المقال مترجم من اللغة الإنجليزية بتاريخ 21-12-2020
أظهرت البنوك المركزية أنها تعلمت شيئًا أو شيئين من الأزمة المالية التي عصفت بالعالم في 2008 و 2009، حيث نجحت خلال هذا العام في اجتياز وباء عالمي وعمليات إغلاق غير مسبوقة. لقد استجابت البنوك المركزية بقوة حتى تمنع الأسواق من التجمد، وخلقت الأموال لتحقيق الاستقرار في هذه الأسواق، ولتمويل الإنفاق الهائل للحكومات.
ولكن هذا أمر له تكلفته. فلقد اقتربت البنوك المركزية بشكل خطير من لعب دور سياسي. وعلى وجه الخصوص، تجاوز الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي الخط عندما أنشأ برامج تسهيلات إقراض طارئة، مدعومة بأموال حكومية.
ما مدى تعرض البنوك المركزية للخطر؟
لقد أظهرت عقبة اللحظة الأخيرة في مفاوضات حزمة التحفيز والمساعدات المالية، التي جرت في الكونجرس خلال عطلة نهاية الأسبوع، هذه النقطة بوضوح. فلقد منع أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريون إقرار المساعدات، بما في ذلك الشيكات للأفراد، بهدف حرمان بنك الاحتياطي الفيدرالي من إعادة إحياء البرامج التي أنهاها وزير الخزينة ستيفن منوتشين. لقد أراد البنك تجنب جولة نهائية من المساعدات التي قد يوافق عليها الكونجرس وقد لا يوافق، وخاصة مرافق السيولة المقدمة للبلديات والحكومات المحلية وحكومات الولايات، والتي توفر لهذه الحكومات متنفس للحصول على القروض.
ولكن تم التوصل إلى تسوية في الوقت بدل الضائع تم بموجبها تحديد الحظر بكونه ينطبق على ازدواجية التسهيلات المغلقة فقط، وليس على دعم الخزينة لإقراض الاحتياطي الفيدرالي بشكل عام. ومن المتوقع أن يتم التصويت على حزمة المساعدات المالية، بالإضافة إلى قانون الانفاق الحكومي الشامل، اليوم الاثنين.
ما الذي يفعله الاحتياطي الفيدرالي في خضم معركة سياسية؟ هذا سؤال جيد، ونأمل أن يعاني رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول وصناع السياسة الآخرين في الإجابة عليه في الأشهر المقبلة.
ومع ذلك، فإن الاحتياطي الفيدرالي ليس وحده من ينشغل بالسياسة. فلقد رفع البنك المركزي الأوروبي من حجم برنامج الشراء الطارئ لمواجهة الوباء، أو PEPP اختصاراً، بمقدار 500 مليار يورو في اجتماعه هذا الشهر. وأصبح يمكن للبنك المركزي الأوروبي، بإجمالي 1.85 تريليون يورو في ترسانته، تلبية الكثير من احتياجات التمويل الحكومية.
إن حقيقة كون عمليات الشراء تتم في السوق الثانوية بدلاً من الشراء مباشرة من الحكومات هي مجرد ورقة توت لا تكاد تخفي حقيقة أن هذا الأمر بكل بساطة هو عبارة عن تمويل مقدم من البنك المركزي للديون الحكومية، وهو أمر محظور بموجب معاهدات الاتحاد الأوروبي.
يجب على البنك المركزي أن يفعل ما يجب أن يفعله البنك المركزي، ولا أحد يريد أن يرى هذه البنوك تمادى عندما نواجه الانهيار الاقتصادي. وبمجرد طرح اللقاحات وعودة الاقتصادات إلى الانتعاش، سيتطلب الأمر بعض التدقيق لمعرفة ما إذا كانت البنوك المركزية قد تعرضت للاختراق السياسي، وإلى أي مدى حدث هذا.
لقد أظهر الوباء المرونة المؤسسية للنظام المالي. فلم تكن استجابة البنوك التجارية نشطة فحسب، بل صمدت أيضاً أمام الضغط، وذلك بعد أن وجدت نفسها مجبرة على خلق رأس المال. لقد كان فرض الحظر على توزيعات الأرباح وإعادة شراء الأسهم ضمانة ضرورية، بقدر ما كانت البنوك غاضبة من هذا الإجراء المؤقت. خلال الأسبوع الماضي، رفعت البنوك المركزية (إلى حد كبير) الحظر المفروض على قرارات البنوك التجارية.
لكن العمود الفقري المؤسسي لم يستطع إخفاء الضعف الموجود في رأس البنوك المركزية الأكثر أهمية. فلا رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي بأول، ولا كريستين لاغارد رئيسة البنك المركزي الأوروبي، لديهما المؤهلات المطلوبة لإدارة الأزمة.
كلاهما محاميان، صنعا الانجازات في مسيرتهما المهنية في مجالات أخرى. وعلى الأقل، تلقى باول التدريب أثناء العمل في الاحتياطي الفيدرالي، قبل أن يتولى المنصب الأعلى، ويرتكب أخطاء المبتدئين قبل هذه الأزمة. لقد تعلم أن يلتزم بالنص المكتوب له من قبل أشخاص يفهمون ما يجري.
وبالمثل، لم يكن لدى لاغارد خبرة مصرفية مركزية، وقد توضح ذلك لأنها أظهرت مراراً وتكراراً عدم حساسية تجاه كيفية تفاعل الأسواق مع تصريحاتها. كان ينبغي على كبير الاقتصاديين في البنك المركزي الأوروبي، فيليب لاين، وهو المحافظ السابق للبنك المركزي الأيرلندي، التدخل والبدء في إدارة عملية الاتصال بالأسواق "لتوضيح" أخطاء لاغارد. إنه أمر مؤسف ألا يكون شخص مثل لاين، أو مثل الرئيس السابق ماريو دراجي سلف لاغارد، هو الذي يشغل المنصب الذي يتطلب شخصاً يمكنه التحدث بسلطة.
بل أن أندرو بيلي، محافظ بنك إنجلترا، قد وجد أن سلطته ضعيفة مع تراكم الفضائح منذ الفترة التي ترأس فيها هيئة السلوك المالي في البلاد. ولكن على الأقل، كان لديه خبرة طويلة في البنك المركزي، قبل تعيينه غير الموفق على رأس الوكالة التنظيمية.
لقد أنهت البنوك المركزية هذا العام بأنين الألم بدلًا من ضجة الفرح، ووصلت إلى أخر أيام 2020 وهي تنتظر بشدة لمعرفة مدى سرعة تعافي اقتصاداتها بمجرد إتاحة اللقاحات على نطاق واسع.
وبعد أن أعلن البنك المركزي الأوروبي عن نواياه لأسابيع، قام أخيراً بتهميش تأثير زيادة مشترياته من السندات، حيث رفعها بالحد الأدنى من توقعات المستثمرين، الأمر الذي خيب آمال الكثيرين. وقال بعض أصحاب القرار إنه ربما لن يتم استخدام كل الأموال المتاحة، لكن في هذه الحالة، لماذا لا نخطئ في الزيادة بدلاً من النقصان؟ فالمستثمرون هم مخلوقات عصبية، والإدراك مهم للغاية.
أما بنك الاحتياطي الفيدرالي، فلقد أشار بشكل دقيق إلى أنه لن يتخذ أي خطوات كبيرة، لكن اجتماع السياسة الأخير لهذا العام غير العادي، والأخير في ظل إدارة الرئيس ترامب، كان محبطاً أكثر مما يجب أن يكون. فلقد أدى فشل بنك الاحتياطي الفيدرالي في تحويل مشترياته من السندات إلى آجال استحقاق أطول إلى خيبة أمل لدى المستثمرين.
ولقد كان تكرار باول الفاتر للضمانات بأن بنك الاحتياطي الفيدرالي سيستخدم كل الأدوات في صندوقه ولسنوات إذا لزم الأمر، أمراً معروفاً لدى المستثمرين ولم يحمل أي جديد.
وبالإضافة على ذلك، سكب السياسيون الماء البارد على تأكيداته هذه، من خلال جعل بعض هذه الأدوات نقطة شائكة في مفاوضات حزمة التحفيز المالي. وفي نهاية المطاف، فإن عام 2020 هو بلا شك عام سيسعد محافظو البنوك المركزية بانتهائه.