أسبوع ساخن على كل المستويات و بريق الذهب يشتعل
تراجعت أسعار الذهب في نهاية تعاملات الأسبوع الماضي، بعد أن سجلت أكبر مكاسب ليوم واحد في أكثر من عامين، حيث تعافت الأسهم العالمية بعد ست جلسات من الخسائر.
مصائب قوم عند قوم فوائد، هذا ماحدث في الأسواق المالية خلال تعاملات الأسبوع الماضي، هبوط حاد للأسواق المالية العالمية أدى إلى إعطاء قوة للمعادن النفسية و كان أبرزهم الذهب، حيث قفزت أسعار الذهب بما يزيد عن 2% مسجلة أعلى مستوياتها في أكثر من شهرين، حيث دفع هبوط أسواق الأسهم العالمية المستثمرين للإقبال على شراء المعدن النفيس كأداة استثمار آمنة. حيث ارتفع الذهب مخترقا نطاق للتداول الذي انحصر فيه لشهر ونصف تقريباً، و لم يكن الذهب أيضاً هوسعيد الحظ فقد ارتفعت الفضة بأكثر من 2%، وصعد البلاديوم 1.4% و البلاتين أيضاً 2.5%، كل هذا بدء يوم الأربعاء.
الأربعاء المظلم، هبوط حاد للمؤشرات الأمريكية، حيث تراجع مؤشر داو جونز 3.2% و هو أسوء هبوط يومي منذ ثمانية أشهر، و مؤشر ناسدك 4.1% في أسوء هبوط يومي للمؤشر منذ سنتين، و مؤشر اس اند بي 500 تراجع بنحو 3.3% في أسوء هبوط يومي منذ 8 أشهر، أبرز أسباب هذه التراجعات كان الفائدة الأمريكية، فمازالت المخاوف قائمة من أن يرفع الفيدرالي الأمريكي الفائدة على المدى الطويل، فمازال أمامنا رفعة هذا العام في شهر ديسمبر، ثم ثلاث رفعات في العام القادم، بالإضافة إلى ارتفاع في عوائد السندات الأمريكية لأعلى مستوى لها منذ 7 سنوات، و علق البيت الأبيض على الهبوط القوي في الأسواق الأمريكية بأنه أمر صحي للأسواق حيث أنه تصحيح طبيعي في حركة الأسعار المتصاعدة و أن الإقتصاد الأمريكي مازال قوياً، و بالطبع كلامهم صحيح حيث أن البطالة في أمريكا هي الأقل في 49 عام بالإضافة إلى ارتفاع معدل دخل الفرد في الساعة في الشهر الماضي إلى 4.9%، و لم يعجب ترامب بقرارات الفيدرالي بخصوص رفع الفائدة، حيث وصف ترامب الفيدرالي بالجنون، حيث أنه يعتبر رفع معدلات الفائدة أكثر من اللازم، و أن الفيدرالي يجب ألا يقلل من النمو الإقتصادي، وتجاهل رئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول تصريحات الرئيس وقال أن مسؤولي البنك لا يهتمون بالسياسة، و الذي صرح مسبقاً بأن السياسة النقدية لم تصل بعد إلى مستوياتها الطبيعية و بالتالي سيكون هناك إرتفاع في معدلات الفائدة الأمريكية في المستقبل، و تبعت الأسواق اليابانية و الصينية هبوطها يوم الخميس حيث هبط المؤشر الرئيسي للسوق الياباني و الصيني بأكثر من 4% في جلسة الخميس، و بالطبع وجود برامج التداول الآلي أدى إلى هذه العمليات البيعية المكثفة حيث تقوم بعمليات البيع في وقت واحد و بكميات كبيرة الأمر الذي أدى إلى هذه الإنهياريات الكبيرة.
توقعات ومخاوف صندوق النقد:
اصدر صندوق النقد الدولي توقعاته لنمو الإقتصادي العالمي للفترة القادمة، فقد خفض الصندوق توقعاته للنمو العالمي من 3.9% إلى 3.7% ، فمن الواضح أن صندوق النقد غير متفائل لنمو الإقتصادي خصوصاً في ظل الحرب التجارية القائمة بين الصين و الولايات المتحدة الأمريكية، بالإضافة إلى التغيير في سعر الفائدة و ارتفاعها في كثير من دول العالم مثل الأرجنتين و تركيا بالإضافة إلى المحرك الرئيسي للعالم و هي الولايات المتحدة الأمريكية، و أسعار البترول المرتفعة 26% من بداية العام الحالي و التي وصلت لإعلى مستوياتها هذا العام منذ 2014 و التي قد تؤثر أسعارها على العديد من الدول المستوردة للنفط مثل الهند ثالث أكبر مستورد للنفط، و أشار الصندوق أيضاً إلى عدم إرتفاع مستويات الأجور على الرغم من هبوط نسب البطالة، و أبدى الصندوق قلقه من البريكست و عدم توصل بريطانيا و الإتحاد الأوربي إلى إتفاق حتى الآن الأمر الذي قد يؤثر على العديد من الشركات في أوروبا و بريطانيا، بالإضافة إلى إحتمالات رفع المركزي الأوروبي الفائدة في أي وقت العام القادم.
المخاوف على الأسواق مازالت كبيرة بسبب الحرب التجارية و إرتفاع نسب الديون العالمية و التي وصلت إلى مستويات قياسية و خاصة من الإقتصادات الناشئة و الصين.
الحرب التجارية إلى أين؟
و مازالت الحرب التجارية قائمة بين الصين و أمريكا، فقد قامت الولايات المتحدة الأمريكية بتفعيل التعريفات الجديدة في 24 سبتمبر الماضي و التي تبدأ بـ 10% ثم ترتفع تدريجياً، و قامت الصين بالرد على أمريكا و فرضت رسوم على منتجات أمريكية بقيمة 60 مليار دولار، و من الواضح للجميع أن التصعيد أصبح الأمر المسيطر على البلدين، حيث يتوقع الكثير من المحللين أنه مازال المزيد من التصعيد سنشهده من جانب البلدين، و ربما تكون الصين هي الخاسر الأكبر في هذه الحرب و لكن لا ننسى أن لدى الصين سلاحين رئيسيين، حيث تعتبر الصين بمثابة أكبر دائن للولايات المتحدة الأمريكية، و قد أشارت البيانات الصادرة من وزراة الخزانة الأمريكية إلى تراجع الاستثمارات الصينية في سندات الخزانة الأمريكية من 1.18 مليون لتصل إلى 1.17 مليون، هذا السلاح الأول و الذي بدءت الصين في إستخدامه، و السلاح الثاني هو التلاعب في العملة الصينية لزيادة صادرتها إلى الدول، على الرغم من إعلان الصين انها لن تتلاعب في عملتها، و قد صرح وزير الخزانة الأمريكي ستيفن منوتشين إنه أبلغ رئيس البنك المركزي الصيني بضرورة أن تكون قضايا العملة جزءا من أي محادثات تجارية أخرى بين الولايات المتحدة والصين، وأبدى مخاوفه بشأن ضعف اليوان في الآونة الأخيرة، في الوقت الذي يسعى ترامب بالتواصل إلى إتفاق تجاري مع رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي، فقد صرح ترامب بأن اليابان لم تكن ترغب في التوصل إلى إتفاق و لكنهم يريدون الآن، و صرحت الحكومة اليابانية بأنها تدرس عقد إتفاق تجاري مع أمريكا ينص على خفض الرسوم على الواردات الزراعية في مقابل إعفاء السيارات اليابانية من أية رسوم إضافية قد تفرضها إدارة ترامب.
النفط في أعلى مستوياته منذ 4 سنوات:
وصل البترول إلى أعلى مستوياته ، حيث بلغ خام برنت الأسبوع الماضي 86.74 دولار للبرميل وهو أعلى مستوى منذ 2014، و قد نرى مزيد من الصعود لأسعار النفط في ظل بدء تطبيق العقوبات الأمريكية على إيران بداية الشهر القادم، و هو ما قد يؤدي إلى تراجع الإمدادات العالمية، حيث تعتبر إيران ثالث أكبر منتج للنفط في الأوبك، فقد قامت بتصدير 3 مليون برميل يومياً في 2018 (3% من الاستهلاك العالمي)، و تراجعت هذه النسبة إلى 2 مليون برميل في شهر سبتمبر بسبب هذه العقوبات، و قد تستمر أمريكا في العقوبات على إيران بعد انسحاب الأخيرة من الإتفاق النووي، و قال الأمين العام لأوبك، محمد باركيندو في تقرير نشرته CNBC خلال مؤتمر النفط والمال في لندن إن هناك الكثير من العوامل غير الأساسية التي تؤثر على سوق النفط خارج سيطرة المنتجين. وأضاف أن السوق تتحرك بناء على فرضية احتمال حدوث نقص في المعروض و أن السوق مازالت تتلقى إمدادات كافية، و صرح أيضاً إن منتجي النفط يشعرون بالقلق بشأن الطاقة الفائضة في الإنتاج مع استمرار انخفاض الاستثمار بقطاع النفط وفي ظل ارتفاع الأسعار بفعل المخاوف من تراجع الإمدادات الإيرانية. وأضاف بأنه يساورنا قلق كبير، مشيرا إلى استمرار انخفاض الاستثمار بقطاع النفط الناجم عن تراجع السوق منذ 2014، والسعودية أكبر منتج في منظمة البلدان المصدرة للبترول، هي المنتج الوحيد للخام الذي لديه طاقة فائضة كبيرة متاحة لإمداد السوق إذا اقتضت الضرورة.
وكان وزير الطاقة السعودي خالد الفالح قال هذا الشهر إن المملكة ستستثمر 20 مليار دولار في السنوات القليلة القادمة للحفاظ على طاقتها الفائضة لإنتاج النفط وزيادتها.
و قد اجتمعت دول أوبك خلال الشهر الماضي لمناقشة إحتمالات نقص المعروض من جانب إيران، و ظهرت بعض التقارير من رويترز تشير إلى أن السعودية قد تزيد من إنتاج النفط إلى 600 ألف برميل يومياً و لكن قد تلعب قضية إختفاء الصحفي السعودي جمال خاشقجي و تصريحات ترامب ضد السعودية دوراً في عدم قيام السعودية بعمل هذه الزيادة.
اليورو دولار و أزمة البريكست وماذا ننتظر هذا الأسبوع؟
شهر صاعد لليورو دولار، فقد صعدت العملة الموحدة أمام الدولار في ظل الضعف الذي يعانيه الدولار الأمريكي بسبب التوترات التجارية مع الصين، بالإضافة إلى بيان السياسة النقدية الأوروبي الذي أشار إلى بعض الإيجابية، حيث صرح رئيس المركزي الأوربي ماريو دراجي بأن التضخم في منقطة اليورو في شهر سبتمبر كان في مصلحة اليورو حيث جاءت نتائج مؤشر أسعار المستهلكين الشهري أفضل من الشهر السابق عند مستويات 0.2% كما أكد أن مؤشر أسعار المستهلكين بإستثناء الطاقة و الغذاء سوف يشهد تحسن الفترة القادمة، و أعلن المركزي أنه سيقوم بتخفيض شراء الأصول من 30 مليار إلى 15 مليار حتى نهاية 2018، و لكن لا ننسى أن أزمة إيطاليا مازالت تلوح في الأفق و ربما تلقي بظلالها على منطقة اليورو.
و مازالت أزمة البريكست قائمة و أصبحت الضغوط أقوى على رئيسة الوزراء تيرايزا ماي سواء من داخل البرلمان البريطاني المعترضين على فكرة الإنفصال عن الإتحاد الأوروبي و من جانب الإتحاد الأوروبي أيضاً الذي رفض بدوره مقترحات تيرايزا ماي و التي أطلق عليها خطو تشيكرز، فمازالت الحدود الإيرلندية و التنسيقات التجارية بعد الإنفصال من المشاكل الرئيسية التي تعيق أي تقدم في المفاوضات، و المخاوف مازالت تزداد في الأسواق في ظل تمسك الإتحاد الأوروبي برأيه و الجانب البريطاني، مما قد يؤدي إلى فشل المفاوضات و يحدث البريكست بشكل تام في مارس 2019 دون وجود أي إتفاق مما قد يضر بالعديد و العديد من الشركات الأوربية و البريطانية، و قد يشهد وقتها الجنية الاسترليني إنخفاضاً كبيرا قد يصاحبه اليورو معه.
تنتظر الأسوق هذا الأسبوع العديد من الأخبار الهامة أبرزها سيكون تقديم مشروع لموازنة العامة الإيطالية إلى لجنة التحقيق الأوربية، مبيعات التجزئة الشهري بإستثناء السيارت في أمريكا يوم الأثنين، و يعتبر يوم الثلاثاء من الأيام التي ستشهد العديد من الأخبار الهامة في منطقة اليورو و المملكة المتحدة و أمريكا أيضاً، حيث سنكون على موعد مع الميزان التجاري و مؤشر ZEW المعنويات الإقتصادية في منقطة اليورو، بالإضافة إلى معدل الدخل بدون علاولات بالإضافة إلى التغيير في شكاوي البطالة في بريطانيا، و الإنتاج التصنيعي في أمريكا، و يوم الأربعاء سيصدر مؤشر أسعار المستهلكين لمنطقة اليورو و بريطانياً، في حين ستكون أمريكا على موعد مع اجتماع لجنة السوق المفتوحة للفيدرالي و التقرير الذي سيصدر، يوم الخميس سنكون على موعد مع مبيعات التجزئة في بريطانيا و طلبات إعانة البطالة في أمريكا و تقرير وكالة الطاقة الأمريكية للتغير في مخزونات الغاز الطبيعي، و في ختام الأسبوع سنكون على موعد مع الإنتاج المحلي في الصين، و مبيعات المنازل في أمريكا.