المقال مترجم من اللغة الإنجليزية بتاريخ 26/2/2019
يتوجب أن نعير وارن بافيت انتباهًا مكثفًا في أي وقت يتحدث فيه، سواء كان ذلك عن طريق (NYSE:بيركشير هاثاواي) خلال التقارير الربعية التي تصدرها، أو في خطابه السنوي إلى حملة الأسهم الذي صدر أثناء عطلة نهاية الأسبوع الماضية، ويرسل الخطاب لحملة الأسهم سواء كانت لديهم حصص في شركة بافيت القابضة متعددة الجنسيات، أم لا.
يعمل وارن بافيت مستثمرًا في القيمة، وله مهارة أسطورية في تحديد أن يضع أمواله، لدرجة أنه يُطلق عليها "(NYSE:أوراكل) أوماها." تمّكن بافيت من بناء سمعة حسنة، من انتقاء الأسهم المخفضة قيمتها لشركات قوية، والتمسك بها لسنوات طويلة لجني ربح منها، وكل تلك الأسهم موجودة في المحفظة الاستثمارية لشركته.
يوضح الرسم البياني أعلاه براعة الخطة التي يرسمها بافيت. ومن ناحية الأرباح، نجد أنه على مدار السنوات الأربعين الماضية تمكن مؤشر إس آند بي 500 من النمو بنسبة حسنة تبلغ 2638%، بينما بيركشير هاثاواي وصل عائدها إلى 116,553%.
بالرغم من ذلك، لم يكن تقرير الربع الرابع من عام 2018 جيدًا بالنسبة للشركة، إذ هبطت قيمة محفظتها الاستثمارية مقدار 38 مليار دولار، أو 17%، فبعدما كانت 221 مليار دولار، أصبحت 183 مليار دولار. تحوي المحفظة الاستثمارية 48 سهم، وأبرز ما يمتلك بافيت من أسهم شركات هي: (NASDAQ:آبل)، (NYSE:بنك أوف أمريكا)، (NYSE:وويلز فارجو).
هبط السوق كله في نهاية 2018، رغم ذلك تمكن إس آند بي 500 من جني أرباح 1.89% على مدار الأشهر الاثني عشرة الماضية، بينما بيركشير هاثاواي خسرت 3.51% على نفس الفترة الزمنية. ولكن لا يبدو أن الارتفاعات والانخفاضات الربعية تخيف بافيت. فعادة ما يقول إنه يدخل السوق على المدى الطويل.
ولدخول المراكز الطويلة، تظل عمليات البيع والشراء في صالح المستثمرين. ونعتقد أن بافيت قام بحركات ثلاث خلال الربع الماضي، كانت مثيرة للاهتمام:
1.البنوك
يجدد بافيت إيمانه بقدرة الاقتصاد الأمريكي، ويمتدح في خطاباته السنوية لحملة الأسهم قوة الاقتصاد. وآخر ما قام به من حركات يثبت تلك النقطة.
يمثل القطاع المالي للولايات المتحدة 45% من ممتلكات بيركشير. وزادت بيركشير حصتها من أسهم البنوك الأمريكية، وذلك على الرغم من نبرة جيروم باول، رئيس الاحتياطي الفيدرالي، المتفائلة، التي كانت حمائمية، فيبدو أن الفيدرالي لن يرفع معدل الفائدة في المستقبل القريب (وهذا يضر بربحية البنوك المستقبلية). وزاد بافيت من حصته في بنوك: بنك أوف أمريكا، (NYSE:ويو إس بانكورب)، (NYSE:وجي بي مورغان تشيس وشركاه)، (NYSE:وبي إن سي للخدمات المالية)، (NYSE:بانك أوف نيويورك ميلون).
زادت حصة بيركشير من بنك جي بي مورجان في الربع الثالث مقدار 14.4 مليون سهم، بمتوسط سعر للسهم 106 دولار (ووقف تداول السهم أمس عند 106.10 دولار)، مما أضاف 1.52 مليار دولار لمركز بيركشير. زاد عدد الأسهم التي تمتلكها بيركشير في بنك أوف أمريكا مقدار 18.9 مليون سهم، بمتوسط سعر للسهم 27 دولار (وبلغ السعر عند إغلاق أمس 29.27)، مما يضيف 510 مليون دولار لمركز بيركشير، وتقترب من عتبة ملكية 10% من البنوك. فلو تجاوزت حصتها 10%، ستجبر القواعد الحكومية الأمريكية بيركشير على إعادة تصنيف نفسها كشركة قابضة للبنوك، وهو شيء يريد بافيت تجنبه. لهذا السبب تعمل بيركشير على تخفيض حصتها في ويلز فارجو بنسبة 3%.
والسبب المنطقي الذي يدفع بافيت لتلك المراكز المالية هو: وضعت بيركشير نفسها في مركز يؤهلها للربح بسبب نمو الاقتصاد الأمريكي على المدى الطويل، إذ تلعب معدلات الفائدة دورًا مهمًا في القطاع المالي، ولكن هذا الدور يؤثر على المراكز القصيرة. كما يختار البنوك بحكمة، فبنك جي بي مورجان هو قائد المجموعة البنكية في الولايات المتحدة الآن، بالإضافة لوجود قيمة معقولة له، فمعدل سعر السهم بالنسبة للربح السنوي 11. كما أنه يوزع قدرًا معقولًا من الأرباح، فيدر عائد 3%. وبالتالي تسهل تلك الأمور على بافيت الانتظار لحين يقرر باول استئناف رفع معدلات الفائدة مجددًا.
2. التكنولوجيا
في قطاع التكنولوجيا يمكن لمراقبي بيركشير أن يشهدوا تمرير الشعلة من الجيل الإداري القديم للجديد. فمن المعروف عن وارن بافيت، البالغ من العمر 88 عام، تجنبه الاستثمار في قطاع أسهم الشركات التكنولوجية، ورغم ذلك ارتفعت نسبة أسهم الشركات التكنولوجية في محفظة بيركشير الاستثمارية. فعلى سبيل المثال، أصبحت أسهم آبل أكبر عدد من الأسهم التي تمتلكها بيركشير من شركة واحدة، بقيمة تساوي 40 مليار دولار. وباعت بيركشير الربع الماضي ما قيمته 2.9 مليون دولار من أسهم صانع الآيفون، عند متوسط سعر 192 دولار (السعر الآن 174.23 دولار).
استحوذت (NYSE:آي بي إم) في أكتوبر الماضي على شركة (NYSE:ريد هات)، وهي شركة حوسبة سحابية مفتوحة المصدر، وأضافتها بيركشير لمحفظتها. وتثير تلك الحركة الاهتمام، لأن بيركشير أعلنت في مايو الماضي عن تصفية مراكزها المقدرة بمليارات الدولارات في شركة آي بي إم. اشترت بيركشير 4.1 مليون سهم في ريد هات، وكان متوسط سعر السهم 160 دولار (182.40 دولار اليوم). وبدأت بيركشير شراء أسهم ريد هات قبل إعلان استحواذ آي بي إم.
ولكن الخبر الأضخم للربع الماضي كان تسييل حصة بيركشير في مجموعة (NYSE:أوراكل). أخذت الشركة القابضة في الربع الثالث حصة مقدارها 2.1 مليار دولار في أوراكل، لتبيعها بالكامل خلال شهور قليلة، وهي حركة جديدة تمامًا على بافيت.
ماذا نستنتج من هذا؟ لم يكن لتخفيض مركزها في آبل عواقب كثيرة حتى الآن. وما زالت بيركشير تمتلك 40 مليار دولار من أسهم أبل. وعانت شركة آبل خلال الربع الرابع، ولكن تمتلك الشركة أموال كافية فنسبة ربح السعر إلى الربح السنوي تقف عند 14، وتمتلك الشركة في خزانتها 245 مليار دولار، وتساعد تلك الأرقام في تهدئة بال المستثمرين في الشركة.
وبالنسبة لأسهم ريد هات بعد الاستحواذ فالأمر مختلف. فوجب على آي بي إم أن تدفع 63% استثناء، لتتمكن من الاستحواذ على ريد هات، مما جعل الأسهم غالية جدًا. وتحت ظل آي بي إم لا نرى أن تلك الأسهم تستحق صفقات طويلة المدى.
وبالنسبة لصفقة أوراكل الفاشلة، نتساءل إذا ما كان بافيت أحد المتخذين لقرار فتح مركز الربع الماضي، فربما لم يشترك، ومن ثم تدخل بافيت لإغلاق المركز، لأنه من المعروف عنه عدم الاهتمام بالأسهم التكنولوجية المنخفضة العائد، والتي على وشك مواجهة منافسة قوية في مجال الحوسبة السحابية.
3.زيادة حصة مفاجئة
تمثل الأسهم المالية والتكنولوجية نسبة 67% من حصة بيركشير هاثاواي، نجد أن الشركة أضافت 2 مليون سهم من (NYSE:جنرال موتورز)، بزيادة 37%، وأغلق السهم أمس عند 40.14 دولار، وتلك مفاجأة كبيرة. اشترت بيركشير السهم عند متوسط 34 دولار، وتمكنت بذلك من إضافة 680 مليون دولار من حصتها في جنرال موتورز، وتبلغ الحصة الآن 2.4 مليار دولار.
هل كانت تلك الحركة المفاجئة جيدة؟ يصعب تقدير هذا الآن، على أي حال فهي تسير في نفس خط استراتيجية بافيت. فسعر جنرال موتورز رخيص، ومعدل سعر السهم إلى الربح السنوي يبلغ 6، وتبلغ توزيعات الأرباح لها 3.8%. ومجددًا لجأ بافيت لشراء أسهم شركات أمريكية، والتي وصفها في خطابه الأخير بأنها دولة "غير عادية" بسبب إنجازات الأعمال المتعددة فيها.