ارتفع الدولارأمام كافة العملات الرئيسية، وذلك بفضل ما أدلى به رئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول من تصريحات حول الاقتصاد لا التباس في إيجابيها. عانى كلا من الدولار الاسترالي والنيوزيلاندي من خسائر كبيرة، بينما شهد كلا من الفرنك السويسريوالين الياباني تراجع محدود. ويظهر هذا أن تعليقات باول ربما ينتهي بها الأمر لأن تصبح ذات تأثير كبير على قابلية المخاطرة، أكثر من تأثيرها على الدولار. وبما أن تحسن وضع العملات يعتمد على انخفاض الأسهم، شهدنا أمس الثلاثاء انخفاض قدره 1% لمؤشر (NYSE:داو جونز الصناعي). فلو استمر التصحيح في سوق الأسهم بدافع من شهادة باول، عندها سيزيد الدولار أرباحه، ولكن سيكون الفرانك السويسري والين الياباني الأفضل أداء. فإذا دخل السوق عدد كبير من المشترين، وكانت الخسائر في سوق الأسهم محدودة، عندها سيصعد زوج الدولار/ين بجانب عملات المخاطرة الأخرى. ولكن، أنهى سوق الأسهم اليوم مقتربا من منخفضاته، واقتربت سندات أجل 10 سنوات من 3%، تقع المخاطرة الآن في الاتجاه الصاعد للدولار مقابل اليورو والجنيه الاسترليني وعملات السلع. ومن الواجب أن يستقر زوج الدولار أمريكي/ين ياباني فوق مستويات 106.50، ولكنه يكافح لتجاوز 108.
يوجد سمتان لشهادة باول، وهما انضمامه لحلف رفع الفوائد، والتفاؤل. شدّد باول موضحا أن الاقتصاد ينمو بخطى قوية، فالتضخم إلى ارتفاع، ولا يلوح ما يثير الخوف من حدوث ركود. ومنذ ديسمبر، شدد على أنه لا تدور في صدره أي مخاوف بشأن ما تشده الأسهم من تقلبات. وعندما وُجه إليه السؤال بشأن عدد مرات رفع الفائدة، أجاب بتحسن الاقتصاد، وأعرب عن ثقته بأن التضخم سيرتفع هو الآخر. وأضاف أنه لا يرى أي مشكلة فيما يخص منحنى العائد في الوقت الحالي. وأنهى خطابه بالقول أن اقتصاد الولايات المتحدة في أحسن حالاته، وهو في ذلك الوضع منذ فترة، وبشأن البطالة قال أن البلاد على وشك أن تصبح بلا بطالة. وبثت تلك التصريحات مخاوف بشأن رفع الفائدة 4 مرات هذا العام، وعلى أي حال لم يذكر باول على وجه التحديد عد مرات رفع الفائدة. ولكن، لا نعتقد أن باول سيرفع الفائدة 100 نقطة أساسية. ولكن المخاوف بشأن وجود احتمالية برفع الفائدة 4 مرات، تقود للمزيد من الضعف في العملات التي يوجد بها مخاطرة.
ويقع في نطاق العملات المتعرضة للمخاطرة زوج اليورو/دولار، والذي وصل للنقطة الدنيا من نطاق الأيام الأربعة الخاصة به بعد شهادة باول. ورغم زيادة أسعار المستهلك في ألمانيا، إلا أن العملة الموحدة تحركت بتأثير من أسهم الولايات المتحدة. وربما يدفع المزيد من تحوط المخاطر زوج اليورو/دولار إلى الأدنى، ولكن يوجد دعم كبير ما بين 1.2190 و1.2200. وسيحدد اليوم تقرير مؤشر أسعار المستهلك، وأرقام سوق العمل ما إذا كان زوج العملة سيكسر تلك المستويات. ومن المنظور أن توضح أرقام سوق العمل ضعفا في نمو الوظائف، ولكن في حال كان هناك تباطؤ في التضخم، حينها سيكون زوج اليورو/دولار في أزمة. وتبدو الزيادة في مؤشر أسعار المستهلك الألماني مشجعة، ولكن من المتوقع أن تظهر بيانات المؤشر اتجاها للانخفاض لمستوى 1.20، وذلك لوقوعها بين ضغط الأسعار المنخفض في فرنسا، وبداية التقييم السنوي للعملة.
تفوق الجنيه الاسترليني يوم الثلاثاء، فأتى في المركز الثاني بعد الين الياباني والفرانك السويسري. وكانت خسائره محدودة مقارنة باليورو، وعملات السلع. ولا يمكن شرح هذا التفوق إلا في إطار ما ينتظره السوق من أحداث ضخمة تتضمن: تقرير مؤشر مديري المشتريات الصناعي، وخطاب محافظ بنك انجلترا يوم الخميس، وخطاب رئيسة الوزراء تريزا ماي يوم الجمعة حول خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
وعلى وقع تعليقات باول عن الاقتصاد الأمريكي تراجعت عملات السلع الثلاثة الرئيسية. وقاد هذا الانخفاض الدولار النيوزيلاندي. وصدر مساء الأثنين تقرير التداول في نيوزيلاندا والذي جاء منخفضا، وتسبب في تراجع العملة والعملات الرئيسية الأخرى. ويصدر الليلة تقرير مجموعة استراليا ونيوزيلاندا المصرفية المحدودة (AX:مجموعة أ إن زد)، وتقرير ثقة الأعمال. وانخفض أيضا الدولار الاسترالي على وقع انخفاض أسعار السلع، وسيكون من الشيق معرفة ما إذا كان زوج دولار استرالي/دولار أمريكي سيسقط أو سيتمسك بمستوى دعم 7760 (وأتوقع أنه سينخفض تحت هذا المستوى). في الغالب تتعلق تحركات تلك الأزواج بتداول الأسهم، ولكن ستؤثر تقارير مؤشرات مديري المشتريات الصيني عليهم. بينما اخترق زوج دولار أمريكي/دولار كندي مستوى 1.27، ووصل لأقوى مستوى منذ شهرين. ويتوقع السوق أن الاحتياطي الفيدرالي ربما يرفع الفائدة 4 مرات هذا العام، ولكن نحن غير متأكدين من ذلك، ولكن استطاعت هذه التوقعات أن تبث الخوف في أجواء السوق. فانخفضت سوق الأسهم الأمريكية 1%، فأغلق داو على انخفاض 300 نقطة. وفي حال أرجعت الأسواق الآسيوية والأوروبية أصداء هذا الانخفاض وبدأت عمليات تصفية، عندها ستسقط عملات السلع والتي من ضمنها الدولار الكندي إلى أبعد من مستويات انخفاضها الحالية. وبعيدا عن الدولار الأمريكي المرتفع، نرى بأن الدولار الكندي يعاني من ضغط تحوط المستثمرون لمخاطر عملات السلع المنخفضة. ومن ناحية فنية، نرى بأن الخطوة القادمة لزوج الدولار أمريكي/دولار كندي يجب أن تكون عند 1.28، ولكن من الممكن للزوج أن يمهد طريقه حتى 1.2850. والآن اخترق الزوج 2 من مستويات مقاومة فيبوناتشي (مستوى 38.2% في أثناء تصفية 2017، و 23.6% في انخفاض الفترة ما بين عامي 2016 إلى 2017).