يبدو أن الأمور لا تجري أحياناً كما تشتهي السفن , وهذا بالضبط ما يجري مع القارة الأوربية . ويبدو أن مؤتمر دافوس العالمي شكل فرصةً ممتازة للتعبير عن المعنويات السلبية اتجاه أداء الاقتصاد العالمي والنمو المتوقع خلال العام الحالي 2019 , الجميع يتفق على السلبية والضعف ولكن لا يتفقون على آلية اتخاذ القرار المناسب لانقاذ الاقتصاد العالمي في حال حدوث شيئ ما.
لن يكون البنك المركزي الأوروبي استثناءً , ولن يكون المركزي الأوربي بمكان يسمح له بالمناورة أصلاً في هكذا سيناريو حيث يبدو أن البنوك المركزية ستبدأ جدياً في قلب الطاولة على رفع الفائدة التي بقيت عملية خجولة. من المخيف للكثيرين أن تبدأ البنوك المركزية بالتفكير جدياً بتخفيض الفائدة , حقيقةً هذا مأزق وضعت فيه البنوك المركزية الكبىرى الاقتصاد على الحافة , اما السقوط المدوي أو الارتفاع مجدداً لا خيار ثالث. ويجب هنا أن نقول ولنحفظ هذا الكلام جيداً , سيكون تخفيض الفائدة أسرع مما توقع الكثيرون وخاصة من أمريكا التي وصلت الفائدة فيها الى 2.50% حالياً حيث لا نتوقع مزيداً من رفع الفائدة هذا العام الا في حال واحدة وهي بقاء الزخم في الأرقام الاقتصادية الأمريكية وهذا رهان صعب وخطير.
لايشكل سعر الصرف حالياً الهم الكبير للبنك المركزي الأوربي , يتداول اليورو حالياً عند 1.1385$ للدولار الأمريكي , بل يعنيه الاستقرار النقدي والاقتصادي الذي ينعكس في قدرة المركزي الأوربي على رفع الفائدة التي ماتزال حالياً عند الصفر 0.0% . لا نعتقد أن دراغي سيكون متفائلاً بالاقتصاد الأوربي كثيراً خلال اجتماعه اليوم ومن ثم المؤتمر الصحفي الذي يليه . هناك نقطتين مهمتين :
أولاً , معضلة البريكزت والتي لم تنتهي حالياً وتبعاتها السلبية وخاصة من ناحية الاستقرار السياسي .
ثانياً , تظهر الأرقام الاقتصادية بوضوح أن زخم التصنيع والتضخم في ألمانيا ومنطقة اليورو تراجع وبالتالي لن يكون لرفع الفائدة أي معنى حقيقي بل سيزيد من الأمر سوءاً . بالمناسبة , اليورو الضعيف ولكن المستقر جيد لألمانيا خاصةً وأوربا عموماً خاصةً من ناحية التصنيع الذي يشكل ميداناً محورياً في المنافسة مع أمريكا وصناعة سياراتها مثلاً.
سيكون تأثير خطاب ماريو دراغي المتساهل مع الفائدة المتدنية سلبياً لليورو , ولكن ان حدث تراجع لليورو حالياً سيكون من الجيد شراؤه مجدداً من مستويات أدنى. نعتقد بأن تأثير عدم رفع الفائدة الأمريكية مجدداً سيكون أكبر من المركزي الأوربي في الشهرين القادمين , واليورو مايزال أمامه طريق أطول من الدولار الأمريكي لرفع الفائدة , رفع الفائدة الأوربية ان حدث سيكون مهماً جداً حتى لو كان بسيطاً بينما عدم رفع الفائدة الأمريكية خلال العام الجاري سيكون له تأثير أكبر على قوة اليورو التدريجية. من الأفضل الانتظار الى حين انتهاء المؤتمر الصحفي واستقرار السوق ثم التفكير جدياً ببناء مراكز جديدة بناء على معطيات خطاب ماريو دراغي, سيكون المؤتمر الصحفي الساعة 5:30 بعد الظهر بتوقيت دبي .