تحمل شهادة جيروم باول رئيس الاحتياطي الفيدرالي هذا الأسبوع أمام الكونجرس أهمية كبيرة ومخاطرة في الوقت نفسه. وعادة ما يكون تقرير الفيدرالي النصف السنوي المقدم للكونجرس هو مركز الانتباه، ولكن لخطاب باول أهمية أكبر، إذ أنه رئيس أكبر بنك مركزي في العالم. وارتفعت أسواق الأسهم بشكل حاد في ارتقاب لتعليقات متفائلة من باول، فقفز داو جونز الصناعي 350 نقطة. ورافق داو إس آند بي 500، وبذلك ارتفعت البورصات متجاوزة مستويات المقاومة. ومهدت الأسهم بارتفاعها هذا الطريق أمام أرباح أكبر في الأيام القادمة. ولكن، لا يبدو أن مستثمري العملات والسندات بنفس درجة الحماس والتفاؤل بشأن خطاب باول، فهم يحجمون عن أي حركة منتظرين خطاب باول. وفي ظل هذا الترقب والهدوء، من المتوقع أن نرى كافة أزواج العملات من يورو/دولار أمريكي، ودولار أمريكي/ين ياباني، مستقرة عند مستوياتها الحالية، أو تتحرك خلال جلستي التداول الأوروبية والآسيوية في الساعات القليلة السابقة لشهادة باول أمام الكونجرس.
يمكن لخطاب باول أن يؤثر على الدولار ب 3 طرق. وسيكون أضخم تأثير هو حال أعلن باول عن رفع الفائدة في مارس، واحتياجهم لإتمام الرفع في أقرب وقت، لتمهيد الطريق أمام الفيدرالي لرفع الفائدة من 3 إلى 4 مرات هذا العام. وربما رفع الفائدة الشهر القادم ليس حركة مفاجئة، فالعقود الآجلة للصناديق الفيدرالية تحتسب تأثيرات هذه الحركة بنسبة 100%. ولكن سوق الفوركس سيتأثر بهذا الخطاب وبرفع الفائدة في مارس نظرا للأداء الضعيف للدولار في بداية 2018. وبدون التباس، تعمل أي تعليقات أو تصريحات من أنصار رفع الفائدة على رفع الدولار، فيمكنها أن تأخذ زوج دولار/ين إلى 108. ويمكن للدولار أيضا أن يرتفع حال أعلن باول عن تحسن الحالة الاقتصادية، والحاجة إلى رفع الفائدة عدد من المرات دون أن يحدد بالضبط كم مرة. ولكن في حالة السيناريو الأخير، ستكون أرباح الدولار متقلبة، ومن المرجح أن تنحصر الزيادة على زوج الدولار/ين. وعلى أي حال، إذا أعلن باول أن التضخم أو الإنتاجية منخفضة، سيؤثر ذلك بالانخفاض على زوج الدولار/ين فينخفضان إلى 106. ولكن سيرتفع زوج اليورو/دولار إلى 1.24.
3 أمور يجدر بك أن تهتم بها في خطاب باول
#1 تعليقات باول على تطورات السوق الأخيرة: انخفض داو بنسبة 6%، بعد هبوطه من ذروة يناير. بينما أغلقت سندات أجل 10 سنوات على ارتفاع 3%. وغالبية صانعو السياسة في الولايات المتحدة غير مهتمين بمثل تلك التحركات، خاصة بعد التعافي الأخير. فلو سار باول على نفس الخطى ولم يعلق على تصحيح فبراير، فسيرتفع كلا من سوق الأسهم والعملات.
#2 النظرة العامة على النمو والتضخم: يؤكد باول على أرباح الأجور، وسيكون كلا من التضخم والنمو من العوامل المهمة التي سيلقي الضوء عليها. شهدنا الفترة الماضية ارتفاع أرباح الأجور، ولكن في حال قال أننا بحاجة لدفع التضخم للارتفاع، مؤكدا على ضرورة فرض معدلات فوائد أعلى وأعنف، سيكون الأمر كارثيا بالنسبة لسوق الأسهم، والعملات. وفي حال صرح باول بهذا، سيرتفع الدولار أمام كافة العملات الرئيسية الأخرى.
#3 موقعه من عدد مرات رفع الفائدة: وأخيرا وليس آخرا، يجب أن نركز على مدى شفافية باول فيما يتعلق بمرات رفع الفائدة. ومن المعتقد على نطاق واسع أنه سيؤكد على الحاجة لرفع معدلات الفائدة. وفي حال حدد باول عدد مرات رفع الفائدة من 3 إلى 4 مرات خلال العام، سيكون هذا مربكا ومزعزعا للعملات حيث سيرتفع الدولار لأعلى. ولكن، إذ لم يتحدث بالتحديد عن عدد مرات رفع الفائدة، سيرى المستثمرون أن هذا هو الضوء الأخضر لجني مزيد من الأرباح في سوق الأسهم، والعملات الخطرة.
ستحدد شهية المستثمرين للدولار كيفية تداول العملات الرئيسية يوم الثلاثاء، بما فيهم زوج اليورو/دولار والذي تعزز في نطاق ضيق لمدة 4 أيام. ولم تؤثر تعليقات رئيس البنك المركزي الأوروبي ماريو دراغي تأثيرا بالغا على اليورو. رغم أنه صرح بأن: الاقتصاد الأوروبي يتوسع بسرعة كبير، وسنشهد تحسنا كبيرا في سوق العمل، كما أشار لتحسن ثقتهم بوصولهم لمعدلات التضخم المستهدفة، وألمح إلى ضغوط السعر والتي من المنتظر لها أن تدخل في اتجاه صاعد مستدام، وبهذا هي مازالت خاضعة لتحفيزات البنك الأوروبي. ورأى دراغي بأنه من الواجب إخضاع كلا من السوق المتقلبة وتحركات العملات للمراقبة. وما يزال أمامنا أسبوعين قبل اجتماع السياسة القادم، وترجح هذه التعليقات أن صانعي السياسة من المحتمل أن يأجلوا تغيير التوجه لشهر آخر. ويصدر يوم الثلاثاء كلا من بيانات التضخم في ألمانيا، وتقرير الثقة لمنطقة اليورو. ولكن من سيقرر إذا ما كان زوج اليورو/دولار سيخترق 1.2350 أو 1.2250 سيكون تعليقات باول، وليس بيانات منطقة اليورو.
وما زال الجنيه الاسترليني يعاني من مخاوف المستثمرين بشأن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، رغم انضمام رامسدن وهو أحد أعضاء بنك انجلترا إلى جوقة صانعي السياسة في المملكة المتحدة المتغنين بتحسن الأوضاع الاقتصادية. ويدعم رئيس حزب العمال جيرمي كوربن ما يدعوه بالخروج الناعم من الاتحاد الأوربي. ودعا كوربن للبقاء في الاتحاد الجمركي، وهذا ما يضع رئيس الوزراء تريزا ماي في موقف حرج. وأصدر مكتب ماي تصريحا لرفضه فكرة البقاء في الاتحاد الجمركي، ذاكرا: "نحن نريد حريتنا في عقد ما نشاء من اتفاقيات التداول، والاتصال بالعالم". ونرى بأن مفاوضات خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي بمرور الوقت تتراجع ولا تتقدم، فنرى بأن زعيم حزب العمال "خان" خروج بريطانيا، والاتحاد الأوروبي لا ينوي التساهل أبدا مع بريطانيا. وعليه، فسوف تفتقد ماي للثقة اللازمة لها في خطابها حول خروج بريطانيا الجمعة القادمة.
انخفض الدولار الكندي في مواجهة الدولار الأمريكي رغم ارتفاع أسعار النفط. ورغم أن المعطيات الأساسية للاقتصاد الكندي ما تزال قوية، فلم تشهد الجولة السابعة من مفاوضات اتفاقية التجارة الحرة لأمريكا الشمالية (نافتا) بداية جيدة. وتأجلت زيارة رئيس المكسيك أنريكي بينيا نييتو لنظيره الأمريكي دونالد ترامب لأجل غير مسمى، وذلك بعدما رفض ترامب التصريح علانية بأن المكسيك لن تدفع لقاء بناء الجدار الحدودي بين الولايات المتحدة وبينها. وهناك تقارير تشير إلى أن ترامب فقد أعصابه، مما دفع نييتو لإلغاء الرحلة. وتدور مخاوف حول تأثيرات فشل مفاوضات نافتا على الدولار الكندي، ولكن للوقت الراهن ما يزال زوج دولار أمريكي/دولار كندي تحت 1.27. وبفضل تحسن الأجواء للمخاطرة، ارتفع كلا من الدولار الأسترالي ودولار نيوزيلندي ارتفاعا قليلا. ولكن الدولار النيوزيلاندي خسر جزءا كبيرا من أرباحه بعد الميزان التجاري الضعيف. توقع الاقتصاديون أن نشاط التداول سوف يخفت، ولكن فائض 596 مليون تحوّل إلى 566 عجز في يناير، إذ انخفضت كلا من الصادرات والوارادات.