قد يكون من المهم أحياناً أن نعيد النظر بالعديد من التفاصيل الفنية والأساسيات الاقتصادية حتى نعرف تماماً أي اتجاه من الممكن أن نسلكه. والحق يقال لايقع اللوم علينا (كمتداولين ومحترفين واقتصاديين) في أحيان كثيرة , لأن صناع السياسة النقدية في البنوك المركزية الكبرى في العالم والحكومات قد يتخذون قرراً مفاجئاً أو تغييراً غير متوقع تتغير معه معطيات الأسواق واتجاهاتها.
اليابان, ثالث أكبر اقتصاد في العالم, والعملاق الآسيوي في الصادرات والصناعات المتقدمة يملك واحداً من أدنى مستويات التضخم بين الاقتصاديات المتقدمة , حيث لم يصل التضخم الحقيقي في اليابان الى أكثر من 1% بعد أكثر من أربع سنوات على عمليات شراء الأصول التي يقوم بها بنك اليابان , اضافةً الى أسعار الفائئدة المتدنية مادون الصفر عند -0.10% وبالتالي من غير المتوقع أن يصل الى 2% كهدف للسياسة النقدية اليابانية لعوامل معقدة ديموغرافياً واقتصادياً وسياسياً وبشرياً.
الملف للنظر هذا التغيير الطارئ في كلام كورودا محافظ بنك اليابان خلال اليومين الأخيرين بشأن برنامج شراء الأصول وعوائد السندات الحكومية اليابانية JGP التي يتحكم بنك اليابان بتقلباتها وارتفاع أو تراجع عوائدها. بدأت عوائد السادات اليابانية بالارتفاع مجدداً في الأيام الأخيرة واذا بدأ بنك اليابان جدياً بتخفيف شراء الأصول والسماح برفع العوائد على سندات الحكومة عندها قد نكون أمام سيناريو جديد من الارتفاع للين في الأسواق العالمية . الدولار الأمريكي / ين وصل قبل اسبوعين الى 113.22 أعلى مستوياته هذا العام , والآن يتداول عند مستويات 110.75 ين . سيكون ترامب سعيداً بارتفاع الين وقدرته على المناورة في اتفاقياته التجارية من اليابان. المستويات الحالية للين كانت بفضل قوة الدولار الأمريكي أكثر من كونها تدخل ياباني , ولكن حذار من أن هذا السيناريو قد يتغير قريباً.
ثلاثة معايير لا بد أن تؤخذ بعين الاعتبار :
أولاً , قوة الدولار الأمريكي التي من غير المتوقع أن تستمر طويلاً .
ثانياً , عوائد السندات الحكومية اليابانية لعشر وخمس سنوات , الارتفاع فيها يعني مزيداً من القوة للين .
ثالثاً , غير تصريحات أو كلام كورودا محافظ بنك اليابان, لابد أن نراقب تطور التوتر التجاري في آسيا لأن المزيد من التضييق الأمريكي على الصين وعدم الاستقرار سيكون لصالح التحوط بشراء الين .
قد تبقى التقلبات ضعيفة حالياً لعوامل تكون موسمية , ولكن تقلبات الدولار الأمريكي / ين خلال العام ونصف الأخير تبقى بنفس النطاق بين أعلى وأدنى مستويات هذا الزوج . ولذلك قد يكون مجدياً التفكير بعدم شراء الدولار الأمريكي مقابل الين على الرغم من زخم العملة الأمريكية حالياً.