بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين
ربما نسمع تردد وتناقل حديث متكرر وقد يكون صحيح أو خاطئ لكن في هذا التقرير أحببت أن أستعرض لكم المشهد بتسلسل كامل وتوقع السيناريوهات بشأن الذهب
مخطأ من قال بأن الذهب ارتفع بسبب مخاوف التضخم ولكن تعالوا نتعرف أسباب ارتفاع الذهب وهل سيستمر أم لا وإلى أين؟
الأموال الرخيصة:
تعالوا نتذكر مشهد بداية جائحة كورونا بعد بدء البنوك المركزية في تيسير سياستها النقدية مما يعني زيادة المعروض الدولاري في بداية الأمر ارتفع الدولار في عكس اتجاهه كملاذ أمن وتبادل الأدوار بعد ذلك مع الذهب ولكن أستجاب الدولار للتحفيزات المالية سلبيا حيث زاد المعروض النقدي مما أدى إلى تراجع الدولار وارتفاع الذهب كملاذ آمن في ظل ارتفاع عدم اليقين بشأن جائحة كورونا
ولكن:
مع التفاؤل بشأن التعافي من فيروس كورونا وبدء التسابق لطرح التطعيمات واللقاحات أطمأن المستثمر والمخاطر وأصبحنا نرى زيادة الأموال الرخيصة وتوجهها إلى الأسواق عالية المخاطر ذات العائد الأعلى سواء أسواق الأسهم أو أسواق العملات المشفرة وصعودهما لأرقام قياسية
الداو جونز أعلي قمة حققها عند 35091
إس أند بي 500 أعلي قمة حققها عند 4238
البيتكوين 64854 تقريبا
بخلاف بعض الأسهم الأمريكية أو العملات المشفرة التي ارتفعت بنسب صعود تفوق المنطق
كل ذلك بفعل الأموال الرخيصة التي ضخت داخل النظام النقدي في ظل جائحة كورونا
مخاوف التضخم وشبح تشديد السياسة النقدية:
الأسواق المالية والمتعاملين فيها سعرت التضخم بفعل ارتفاع عوائد السندات الأمريكية والذي يتوقع الفيدرالي أن يكون معدل التضخم بنهاية العام الحالي والعام المقبل فوق مستوى 2% يعني وصول معدل التضخم لهدف الفيدرالي قبل ميعاده المتوقع من قبل الفيدرالي
لذلك أصبح التخوفات بأن الفيدرالي قد يتجه لتشديد سياسته النقدية نتيجة وصوله لمستهدف التضخم وكإجراء مضاد لكبح جماح التضخم نتيجة زيادة المعروض النقدي الدولاري المتدفق داخل النظام النقدي
التضخم والدولار:
التضخم من المفترض يهبط أسعار الدولار إذا أستمر التضخم في ازدياد دون تدخل من الفيدرالي وبالتالي ضغط الدولار يكون في صالح أسواق الأسهم عالية المخاطر لأنها تدر عوائد مرتفعة
ولكن التخوفات من أن الفيدرالي قد يشدد سياسته النقدية كتدخل منه لكبح جماح التضخم إذا أستمر في الارتفاع
تشديد السياسة النقدية وتأثيرها:
تشديد السياسة النقدية من قبل الفيدرالي أما بتقليص مشترياته من السندات والأصول لدعم الاقتصاد والمقدر بقيمة 120 مليار دولار شهريا وكذلك الإجراء الأكثر تأثيرا رفع معدل الفائدة لكبح جماح التضخم وتقليص المعروض النقدي الدولاري وحصرها داخل البنوك
مراجعة الماضي:
عند تيسير السياسات النقدية من قبل البنوك المركزية في بداية جائحة كورونا صعد الدولار الأمريكي بعكس اتجاه المنطقي لاتخاذه كملاذ أمن لتوفير النقد وسرعان ما تبدل الحال وهبط الدولار استجابة للتحفيزات المالية وزيادة المعروض النقدي الدولاري وبداية صعود الذهب القوي بسبب علاقته الانعكاسية مع الدولار وارتفاع حالة عدم اليقين بسبب جائحة الكورونا وتوقف الأنشطة الاقتصادية فأصبح الذهب هو الملاذ الأمن الأول ويتربع على عرش الملاذات الآمنة
تكرار الماضي والتاريخ يعيد نفسه:
قد يتكرر هذا الحدث ولكن بشكل عكسي وتعالوا نأخذها في نقاط:
- المخاوف من التضخم بسبب قد يشدد الفيدرالي سياسته النقدية مبكرا قبل ميعاده الذي حدده مسبقا
- يعني تقليص الفيدرالي من مشترياته من الأصول ورفع الفائدة
- انخفاض المعروض النقدي للدولار يعني ارتفاع الدولار وليس انخفاضه
- تصحيحات في أسواق الأسهم في القطاعات الذي شهدت صعود في فترة أزمة كورونا
- تصحيحات أعنف في سوق العملات المشفرة
- بالتالي قد نجد تبادل الأدوار ما بين الذهب والدولار كملاذات آمنة للهروب من أسواق الأسهم والعملات المشفرة التي تشهدت تصحيحات في تلك الفترة
لماذا الذهب يصعد الآن؟
على الرغم من تصريحات الفيدرالي بتحسن المؤشرات الاقتصادية الأمريكية إلا أن المستثمرين في حاجة للمزيد من الأدلة الواضحة حول الانتعاش الاقتصادي والأسواق بدأت تسعر احتمالات تشديد السياسة النقدية في وقت مبكر قبل حلول عام 2023 وذلك بسبب تجدد مخاوف التضخم
فبدأنا نلاحظ تراجعات شديدة للعملات المشفرة وتراجعات وإن كانت طفيفة للمؤشرات الأمريكية مع تراجع الدولار الأمريكي مؤقتا واستقرار عوائد السندات كل ذلك صب في مصلحة الذهب الذي أستطاع أن يستغل الفرصة بالصعود واختراق القمة النفسية والمقاومة 1900 دولار للأونصة
أسباب تراجع الدولار:
تراجع الدولار بعد صدور بيانات ومؤشرات أمريكية بشكل سلبي حيث تراجع مؤشر ثقة المستهلك CB وخالف التوقعات وكذلك تراجع مبيعات المنازل الجديدة مما انعكس على الدولار بشكل سلبي بالإضافة عودة مخاوف التضخم الذي يخيم على الأسواق العالمية كل ذلك صب في مصلحة الذهب
توقعاتنا للذهب:
إذا استمرت التخوفات بشأن التضخم وأستمر في الارتفاع ويمكن مراقبته من خلال مراقبة عوائد السندات الأمريكية لأجل ١٠ سنوات فإن الفيدرالي سيتخذ قرارات بشأن مواجهة التضخم والذي سيكون له الأثر السلبي على المؤشرات الأمريكية للأسهم وكذلك المزيد من النزيف للعملات المشفرة فسنجد صعود قوي للذهب
لذلك من المتوقع استمرار الذهب حيث يستهدف مستويات 1920.70 كمقاومة تاريخية
كما يمكنك الاطلاع على التحليل الفني للذهب من خلال الفيديو المرفق أو مشاهدة التحليل من خلال الرابط التالي:
https://ar.tradingview.com/chart/XAUUSD/GCacqWOn/
يسعدني زيارتكم لتقاريري ويشرفني الرد على تعليقاتكم
تقبلوا تحياتي
د. محمد الغباري
الرئيس التنفيذي للأكاديمية الاقتصادية