يبدو أن بيئة الأسواق المالية في الوقت الحالي قد أصبحت حساسة جدا للتوترات الجيوسياسية، الكبيرة والصغيرة على حد سواء، وبأكثر من أي وقت مضى منذ انتهاء الحرب الباردة. وبالإضافة إلى ذلك، فإن عودة الشعبوية، كان لها تأثير كبير على الأسواق، ولا سيما أسواق العملات، وذلك من خلال التصويت البريطاني على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي العام الماضي، ونتائج الانتخابات الرئاسية الأمريكية في ذات العام، وحدثين أقرب زمنياً شهدتهما منطقة اليورو، وهما اصراع ما بعد الانتخابات في ألمانيا لبناء تحالف حاكم، واستفتاء إستقلال كاتالونيا.
بالإضافة إلى ذلك، هناك اضطراب سياسي آخر يستحوذ على الأسواق اليوم: التداعيات الدبلوماسية تقود الآن إلى الخلاف بين الولايات المتحدة وتركيا.
الصدام يضرب الأسواق التركية
بدأ الأمر يوم الأربعاء الماضي، وذلك بعد القبض على مواطن تركي يعمل في القنصلية الأمريكية في اسطنبول، بتهمة تورطه في محاولة الإنقلاب التي جرت في تموز/يوليو 2016 ضد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان. واحتجاجا على ذلك، أوقفت الولايات المتحدة يوم أمس خدمة منح التأشيرات في تركيا، وبعد ساعات قليلة من ذلك ردت تركيا بالمثل.
ويعتقد الكثير من المراقبين أن إرودغان قام بإستخدم محاولة الانقلاب في عام 2016، والتي يعتقد البعض أنها مجرد حيلة أثارها أردوغان نفسه، للحصول على المزيد من القوى الديكتاتورية. ولم تقم الأحداث التي جرت في عطلة نهاية الأسبوع بلفت الانتباه إلى حكومة هي برأي الديمقراطيات الغربية غير مناسبة، إلا أن الاعتقال يؤكد الصلة المباشرة مع ما حصل العام الماضي على شكل خطوة إلى الوراء للديمقراطية التركية.
وبطبيعة الحال، فإن تركيا ليست نداً للولايات المتحدة، ولا للدول المتقدمة الأخرى التي تعارض الحاكم التركي المتعطش للسيطرة. ولكن رغبة أردوغان في أن ينظر إليه على أنه لاعب قوي من قبل القوى العالمية هي رغبة واضحة. وعلى الرغم من أن الأزمة الحالية، والتي كان لها أيضا تأثير سلبي على الأسهم التركية، وعائدات السندات التركية، لا يبدو أنها أكثر من مجرد خلاف بسيط، إلا أنه من الممكن دائماً أن تتطور الأمور بشكل غير متوقع.
خلاصة القول: ما لم تتمكن أنقرة من إصلاح علاقتها مع واشنطن، وهو ما قد يكون صعباً على الأنا الأردوغانية، فإنه من المحتمل أن تستمر معاناة الليرة التركية. وكانت آخر مرة أظهر فيها أردوغان مثل هذا السلوك في منتصف عام 2016 عندما اعتذر لروسيا بعد إسقاط إحدى طائراتها الحربية، ولكن استغرق اردوغان أكثر من ستة أشهر لتقديم هذا الاعتذار، وبالتالي فإن المشكلة الحالية يمكن أن تستمر في التأثير لبعض الوقت.
من وجهة نظر التحليل الفني، أعطت هذه التطورات دفعة كبيرة للدولار/ليرة، فقفز الزوج بنسبة 2.75% عن طريق الفجوة، ثم أكملت الحركة إلى ارتفاع بنسبة 3.7%، تم من خلاله كسر مقاومة صمدت منذ شهر آيار/مايو الماضي. وبما أن كسر هذه المقاومة قد حصل بالفعل، فمن المتوقع أن تتحول إلى دعم الأن، حيث يصعد الجميع على متن الطائرة الصاعدة مع الاتجاه الجديد ويقومون بالشراء، عند نفس المستوى الرئيسي الذي كان البائعون قد تفوقوا عنده على المشترين.
ومنذ ذلك الحين، خفضت الليرة التركية خسائرها إلى 2.2%، دون أن تكون غير قادرة على إستعادة تقدمها السابق، ثم تبع ذلك إنخفاض الخسائر إلى 1.7%.
إستراتيجيات التداول
سينتظر المتداولون المتحفظون حتى الحصول على تأكيد بأن المقاومة التي قد كُسرت قد تحولت إلى دعم، وذلك مع عودة السعر إلى مستوى 3.6400، على أن يتبع ذلك إغلاق أعلى. أما المتداولون المعتدلون، فسيصبرون حتى عودة السعر إلى أدنى مستوى شهدته تداولات اليوم 3.6756 قبل القيام بعمليات الشراء، في حين أن المتداولون العدوانيون قد يدخلون بالشراء الأن، إذا اكنت لديهم القدرة على تحمل وقف خسارة تحت مستوى 3.64، والذي هو أمر ممكن الحصول قبل إستئناف الصعود، وتحمل تبعات ذلك على المخاطرالمتعلقة بحساباتهم وإحتمالات خسارة هذه العملية.