قبل أربع سنوات كانت أسعار النفط عند هذه المستويات , أربع سنوات لم تكن ربما كافيةً لتغيير جذري في معطيات أسواق الطاقة التي مازلنا نعتقد أنها تغيرت الى غير رجعة , من ناحية التكنولوجيا والاستهلاك العالمي وتعدد المصادر والطاقات المتجددة ودخول لاعبين جدد . أربع سنوات لم تغير من حقيقة أن الدول الرئيسية المنتجة للنفط (روسيا والسعودية) ماتزال تلعب دوراً مهماً ومحورياً في تغيير أسعار النفط والسيطرة على المعروض النفطي العالمي . عندما تكلم الجميع عن انسحاب أمريكا من الاتفاق النووي مع ايران , قرأتها الأسواق كنوع من التحدي الكبير للمعروض , وعندما تراجع الاقتصاد الى الركود والفشل السياسي والاقتصادي في فينزويلا , تأثرت أسعار النفط للأعلى وسط توقعات بأن أهم الدول المنتجة للنفط في القارة الأمريكية قد تعاني من انقطاع في امداداتها .
لايمكن باي حال من الأحوال أن نفصل السياسة عن النفط , كانت منذ عقود وستبقى للأعوام القادمة . وعلى الرغم من قناعتنا أن الطاقات المتجددة ستبقى في اتجاه صاعد , وارتفاع النفط قد يكون هشاً , الا أن المضاربات القوية قد تبقى عنواناً رئيسياً في المرحلة الحالية . تراجع نفط خام غرب تكساس من مستوى 76.50$ للبرميل مع بداية الشهر الجاري ليتداول حالياً عند مستويات 68.72$ للبرميل متراجعاً بنسبة 10% خلال اسبوعين وهذه تعتبر نسبة مرتفعة.
فنياً , وعلى المؤشر اليومي , قد لاتكون مستويات 64.70$ بعيدة عن التحقيق , زخم البيع يبقى موجوداً , ومؤشر رسا يشير الى امكانية المزيد من البيع. بنفس الوقت , تبقى مستويات 59.30$ الي وصلها في شباط من العام الحالي 2018 أدنى مستوياته لهذا العام , بالمجمل الاتجاه كان صاعداً ولكن العودة الى مستويات 61.77$ للبرميل التي بدأها هذه العام تبدو قابلة للتحقيق.
الترابط الذي كان قائماً لعقود بين الدولار الأمريكي والنفط يبدو من الماضي حالياً , حيث قوة الدولار الأمريكي أو تراجعه لم تعد تعني الكثير . عندما ارتفع مؤشر الدولار الأمريكي منذ نيسان الماضي لم تتراجع أسعار النفط بل حافظت على مكاسبها ووصلت الى مستويات هي الأعلى في أربع سنوات . اذا قرأنا أرقام المعروض الحالي في الأسواق العالمية , ودخول النفط الأمريكي في معادلة التصدير العالمية اضافةً للكلام عن صياغة جديدة بين ايران وأمريكا , كل هذا ليس جيداً لديمومة مكاسب النفط الحالية .
من ناحية أخرى , بقاء أسعار الطاقة فوق مستويات 70$ للبرميل سيرفع من معدلات التضخم العالمية في بلاد مهمة كاليابان والصين والهند والقارة الأوربية ,هذه الدول التي تعتبر مستوردة بالكامل تقر يباً للطاقة. بالمقابل هكذا سيناريو سيجبر الفيدرالي الأمريكي على المزيد من رفع الفائدة وكذلك المركزي الأوربي وغيرهم, في هكذا بيئة هشة ستكون الفائدة المرتفعة غير ايجابية وقد تقود العديد من الدول للدخول في ركود مجدداً.