عزز الدولار مكاسبه بنهاية جلسات الأسبوع الماضي بعد تقرير الوظائف الأمريكي القوي ليغلق على إرتفاع بسيط بمقدار 0.23%, ومع بداية جلسات هذا الأسبوع يشهد بعض التراجع الطفيف خلال الجلسات الأوروبية.
المؤشرات الدالة على قوة الدولار
يأتي هذا التعزيز لمؤشر الدولار الأمريكي بعد أن أصدرت وزارة العمل الأمريكي تقرير سوق العمل يوم الجمعة الماضي, والذي أظهر إرتفاع معدل التوظيف بالقطاع غير الزراعي في أغسطس بمقدار 201 ألف وظيفة متجاوزاً التوقعات عند 191 ألف, وأعلى من المقدار السابق عند 147 التي تم تعديلها من المقدار السابق 157 ألف في يوليو.
هذا التعزيز يأتي بعد أن أظهرت القطاعات زيادة العمالة في الخدمات المهنية والتجارية والرعاية الصحية وتجارة الجملة والنقل والتخزين والتنقيب. كما أظهر التوظيف تغيراً طفيفاً خلال الشهر في الصناعات الرئيسية الأخرى, وبما في ذلك تجارة التجزئة والمعلومات والأنشطة المالية والترفيه والضيافة والحكومة.
أما يخص معدل البطالة ظلت البطالة قرب أدنى مستوى لها في 18 عام, ولم يتغير معدل البطالة عند نسبة 3.9%, وهذا أعلى من توقعات السوق عند نسبة 3.8% في أغسطس. حيث إعتباراً منذ إجتماع يونيو الماضي قام برنامج الإحتياطي الفدرالي في البنك الفدرالي بتثبيت معدل البطالةعلى المدى الطويل بنسبة 4.5٪.
بينما الأخبار الأكثر إثارة للإعجاب في تقرير التوظيف لشهر أغسطس كانت المفاجأة التصاعدية في متوسط الدخل في الساعة مما دفع معدل التغيير على أساس سنوي إلى إرتفاع في فترة ما بعد الركود. حيث إرتفع متوسط دخل الفرد بالساعة على أساس شهري عند 0.4% في أغسطس متجاوزاً التوقعات عند 0.2%, والمقدار السابق عند 0.3%.
على أساس سنوي إرتفع بمقدار 2.9% متجاوزاً التوقعات والمقدار السابق في يوليو عند 2.7%, وهذا أعلى تقدير للمرة الأولى منذ يونيو 2009. مع ذلك, يكون طمأنة بما يخص منحنى فيليبس (AS:PHG) الذي وضحناه في مقالتنا السابقة (تقرير سوق العمل الأمريكي, وأثره على قرار رفع الفائدة من الفدرالي) حيث أتباع أن الركود في العمالة قد تضاءل لدرجة أنه في النهاية قد يكون له تأثير أكبر على ضغوط الأجور.
في المقابل يشير هذا إلى واضعي السياسات بأن الإقتصاد يعمل في محيط العمالة الكاملة. مما يبرهن المسؤولين في البنك الإحتياطي الفدرالي الذين أقترحوا أن معدل البطالة الحيادي قد إنحسر نسبياً مقارنة بالدورات السابقة.
كل ذلك يعزز على نطاق واسع أن يقوم المسؤولون الفيدراليون برفع أسعار الفائدة عند إجتماعهم في وقت لاحق من هذا الشهر. في حين أن آفاق زيادة أخرى في شهر ديسمبر قد إرتفعت أيضاً في نظر المستثمرين فلا يزال من غير الواضح ما إذا كان صانعو السياسة سيتابعون ما سيكون تحركاً رابعاً في عام 2018.
كما أضاف في مقابلة إريك روزنغرين رئيس البنك الإحتياطي الفدرالي في بوسطن منذ يوليو 2007 أنه بإستثناء منعطف غير متوقع بالنسبة للإقتصاد الأمريكي مع إنخفاض معدلات البطالة ومن المرجح أن تستمر في الإنخفاض, ومع ارتفاع معدل التضخم في البنك المركزي بنسبة 2٪. لم يتردد روزنغرين في تفضيل زيادة رابعة وذهب إلى أبعد من ذلك قائلاً إنه يرغب في إبقاء أسعار الفائدة مرتفعة في العام المقبل 2019 أيضاً, ولكن لم يحدد نسبة محددة للزيادة بالعام المقبل.
على صعيد الأسهم, أغلقت وول ستريت بشكل متواضع في المنطقة الحمراء يوم الجمعة 7 سبتمبر 2018. حيث إنخفضت أسهم شركات التكنولوجيا لليوم الرابع على التوالي, وقال الرئيس ترامب إنه مستعد لضرب الصين بتعرفة أخرى بقيمة 267 مليار دولار. لكن عادت للمناطق الخضراء بجلسات اليوم الإثنين خلال الجلسات الصباحية.
أما هذا الأسبوع كانت الأسهم في آسيا متفاوتة حيث إستوعب المستثمرون تهديد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بتصعيد الحرب التجارية مع الصين. كما حافظت عائدات الدولار والخزينة على المكاسب حيث عزز إرتفاع الأجور في الولايات المتحدة من إحتمالات رفع أسعار الفائدة. بينما إنخفضت أسهم الأسواق الناشئة, وإنتعش النفط من أكبر خسارة أسبوعية في شهرين بسبب تكهنات عن نقص في إمدادات النفط الخام.
المعادن وأسباب معاناتها
قوة الدولار كانت لها الأغلبية كملاذ آمن مع البيانات الإقتصادية القوية للإقتصاد الأمريكي, والتي تعزز إستمرارية البنك الفدرالي في تشديد سياسته النقدية مما يضع المعادن تحت الضغط. عادة ما تتداول السلع التي يتم تسعيرها بالدولار بشكل عكسي مع العملة, ويمكن أن تؤثر التحركات في الوحدة الأمريكية على جاذبية تلك السلع لحاملي العملات الأخرى.
حيث قد أدى إرتفاع الدولار وإرتفاع أسعار الفائدة الأمريكية إلى الحد من جاذبية الأصول التي لا تحمل فوائد مثل المعادن الثمينة, وأدت المخاوف بشأن الطلب الصناعي بسبب النزاعات التجارية وإضطرابات الأسواق الناشئة إلى الضغط على الفضة.
إنخفض الذهب بأكثر من 12٪ من ذروة بلغت 1365 تقريباً دولار للأونصة في أبريل. ما زال يعاني الذهب في تراجعه للأسبوع الثاني على التوالي وعد إستطاعته بالإغلاق أعلى من مستوى 1200 للأونصية منذ أربع أسابيع. حيث تقدر بعض الشئ بالأسبوع الماضي مع بدأ القلق المتزايد من السوق حول ما يحدث في الأسواق الناشئة, ومع نظر المستثمرون أيضاً إلى التوترات التجارية والاضطرابات في الأسواق الناشئة.
كما خفضت الصناديق المتداولة في البورصة 177491 أوقية من الذهب من ممتلكاتها في جلسة التداول بالأسابيع الماضية. حيث إنخفض إجمالي الذهب المحتفظ به من قبل صناديق الإستثمار المتداولة بنسبة 1% هذا العام إلى 67.8 مليون أوقية, وهو أدنى مستوى منذ 3 نوفمبر 2017.
بينما إن تصحيح الأسعار الأخير دفع الكثير من عمليات الشراء الفعلية ليس فقط في الدول النشطة لشراء الذهب مثل الهند والصين, ولكن في جنوب شرق آسيا لأغراض الإستثمار أيضاً. كما هناك تصريحات بأن واردات الهند من الذهب قد إزدادت على أساس سنوي للشهر الثاني في أغسطس. مع بدأ موسم مهرجان ديوالي في نهاية شهر أغسطس سوف يصل الطلب إلى الذروة خلال أوائل شهر نوفمبر, ويستمر موسم الزفاف حتى ديسمبر.
أما الفضة تشهد تداولات إيجابية مع بداية جلسات الأسبوع بعد أن تراجعت الفضة بنسبة 16% هذا العام. أي ما يقرب من ضعف الخسائر في الذهب, وإلى أدنى مستوى لها مقابل المعدن الأصفر منذ عام 2008.
من جهة أخرى, كان البلاديوم هو المعدن النفيس في أغسطس حيث إرتفع من أدنى مستوى له منذ يوليو 2017 ليحقق أكبر إرتفاع شهري له هذا العام. في المقابل إنخفض الذهب للشهر الخامس على التوالي في أغسطس, وهو أطول فترة منذ عام 2013 مما أدى إلى إنخفاض الفضة والبلاتين.
مع العلم, إن البلاديوم الذي يستخدم في كبح الإنبعاثات الضارة من السيارات التي تعمل بالبنزين يعاني من عجز لذا هناك ميل طبيعي للسعر للإرتفاع خاصة بعد البيع.
النظرة الفنية للذهب
يواجه الذهب مستويات دعم أولية عند 1190 حيث مازال يحافظ على تداولاته أعلاها. أما إذا ما أخترقها قد يواجه مستوى 1183 قاع 24 أغسطس, وأي تداول يومي ما دون مستوى 1180 نسبة 76.4% فوبوناتشي قد يضع الذهب تحت الضغط للعودة لمستويات 1160 قاع 16 أغسطس ومن ثم 1146 قاع عام 2017.
أما إذا ما عزز الذهب من مكاسبه سيواجه مستوى مقاومة أولية عند مستوى 1217 قمة 10 أغسطس وقرب متوسط متحرك 50 يوم, وإذا نجح بإختراقها يعزز بالسعر لإستهداف 1227.6 متوسط متحرك 50 يوم. ثم مستوى المقاومة عند مستوى 1245 تقريباً بالقرب من مستوى 50.0% فوبناتشي, وهي نقطة محورية للمقاومة على عودة إيجابية الذهب على المدى الطويل أو إرتداده وفقدان هذا الزخم.
تويتر: Abdelhamid_TnT@