كانت أرقام الوظائف الأمريكية للقطاع غير الزراعي التي صدرت يوم الجمعة الفائتة كافيةً الى الآن على الأقل لجعل الدولار الأمريكي مرتفعاً مع بداية تداولات اليوم الأثنين , لكن السؤال المهم الآن هل ستكون مكاسب مؤقتة أو اتجاهاً تصاعدياً للمرحلة القادمة ؟
لاشك بأن أرقام الوظائف الأمريكية للشهر الفائت كانون الثاني 2019 أتت أقوى بكثير من التوقعات التي أشارت الى 165 ألف وظيفة عمل بينما أتت أرقام الوظائف عند 304 الف وظيفة بأرقام تعتبر جداً ممتازة . هناك عدة تفاصيل لا بد أن تؤخذ بعين الاعتبار للحكم على استمرار هذه القوة أو لا .
لن يأتي الركود الاقتصادي دفعةً واحدة أو خلال يوم أو شهر واحد , سيكون الركود في حال حدوثه عمليةً مستمرة تأخذ شهوراً من البيانات والأرقام الاقتصادية الضعيفة حتى نصل الى مرحلة الركود الحقيقية , بهكذا تعريف لن يكون متوقعاً هذا العام على أقل تقدير. مناسبة هذا الكلام أن الرهان على ضعف الاقتصاد الأمريكي قد تكون منطقية كنوع من التحوط ولكن ليس أن تتحول الى هاجس يومي. التدقيق بأرقام يوم الجمعة يجعلنا ندرك أن التحدي يأتي من مستويات الأجور التي تراجعت على أساس الساعة من 0.4% الى 0.1% بينما ارتفع عدد الداخلين لسوق العمل . هذا يعني أن مزيداً من الضغوط ستظهر خلال الأشهر القادمة على الأجور وهذا في غير صالح ارتفاع مستويات التضخم , اذا هكذا أرقام لن تكون كافية لقوة الدولار الأمريكي لفترة طويلة.
أوضح الفيدرالي الأمريكي أن رفع الفائدة الأمريكية اصبح اكثر تعقيدا وصعوبةً من التوقعات السابقة , هذا يعني أن العوائد على الدولار الأمريكي وسندات خزينته ستحقق مزيداً من التراجع بشكل أو آخر . الفائدة الأمريكية أعلى من مثيلاتها حالياً ( 2.5% ) في الاقتصاديات المتقدمة ولذلك فان التراجع على هذه العوائد سيكون بطيئاً وتدريجياً خاصةً اذا لم يرفع المركزي الأوربي أو بنك إنكلترا الفائدة خلال العام الجاري وهذا جداً احتمال قوي.
لابد للعودة مجدداً الى مراقبة أداء اليوان الصيني . منذ بداية الشهر الجاري , شباط 2019 , تراجع اليوان مجدداً مقابل الدولار الأمريكي الذي ارتفع من مستويات 6.70 الى 6.785 اليوم في آسيا . اذا كان ترامب قد قال بأن مفاوضاته التجارية مع الصين تسير بشكل ممتاز , هذا يعني أن مستويات الدولار الأمريكي لن تستمر وسيتراجع الدولار الأمريكي مجدداً كنوع من المناورة مع الصينين وبالتالي فان قوة الدولار الأمريكي الحالية ليست أكثر من جني أرباح وعملية تصحيح .
يتداول الذهب مثلاً على خطى أداء اليوان الصيني حيث تراجع الذهب مجدداً الى مستويات 1312.45$ للأونصة اليوم من مستويات 1323.37$ يوم الجمعة وهي أعلى مستوياته منذ أيار 2018 الفائت . واضح أن الزخم في الذهب كاتجاه عام قوي لم يضعف بعد, ولذلك نعتقد أن الشراء من مستويات دعم قوية سيشكل فرصة مهمة من جديد.
كان واضحاً أن أرقام شراء الدولار الأمريكي قد تراجعت خلال الأسبوع الفائت كما أظهر أرقام اللجنة الأمريكية لعقود السلع من 210$ الف عقد الى 170$ عقد , كما أن شراء الذهب ارتفع من 76$ الف عقد الى 111$ الف عقد وهذا كان واضحاً من المكاسب القوية للذهب خلال الأسبوع الفائت .