لا يبدو أن أسواق العملات العالمية تبدي اهتماماً لكل هذه الضجة السياسية من بريطانيا وترامب , ربما كان الجنيه الإسترليني الاستثناء الوحيد بفعل التقلبات القاسية التي مر بها خلال الأسابيع الأخيرة. نعتقد أن الأسواق العالمية لن تتغير بشكل كبير أو يطرأ تعديل قوي على المستويات الحالية حتى نهاية العام الحالي . قد يكون اجتماع الفيدرالي الأمريكي هو الأهم خلال الشهر القادم ولكننا نعتقد أن الأسواق سعرت الى حد كبير رفع الفائدة المتوقع بربع نقطة مئوية سيجعلها تصل لمستويات 2.50% هي الأعلى بين الاقتصاديات المتقدمة . لابد من أن نشير الى ثلاث نقاط مهمة :
أولاً , سيكون من غير المتوقع أن يطرأ تغيير كبير على قوة الدولار الأمريكي حالياً , وكما قلنا سابقاً ليس قبل الربع الأول من العام القادم أو مع بدء تغيير حقيقي في الأرقام الاقتصادية الأمريكية الذي لا نتوقعه حالياً.
ثانياً , ان تراجع أسعار النفط حوالي 30% خلال شهر ونصف فقط سيلقي بظلاله لاحقاً على معدلات التضخم الأمريكية . لاشك أن هذا التراجع جيد للعديد من الاقتصاديات المستوردة للنفط وفي مقدمتها اليابان والصين والهند , ولكن التضخم قد يتأثر سلباً. هناك نقطة مهمة للغاية : اذا انعكس تراجع أسعار النفط بزيادة مستويات الاستهلاك الداخلي الأمريكي وارتفاع مبيعات التجزئة عندها قد يكون تأثير هذا التراجع محدوداً ويبقي خيار رفع الفائدة في العام القادم قوياً.
ثالثاً , لابد أن نراقب التطورات السياسية بين أمريكا والصين والاجتماع المرتقب بينهما خلال الأسابيع القادمة . حسب اعتقادنا سيكون أهم من اجتماع الدول العشرين الكبرى الشهر القادم في الأرجنتين . ان التوصل الى حل وسطي براجماتي بين الطرفين سيرفع مجدداً من أسواق الأسهم ببطىء , ولكنه سيعطي زخماً لليوان الصيني الذي نعتقد أنه سيكون في قلب النقاش بين الطرفين حتى لو لم يتكلم الصينيون عن الموضوع بشكل مباشر .
سيناريوهات محتملة :
أولاً , ارتفاع النفط مجدداً الى مستويات قريبة من 60$ للبرميل بتدخل سياسي من السعودية وروسيا حتى لو كانت ضد رغبة ترامب. لا نعتقد بعودة المستويات الى 75$ حالياً ولا حتى خلال العام الجاري .
ثانياً , ما زلنا نرى أن هناك قيمةً حقيقية في اقتصاد منطقة اليورو التي لم تحقق نمواً جيداً كأمريكا ولا حتى مؤشراتها . اليورو لا يكتسب زخمه فقط من تراجع الدولار الأمريكي ( ان حصل لاحقاً ) ولكن من خلال السياسة النقدية للمركزي الأوربي وأيضاً من خلال الثقة التي ستكون محورية لاحقاً . ان أزمة الميزانية الإيطالية هي ليست جديدة ولن تكون الأخيرة , التحدي الأكبر لليورو سياسي وليس اقتصادي حسب اعتقادنا . حالياً اليورو / دولار أمريكي 1.1404$ , تبقى المقاومة المهمة عند 1.1770$ هدفاً متوسطاً للمرحلة القادمة .