قد يكون الكثير من المتداولين والمضاربين غير مصيبين في توقعاتهم وقراءاتهم لتقلبات الأسواق العالمية . والحق يقال أنه ليس المهم أن تشعر أو تتوقع ارتفاعاً أو تراجعاً معيناً بناءً على معايير عاطفية أو معايير تبنى على أسس غير واقعية , المهم أن تحدد اتجاهك في السوق,تستفيد من التقلبات ان حدثت وتخفف من مستويات المخاطر والانكشاف في حال كنت متعرضاً لصفقات كبيرة فيها خسائر تفوق قدرة رأس المال على التحمل .هذه المعمعة التي نعيشها منذ يوم الجمعة الفائت بعد التراجع القياسي لليرة التركية ,تركت تأثيرات سلبية على جميع مؤشرات الأسهم العالمية , رفعت من مستويات المخاطر مجدداً , وأرسلت الذهب الى أدنى مستوياته منذ آذار2017 (عام ونصف تقريبأً),حالياً عند مستويات 1194.46$ للأونصة .
بينما يقف على الجانب الآخر اليورو,العملة التي تضررت للغاية حيث تراجع اليورو دولار بأكثر من مئة نقطة كاملة يوم الجمعة الفائت ليصل الى مستويات 1.1370$ مجدداً , أدنى مستوياته منذ عام كامل, وربما بات الجميع يعلم أن انكشاف البنوك الأوربية (اسبانيا أولاً, فرنسا ثم ايطاليا) هو الأكبرعلى الأزمة التركية ولذلك عاقب المستثمرون اليورو بقوة مجدداً.لانعتقد بأن اليورو سيكون أمام اتجاه عام تراجعي بيعي مستمر وانما هذا التراجع هو ردة فعل لارتفاع المخاطر والذعر في بعض الحالات , فأساسيات منطقة اليورو لم تتغير, والبنك المركزي الأوربي لن يغير في توجهاته او سياسته النقدية بسبب ما يحدث في تركيا فهو لم يغيرها مثلاً عندما كانت اليونان فما بالك بتركيا وهي ليست في المنطقة الأوربية ككل! لن يزعج هذا التراجع البنك المركزي الأوربي الا اذا استمر بقوة وشكل حالةً حقيقية للقلق على اليورو نفسه وعلى الأرقام الاقتصادية ككل ( Micro - Macro ) وهذا غير متوقع حالياً. سيكون التحدي الأكبر سياسياً مرةً أخرى مرتبطاً بسرعة تعاطي الادارة التركية مع الثقة الضعيفة بها عالمياً, ومع الاجراءات الاقتصادية والنقدية المطلوبة سواء بوجود صندوق النقد الدولي أو من عدمه, وسواء تم فرض قيود على رأس المال او لم يتم رفع الفائدة من قبل البنك المركزي التركي (أسعار الفائدة التركية حالياً عند 17.75% ). مستويات اليورو الحالية ستكون لصالح مستويات أعلى للتضخم وهذا مايسعى اليه المركزي الأوروبي وهذا سيكون لصالح مزيد من الارتفاعات على اليورو. لا تحدد عزيزي القارئ استراتيجتك بأحداث مؤقتة بل انظر للصورة الشمولية العامة ككل.
فنياً تشكل مستويات اليورو الحالية نقاط دعم مهمة للغاية لم نرها منذ تموز 2017 , المؤشر اليومي يعطي ضعفاً في الوقت الحالي , بينما يبدو المؤشر الساعي أكثر تماسكاً (49.35 نقطة RSI) .على الجانب الآخر تبدو قوة الدولار الأمريكي مستمرة وبزخم حيث وصل الى مستويات 96.60 نقطة ,أعلى مستوى لمؤشر الدولار الأمريكي منذ أربعة عشر شهراً (حزيران 2017) ويبدو أن المؤشر اليومي قد تشبع بالشراء وبالتالي قد يكون أمام تصحيح , الذي ان حدث لن يكون مستمراً على الأقل حالياً, هذا التصحيح السعري سيسبب جني أرباح على مؤشر الدولار الأمريكي .