المقال مترجم من اللغة الإنجليزية بتاريخ 4/6/2019
تماسك الجنيه الاسترليني حتى الموعد النهائي لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي (بريكزيت)، بتاريخ 29 مارس، وعلق متداولو سوق الفوركس آمالهم على سواد المنطق للموقف، وتسهيل الفترة الانتقالية الطويلة خروج بريطانيا. وعندما امتد الموعد النهائي لأسبوعين فقط (حتى 12 أبريل) حافظ المتداولون على ثباتهم الانفعالي.
ولكن التمديد حتى 31 أكتوبر، كان ما لا يمكن احتماله. وانخفض الإسترليني بتلاشي احتمالات عقد اتفاق. فيبدو أن المتداولين لا يقبلون بالمدة الطويلة (6 أشهر). ويحوم الإسترليني الآن حول 1.26 أمام الدولار، مقارنة بـ 1.32 في مارس، و1.30 في أبريل.
تنتظر الأسواق انتخابات البرلمان الأوروبي لمعرفة إلى إين يتجه الاتحاد بعد تعديلات القيادة، فاليورو محافظ على استقرار نسبي. لم تتحقق مخاوف هيمنة اليمين، وإن كان يمين الوسط ويسار الوسط فشلا في الحصول على الأغلبية التي تمكنهم من صنع القرار بمفردهم.
وأعاق هذا عمليات انتخاب أفراد لشغل أهم المناصب في الاتحاد الأوروبي، وأجّل الوضوح اللازم لتلك المناصب القيادية، منها مناصب: رئاسة المفوضية الأوروبي، ومحافظ البنك المركزي، والمجلس الأوروبي.
وانخفضت العملة الموحدة إلى أقل من 1.13 أمام الدولار، مقارنة بارتفاعها عند 1.18، ارتفاع 12 شهر.
اختصارًا، خلق الشلل السياسي موقفًا ينتظر فيه المستثمرون الحصول على إجابات للأسئلة الأساسية حول عملتين من أهم العملات في العالم، الإسترليني واليورو. فتلك الرمادية السياسية تجعل تداول العملات أكثر صعوبة من العادي.
بينما ترامب يلوح بالعقوبات في وجه الصين، والاتحاد الأوروبي، وأخيرًا المكسيك. وصب عدم اليقين هذا في صالح الدولار الأمريكي، واندفع المستثمرون يشترون سندات الخزانة الأمريكية باعتبارها ملاذ آمن، ولم يزعجوا أنفسهم بتحويط استثماراتهم، مما زاد قوة العملة الأمريكية. فارتفعت عقود مؤشر الدولار الآجلة فوق 97، مقارنة بـ 93 في الخريف الماضي.
يزور ترامب المملكة المتحدة الآن، ولا يكترث بما يفعل أو يقول، فيشير إلى مناصري خروج متشددين أمثال: بوريس جونسون ونايجل فراج، بأنهم المفضلين لديه، ولا يهمه التعبير صراحة عن رؤيته للخروج دون اتفاق كشيء حسن. وفي واقع الأمر، يبدو الأمر وكأن لحظة دخول بوريس جونسون حانت ليجذب حزب المحافظين ناحية نبرة متشددة لمغادرة الاتحاد في أكتوبر، سواء كان باتفاق أو بدون.
وتميل عضوية الحزب نحو التشكك في اليورو، وسيكون لهم الكلمة الأخيرة. ولكن التصويت لن يتسنى لهم سوى في النصف الثاني من شهر يوليو، بعد أسابيع طويلة من احتساب الأسواق لتأثيرات الخروج دون اتفاق على الجنيه الإسترليني.
وأكد الاتحاد الأوروبي خلال فترة تولي تريزا ماي لرئاسة الوزراء أنهم لن يعيدوا التفاوض على أي من البنود، والاتحاد ليس في مركز يؤهله للتراجع عن تلك النبرة. وبالنسبة للمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، فلها طريقتها الخاصة في تحديد سياسة الاتحاد الأوروبي، وتحديد الشخصيات الحاكمة فيه، ولكن العرض الألماني الضعيف لأحزاب الاتجاه العام في الانتخابات الأوروبية أضعف مركز مرشحها المفضل، مانفريد ويبير، من الجناح البفاري، حزب الديموقراطيين المسيحيين، وهبط بائتلافها الحكومي الكبير إلى مهاوي الاضطراب.
بينما يحارب الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، تكريس نموذج المرشح الرئيسي لاختيار رئيس المفوضية الأوروبية، مجادلًا لأن الاتفاقيات ترجع هذا القرار إلى قادة الدول. وتشير الكلمة الألمانية (spitzenkandidat) إلى تخصيص مرشح واحد من كل حزب أوروبي سياسي، لحمل منصب رئيس المفوضية، وهؤلاء المرشحين من الأحزاب الأوروبية من يجمع منهم أغلب الأصوات يتولى منصب الرئاسة.
اُستخدم هذا النموذج للمرة الأولى في الانتخابات الأوروبية لعام 2014، عندما تم انتخاب الرئيس الحالي، جان كلود يونكر، الذي كان رئيسًا لحزب الشعب. ويقول ماكرون إن تلك الطريقة في الانتخاب لا تتمتع بالمصداقية، بالنظر لضعف أداء حزب الشعب الأوروبي في انتخابات هذا العام، فعلى الرغم من الأداء الضعيف يستمر في الحصول على أصوات كثيرة.
وتنافس الدينماركية، مارجريث فيستجارد، على منصب رئيس المفوضية الأوروبية الآن، وهي مشهورة بفرض غرامات مالية ضخمة على شركات آبل، وجوجل، وهذا ما يدعم مسعاها. وربما تحصل على دعم ماكرون إذ تنتمي إلى تحالف الديموقراطيين، والليبراليين الذي ينتمي له حزب ماكرون "الجمهورية إلى الأمام،" وتصبح لذلك أول سيدة تتولى منصب رئاسة المفوضية الأوروبية. وتحالف فيستجارد لم يعلن اسم مرشح رئيسي له في هذه الانتخابات، ولكنه قدم فريق من 7 مرشحين.
لو أزاحت فيستجارد، أو غيرها، مانفريد ويبر من المنافسة، خيار ميركل، سيمهد هذا الطريق لتولي ألماني منصب رئاسة البنك المركزي الأوروبي، ومن المرجح أن يكون فايدمان، ليخلف ماريو دراغي، ويكون لهذا عواقبه على السياسة النقدية للاتحاد الأوروبي. ويعارض فايدمان كثير من سياسات دراغي الحمائمية، بدءًا من معدلات الفائدة المنخفضة إلى برنامج البنك المركزي الأوروبي لشراء الأصول.
ومصير فايدمان مرتبط بمصير ويبر. فإذا لم يحصل ويبر على منصب رئاسة المفوضية الأوروبية، عندها سيتوجب تولي فايدمان رئاسة البنك المركزي الأوروبي. وصعود فايدمان سيغير وجه تداول العملة للمستثمرين، إذ يعتمدون على عدم مرونة الألمان النسبية، وتأثيرات تصوراتهم على السياسة النقدية لمنطقة اليورو.
يأمل رئيس المجلس الأوروبي الحالي، دونالد توسك، أن يحتل أحد غيره المنصب بنهاية الشهر الحالي، وسيصعب هذا نظرًا للانقسامات. وبالطبع، مزيد من الرمادية، مزيد من الجحيم للأسواق.