصول على أفضل البيانات، وهو ما يُفترض أن يساعد البنك على فهم معنى هذه البيانات.
الكثيرون من الأفراد الذين يتداولون في أسواق السلع هم في الحقيقة ممن يعملون أصلاً في هذا القطاع. سواءكانوا مزارعين يريدون التحوط على محاصيلهم، أو رجال صناعة النفط الذين يرغبون في ترجمة معرفتهم بمعلومات معينة في هذا القطاع لتحقيق أرباح خاصة لهم. إن الحصول على معلومات جيدة ومعرفة الكيفية التي يجب أن يتم من خلالها تحليل هذه المعلومات، هي أمور تعتبر من مفاتيح النجاح في عالم الاستثمار، خصوصاً عندما يتعلق الموضوع بالإستثمار في السلع الأساسية. إن الإستثمار بدون معلومات وبيانات يصبح مثله مثل القمار، وإذا أردت ذلك، يمكنك الذهاب إلى مونتي كارلو، أو ماكاو، أو لاس فيغاس.
النفط يعود إلى الإنشغال مع قرب إنتهاء فصل الصيف
يقترب فصل الصيف من نهايته، وفي هذه الأثناء فإن الأسواق تكون بطيئة بشكل عام. إن أحداث الأسبوع الماضي (التسرب النفطي الصغير في مرافق إنتاج النفط الكويتية الواقعة على الخليج العربي، وإرتفاع أسعار البنزين في بعض أجزاء الولايات المتحدة بسبب الإقبال على القيادة لرؤية كسوف الشمس، وإنخفاض عدد منصات الحفر العاملة في الولايات المتحدة، والإعلان عن شراء شركة روزنيفت لمصفاة نفطية كبيرة الحجم في الهند) لم توثر بشكل كبير على أسعار النفط الخام في الأسواق العالمية، أو أسعار أسهم شركات النفط الكبرى. ولكن فصل الصيف سينتهي قريباً، وسيعود السوق إلى الإنشغال.