يوم واحد , بل تحديداً عدة ساعات كانت كافية لترفع أسعار نفط خام غرب تكساس نسبة 10% يوم أمس , لترفعه من أدنى مستوياته في ثمانية عشر شهراً منذ حزيران 2017 . يوم واحد كان كافياً حتى يجعل مؤشر داو جونز يقفز بلا توقف أكثر من ألف نقطة من مستويات 21720 نقطة ليصل الى 23000 نقطة قبل أن يستقر مجدداً قريباً من 22800 نقطة مرتفعاً بما يعادل 5.5% في الأيام الأخيرة للتداول هذا العام , هذه المكاسب هي أعلى نسبة منذ آذار 2009 .
قد يكون مستغرباً تماماً كيف حصل هذا التحول , كنا قبل عدة أيام نتكلم عن تصحيح قاسي لمؤشرات الأسهم , بينما وصل النفط الى مستويات 42$ للبرميل ليكون بذلك قد خسر بلا توقف من مستويات 75$ للبرميل التي وصلها قبل شهرين فقط, خسر ما يعادل 57% من قيمته ليمحي كل مكاسبه للعام الجاري بل ويدخل مجدداً في مستويات لم نراها منذ عام ونصف. لا يمكن بأي حال من الأحوال القول أن معطيات الأسواق العالمية قد تغيرت , وباعتقادنا سبب واحد مهم مرتبط اساساً بمستويات فنية ودعم قوية دفعت الكثيرين للشراء بقوة في وقت بقيت فيه كثير من الأسواق والمؤشرات مغلقة ( أوربا بقيت مغلقة بسبب العطل ) وبالتالي كان تأثير التقلبات أقوى من قبل . لابد أن نشير الى نقطتين مهمتين للغاية :
أولاً , ليست المشكلة بمستويات السيولة العالمية والتي دائما ظهورها ما يكون مرتبطاً بالفرص أكثر من الأساسيات الاقتصادية .
ثانياً , من المبكر الحكم على أداء مستقر في أسواق النفط العالمية أو ديمومة هذه المكاسب الحالية .
اذا عدنا بالذاكرة الى حزيران 2017 , من وقتها لم تتوقف أسعار النفط عن الارتفاع بقوة دون تصحيح مهم الا قبل شهرين حيث بدأت عمليات البيع القاسية لأسباب جيوسياسية واقتصادية . ستكون الدول المنتجة الرئيسية راضيةً عن هذا الارتفاع القوي في يوم واحد كما أن استقرار الأسعار دون تراجع ستجعل عمليات تخفيض المعروض مستبعدة خلال الأشهر القادمة وهذا برأينا ردة فعل متوقعة ولكنها قد لا تكون دقيقة تماماً لأنه من الأفضل اتخاذ إجراءات لحماية أسعار النفط من التراجع قبل حدوث تصحيح قاسي وعندها قد تضمن الدول المنتجة استقرا الأسعار قريبة من أهدافها , لأن هذا التراجع بأكثر من 50% خلال شهرين لن يكون مرضياً ولا جيداً للدول المنتجة وميزانيتها. باعتقادنا أن المكاسب الحالية ستشجع المزيد من المضاربين على شراء العقود الآجلة حالياً , ستبقى التقلبات قوية في أسعار النفط خلال المرحلة القادمة ونعتقد أن هناك إمكانية فنية للعودة مجدداً الى مستويات 48.13$ ثم 52.20$ للبرميل الواحد من خام غرب تكساس الخفيف .