المقال مترجم من اللغة الإنجليزية بتاريخ 1/7/2019
سيمتعض أي شخص يقرأ العنوان، وله خبرة في محاولة التفوق على السوق. فيعلم من سبقت له المحاولة مدى صعوبة وإنهاك تلك المهمة. وتظهر الأبحاث ان 1% فقط من المتداولين النشطين يستطيعون التفوق على أشهر المؤشرات المجمعة، من أمثال ستاندرد آند بورز 500.
في 2007، راهن وارن بافيت بمليون دولار على مؤشر صندوق Vanguard S&P 500،وتفوقه على سلة من صناديق التحوط في غضون عشر سنوات.
وكان الرهان في صالح بافيت، فبلغ صافي عائد إس آند بي 500 7.1% مقارنة بـ 2.2% مما سجلته صناديق التحوط الأخرى. وهذا يدفعنا لطرح سؤال، لماذا يصعب التفوق على السوق؟
فرضيات السوق المحكمة
فرضيات السوق المحكمة والمعروفة أيضًا باختصار ‘EMH’،هي نظرية استثمارية تزعم أن السوق يعكس كل المعلومات التي بحوزتنا، وبالتالي، فالتفوق على ذلك مستحيل. وفق تلك الفرضية، لا يوجد أصول مقومة بما يفوق قيمتها، ولا مقومة بما يقل عنها، كل شيء دقيق ومحسوب كما ينبغي أن يكون. ونتيجة لذلك، لا توجد مساحة أو فرصة لتوليد عوائد إضافية.
ورغم ذلك، ما زال البعض قادرًا على خلق فرص استثمارية مربحة وباستمرار، لذا ربما يختلف الواقع قليلًا عن تلك الفرضية، والسوق ليس محكمًا ولا عاكسًا ممتازة بتلك الدرجة المتصورة. إجمالًا، يمكن أن تكون الأسعار في السوق دقيقة، ولكن، تُقترف الأخطاء غير المقصودة بين الحين والآخر. وتلك الأخطاء، هي التي تفتح الباب على توليد فرص التفوق على السوق.
يجب الانتباه أن الصعوبة لا تنتهي هنا
حتى بوجود الأخطاء
للتفوق على السوق، على التصرف بطريقة مغايرة لكل المشاركين الآخرين. ماضيًا، أحد الأمثلة على ذلك كانت: ملاحظة معلومة غائبة عن البقية. ولكن، الآن، تتدفق المعلومات بحرية وللجميع وفي أي وقت، ففي ذلك الحين، لم تكن منتجات إعلامية مثلBloomberg Terminal متاحة.
زادت صعوبة المنافسة في أسواق المال على جبهتين: الأولى، إتاحة البيانات للمستثمرين ذوي الدرجات المهنية المرموقة، وفي الوقت الحقيقي لوقوع الأحداث، والقدرة على الولوج كذلك للخوارزميات واستخدامها استخدامًا فوريًّا؛ والثاني، أصبحت وول ستريت موطن ألمع العقول المالية، وبما أن كل معاملة تحتاج طرفين (بائع ومشتري) فالتفوق ذهنيًا على الجميع، ليس بالأمر السهل.
ليست جميع الأسهم مستعدة للتفوق
الطريق نحو التفوق في الأداء ليس ممهدًا لجميع الأسهم، فالتحديات الآن كثيرة، وتعجز غالبية الأسهم عن التفوق. أجرت جامعة ولاية أريزونا بحثًا في 2017 (research in 2017) توصل إلى أن أربعة أسهم من أصل سبعة لو اشتراها المستثمر وتمسك بها مدى الحياة، ستولد عائد أقل من سندات الخزانة لشهر واحد.
وأوضحت الدراسة أيضًا أنه ومنذ عام 1926 أن 4% من الشركات المدرجة على البورصات كانت مسؤولة عن توليد صافي الربح لكامل سوق الأسهم. لعام 2018 على سبيل المثال، نسبة الأربعة في المائة تلك ستكون منها شركات: (NASDAQ:أدفانسد مايكرو ديفايسز) بارتفاع 103%، شركة (NASDAQ:ونيتفليكس) بارتفاع 62%، (NASDAQ:أمازون) بارتفاع 49%، بينما بلغ صافي عائد إس آند بي 500 –6.5%.
بالتالي، فبناء محفظة استثمارية مميزة ترفع احتمالية تفويت المستثمر للأسهم الـ 4%، والتي يمكن أن ترفع العوائد بدرجة كافية للتغلب على السوق في ذلك العام. ويشرح جي بي هيتون، في مقاله “Why Indexing Works” "لماذا ينجح تنويع المحفظة الاستثمارية، كيف يمكن لمحفظة متكونة من 5 أسهم، وتمكن أربعة منها من توليد عائد 10%، وواحد 50%، سيكون أداء إجمالي السوق 18%، ولكن بدون هذا السهم المتفوق، سيكون أداء المحفظة أضعف من السوق، وليس متفوقًا عليه.
مشاعر المستثمر
ويصعّب السوق مهمة التفوق عليه، ولكن تلك ليست العقبة الوحيدة. فبعد كل شيء، نحن بشر، وعادة ما يكون أداء البشر أقل من الكفاءة الكاملة، فنتأثر بالمشاعر. في واقع الأمر، يحرك الخوف والطمع أغلب حالات التداول في السوق.
نظرية الاحتمال، هي نظرية وضعها الفائران بجائزة نوبل، كانمان، وتفريسكي، تظهر أن خسارة 100 دولار لها تأثير سلبي أقوى من التأثير الإيجابي لربح 100 دولار. فيميل البشر لتحوط المخاطر، وهذا الميل يتسبب في توليد خيارات خاطئة من حيث نسبة معدل المخاطرة/المكافأة، وهذا بالتأكيد يؤثر على العوائد. بنفس الطريقة، يعمي البشر الربح المحتمل، وعندها سيتجاهلون عامل المخاطرة، معرضين أنفسهم للعواقب السلبية على المدى الطويل.
الضرائب، والرسوم
وليس هذا فقط، نقول مقتبسين قول بنجامين فرانكلين، ونسقطه على سوق المال، لا شيء يقيني، إلا عند الحديث عن الرسوم، والضرائب. فعندما راهن بافيت رهانه الشهير، لم يكن هذا إلا بعد دفعه ما استوجب الدفع. فاختار بافيت صندوق مؤشرت متداولة ذات نظام ضريبي عالي الكفاءة، ولكن يتولد ضرائب أعلى على المتداولين، أو صناديق التحوط عند وجود عائد أو ربح رأسمالي أعلى.
ويخلق ربح الأسهم هذا رسومًا، والرسوم أحد أهم الأسباب المؤدية إلى فشل المستثمرين في التفوق على السوق. فنسبة من تداولاتك تؤخذ على هيئة رسوم، وبعدها يتوجب عليك تعويضها بالعوائد، لتعادل أداء السوق. وكلما تداولت أكثر، ارتفعت الرسوم التي تدفعها، وبالتالي، يتولد عائد أعلى مما تحتاج. فكما ذكرنا، التفوق ليس مهمة سهلة.
خلاصة القول
تأتي الصعوبات للمستثمرين على هيئة طبقات متراكمة، كلما نجحت في تجاوز واحدة لاحت الأخرى، وللوصول للهدف عليك تجاوز الجميع، فهل هذا ممكن؟ لمستثمرين من أمثال وارن بافيت، وبيتر لينش، اثنين من كبار المدافعين عن أسلوب تداول الشراء والتمسك، وتمكن كلاهما من التفوق على السوق مرة بعد أخرى، باختياراتهم للأسهم، وولد هذا لهم ثروة، واثبتا أن التفوق على السوق ممكنًا. ولكنه ليس مهمة سهلة، والآن هي أصعب مما كانت عليه، فتتطلب مزيج من المهارة الفائقة، والحظ الجيد، والنفسية المتوازنة، وأساليب المحاسبة الذكية. لسوء الحظ، بالنسبة للأغلبية يمكن أن يكون هذا المزيج صعب التوافر، بسبب طبيعتنا البشرية المنقوصة.