يقف مؤشر الدولار الأمريكي الآن عند أدنى مستوياته في خمسة أسابيع, يتداول حالياً عند 96.24 نقطة . الكثير من القراء والمتابعين يعرفون تماماً أن مؤشر الدولار الأمريكي هو معيار حقيقي لقياس مدى الثقة بأداء العملة الأمريكية بشكل خاص والاقتصاد الأمريكي وعوائده بشكل عام . لا يمكن القول بأن مؤشر الدولار الأمريكي قد مني بخسائر قاسية الى الآن , قد يكون التراجع من مستويات 97.80 نقطة قبل أسبوعين تصحيحاً عادياً مرتبطاً بالأساس بعاملين أساسيين :
أولاً , الجدل السياسي بين إدارة الرئيس ترامب والفيدرالي الأمريكي وخاصة رئيسه جيروم باول .
ثانيا , التصحيح القاسي للمؤشرات الأمريكية التي منيت بخسائر قاسية هي الأعلى منذ سنوات الأزمة المالية العالمية قبل عشر سنوات , هكذا تراجع قاسي أعطى معنويات سلبية قادت العوائد على الدولار الأمريكي للتراجع مجدداً.
فنياً , هناك مستويات دعم مهمة للغاية على مؤشر الدولار الأمريكي , أولها 94.94 نقطة التي وصلها في أكتوبر / تشرين الأول الماضي , ومن ثم نتكلم عن مستويات 93.69 المهمة جداً التي وصلها في أيلول / سبتمبر الماضي أي قبل أربع أشهر تقريباً.
يبقى تراجع مؤشر الدولارات الأمريكي أقل بكثير من التراجع في مؤشرات الأسهم الأمريكية وهذا ربما مرتبط بشكل أساسي بتراجع شهية المخاطر أولاً , واستقرار عوائد سندات الخزينة الأمريكية (حالياً على الأقل).
السيناريو الحالي ما بين سياسة ترامب ومفاوضاته التجارية من جهة وبين الفيدرالي الأمريكي وقراءته للاقتصاد من جهة ثانية ستفضي خلا ل المرحلة القادمة الى مزيد من الجدل بين الطرفين , وحقيقةً لا نستبعد اقالة باول من رئاسة الفيدرالي خاصة اذا ارتفعت الفائدة خلال الربع الأول من العام القادم , هكذا اجراء سيكون كارثياً على الدولار الأمريكي , عندها سيكون جيروم باول كبش الفداء للرئيس الأمريكي لتبرير أي تراجع متوقع في الأداء الاقتصادي .
اذا لم تحدث مزيد من التدخلات من قبل الإدارة الأمريكية ( وهذا مستبعد ) نتوقع أن الفيدرالي سيعيد قراءة عملية رفع الفائدة , أو لنكن دقيقين أكثر سيعود لنفس السياسة المتكيفة والتي أصلاً لم يبتعد عنها , بل ان الاعلام والمحللين هم من أساؤوا حسب اعتقادنا قراءة الكثير من تفاصيل قرارات الفيدرالي ولذلك عندما يحدث تصحيح للدولار الأمريكي أو لعوائد السندات قد يكون قاسياً وهذا حقيقةً مرتبط بديناميكيات التداول أكثر من كونه مرتبط بأرقام اقتصادية . لم تـأت الأرقام السيئة بعد من أمريكا , ولكن من يراهن على تراجع أمريكي مفاجئ أو خلال شهر واحد سيكون غير منطقي لأن التراجع سيكون تدريجياً وهذا غالباً سيكون واحداً من السيناريوهات التي ستشغل الأسواق خلال العام القادم .