احصل على خصم 40%
👀 اكتشف كيف ينتقي وارين بافيت أسهم رابحة تتفوق على إس آند بي 500 بـ 174.3%احصل على 40% خصم

سرّ المعدن الأصفر: أسعار الذهب إلى أين؟

تم النشر 11/11/2021, 20:09
محدث 09/07/2023, 13:32

يكاد لا يجتمع البشر على إعطاء قيمة لشيء كما يفعلون عندما يتعلق الأمر بالذهب، فهو المعدن البهي اللامع والملاذ الآمن الذي تمنح حيازته شعورًا بالطمأنينة والرضى في كل المجتمعات البشرية على اختلاف ثقافاتها وطبائعها، ومنذ فجر التاريخ، بل إن إجماع الناس المطلق على القيمة التي يحملها الذهب جعلها مسلّمة من المسلّمات التي قد يبدو إفراد مقال عنها توضيحًا للواضحات وضربًا من ضروب إضاعة الوقت في شرح ما لا يحتاج شرحًا.

لكن هذا الإجماع الذي أشرنا إليه لا يأتي دون خلاف بين الناس، على الأقل فلسفيًا، حول ما إذا كان الذهب يحمل قيمة بذاته أم أنه اكتسبها عنوة على مرّ التاريخ، وأصحاب هذا القول الأخير ينطلقون من أن قيمة رغيف خبز أو زجاجة ماء صالح للشرب في وقت الكوارث الكبرى لا يعادلها كل ذهب الأرض، وهذا الخلاف الفلسفي هو الدافع وراء إفرادنا لمقال سنحاول فيه إيجاد الأسباب الحقيقية التي أعطت الذهب قيمته، قبل أن ننتقل إلى الأسباب الكامنة وراء ارتفاع سعره بشكل عام، وفي الأيام الأخيرة تحديدًا.

عودة إلى التاريخ

لا يمكن لنا الغوص باحثين عن مصدر قيمة الذهب إلا من خلال الاستعانة بالتاريخ، لكن هذا التاريخ لا يخبرنا، على وجه الدقة، متى بدأ الذهب يكتسب قيمة عند عموم البشر، إلا أن التحليل المنطقي سيصل بنا إلى أن لمعان هذا المعدن وجماله وندرته، أمور لا بد استرعت انتباه الإنسان منذ عصور ما قبل التاريخ.

أما سجلات التاريخ، فهي تخبرنا أن استخدام البشر للذهب يرجع إلى العصر النحاسي، أو العصر الواقع بين العصرين الحجري والبرونزي، أي ما بين 6000 ق.م و3000 ق.م الميلاد، وجاء هذا الاستخدام بمعظمه على شكل حليّ وزينة للنساء، وتيجان للملوك، وما شابه.

إعلانات طرف ثالث. ليس عرضًا أو ترشيحًا من Investing.com. يمكنك رؤية الإفصاح من هُنا أو إزالة الإعلانات< .

لكن التحوّل الأبرز في قيمة الذهب جاء مع بروز الحاجة إلى نظام نقدي كنتيجة طبيعية لتطور المجتمعات البشرية التي لم يعد مفهوم تبادل السلع الغذائية والأدوات بالنسبة لها أمرًا عمليًا أو كافيًا (إذ ما هي كمية الغذاء التي يجب على أحدهم تقديمها مقابل قطعة أرض مثلاً؟)، فحينها بدأ البحث عن معدن لاستخدامه كعملة ويحمل صفات المتانة ومقاومة الصدأ والتآكل، وسهولة التشكيل والصياغة في آن معًا، وجميعها صفات لا يحملها الحديد أو النحاس أو الرصاص على سبيل المثال.

الذهب، الضالة المنشودة

اجتمعت في معدن الذهب كل المواصفات التي احتاجها البشر لإنشاء نظام تبادل اقتصادي قائم على النقد أو العملة، فهو – إلى جانب المواصفات سالفة الذكر - نادرٌ بما يمنحه قيمة، وفي الوقت نفسه متوافر بما يكفي لصك عملة قابلة للاستخدام على نطاق واسع (على عكس البلاتينيوم، مثلًا).

إذن، وعند هذه النقطة من تاريخنا البشري، اكتسب الذهب قيمته الفعلية والحقيقية، وتحوّل من مجرد عنصر طبيعي برّاق ميزته الوحيدة في جماليته، إلى ركيزة للنظام الاقتصادي البشري وضمانة لأصوله، هذا طبعًا عدا عن دخوله في تصنيع الرقائق الإلكترونية وغيرها من الصناعات والاستخدامات لاحقًا.

ماذا لو انهارت الحضارة التي نعرفها؟

كنا قد ذكرنا في بداية المقال الخلاف الفلسفي حول القيمة الفعلية للذهب، وما النفع الذي يحمله إذا ما ضربت كارثة ما كوكبنا وتسبب في انهيار الحضارة والنظم الاقتصادية القائمة مقارنة بالطعام والشراب والحاجات التي تبقي الإنسان على قيد الحياة.

ومع أن هذا الطرح لا يخلو من المنطق، لكن نظرة استراتيجية إلى هكذا سيناريو ستصل بنا إلى حتمية العودة إلى نظام نقدي في نهاية المطاف طالما بقيت المجتمعات البشرية قائمة، وبالتالي، إذا ما توقفت البنوك المركزية عن إصدار عملات ورقية لسبب من الأسباب، يطل الذهب برأسه من جديد ليعيد الأمور إلى نصابها، وهذا بالضبط ما يدفع البنوك لتعزيز احتياطاتها من الذهب، بل ولكونه أهم احتياطاتها أساسًا ومصدر القيمة الفعلية لعملاتها الورقية حتى وإن فصلتها عنه.

إعلانات طرف ثالث. ليس عرضًا أو ترشيحًا من Investing.com. يمكنك رؤية الإفصاح من هُنا أو إزالة الإعلانات< .

العوامل المتحكمة بسعر الذهب

عالميًا، يذهب نصف إنتاج الذهب لصالح صناعة الحليّ والمجوهرات، بينما تمثّل حصة الاستثمارات منه حوالي 40%، أما الـ 10% المتبقية فتذهب لصالح الاستخدامات الصناعية، وتعدّ البنوك المركزية للدول أكثر الأطراف شراء للذهب، خاصة بعد قرار الولايات المتحدة فك ارتباط دولارها به في عام 1971.

ومنذ ذلك التاريخ، بات سعر الذهب مرتبطًا بقوة الدولار الأمريكي، فالدولار الضعيف يعني ارتفاعًا في سعر الذهب الذي يُعد ملاذًا آمنًا عندما تسود المخاوف من التضخم والأزمات الاقتصادية، والعكس صحيح؛ الدولار القوي يُبقي أسعار الذهب منخفضة وتحت السيطرة.

أما العوامل الأخرى التي تتحكم في سعر الذهب فهي تنحصر ما بين مفهوم العرض والطلب الذي يحكم السوق (سواء لقطاع صناعة المجوهرات، أو البنوك المركزية، أو القطاع الاستثماري) وكميات إنتاج مناجم الذهب سنويًا، وهذه الأخيرة هي مربط الفرس.

إنتاج الذهب أصبح أصعب

رغم الزيادة التي شهدها استخراج الذهب حول العالم في العقود الأخيرة، إلا أن مستويات الإنتاج العالمية ظلت ثابتة تقريبًا في الأعوام الخمسة الأخيرة (3100 طن في 2016 مقارنة بنحو 3400 طن في 2020 حسب تقرير مجلس الذهب العالمي)، وهذا الأمر يرخي بظلاله على أسعار الذهب بالتأكيد.

فالمشكلة التي بدأت تظهر تبعاتها اليوم هو أن البشر قد تمكنوا من الوصول إلى معظم كميات الذهب التي يسهل الوصول إليها، أي تلك الموجودة على سطح الأرض أو قريبة منه، وبالتالي، باتت عملية استخراج الذهب تتطلب الحفر بأعماق أكبر وما يعنيه هذا من زيادة في التكلفة وفي المخاطر التي تهدد حياة عمال المناجم، عدا عن التبعات البيئية المرتبطة بعمليات استخراجه.

كلمة السر: التضخم

مع انطلاق حملات التلقيح ضد وباء كورونا، وعودة النشاط الاقتصادي إلى دورته الطبيعية تدريجيًا، بدأت مؤشرات الإنفاق الاستهلاكي ترتفع بشكل حاد في الولايات المتحدة في وقت تعاني فيه سلاسل التوريد من قصور كبير، وهو ما يفسر ارتفاع مؤشرات التضخم بدورها.

إعلانات طرف ثالث. ليس عرضًا أو ترشيحًا من Investing.com. يمكنك رؤية الإفصاح من هُنا أو إزالة الإعلانات< .

لكن الأمر لا يقف عند هذا الحد، فخطط الإنفاق التي وضعتها الحكومة الأمريكية، التي لم يكن آخرها تخصيص 1.2 تريليون دولار لمشاريع البنية التحتية، أدت إلى تسارع ارتفاع التضخم إلى مستويات غير مسبوقة حيث سجل مؤخرًا نسبة بلغت 6.2%، وهو الأعلى منذ عام 1990.

وهنا عودٌ على بدء، فإلى أين سيذهب المتخوفون من هذا التضخم سوى إلى أحضان ملاذ المتحوطين الآمن؛ المعدن الأصفر؟

إذن لا يحتاج الأمر لكثير من التحليل حتى نفهم سبب ارتفاع سعر الذهب المتواصل والذي وصل حتى لحظة كتابة هذه السطور إلى 1859 دولار للأونصة.

الذهب: إلى أين؟

بناء على ما سبق، وبعد التسليم بقيمة الذهب في حياتنا البشرية سواء أعجب هذا أصحاب النظرة الفلسفية أم لم يعجبهم، يبدو جليًا أن أسعار المعدن النفيس ستستمر بالصعود، على الأقل في المرحلة المنظورة وإلى حين أن تتوضح معالم محصلة كافة التأثيرات على الاقتصاد العالمي عمومًا والأمريكي خصوصًا، دون إغفال تأثير مستويات إنتاجه ومستقبلها.

أي أن هذا المعدن ما انفك يرسم معالم حياتنا الاقتصادية منذ آلاف السنين وإلى اليوم، ومن نافل القول إن الحال سيبقى هكذا لزمن طويل قادم، ولربما من الأفضل للمستثمرين والمدخرين على حد سواء أن يأخذوا هذا في حسبانهم عند رسم خطواتهم المستقبلية.

أحدث التعليقات

الذهب راح يهبط على 1760$
احسنت النشر جزاك الله خيرا استاذ محمد
👍
كلام منطقي .
اكثر من رائع استاذ محمد
موضوع تعبير هذا
البلاغة في الإيجاز راجع فقرة دولار قوي وذهب ضعيف او دولار ضعيف وذهب قوي وستعيد كتابة المقال من جديد بنظرة مختلفة تقبل مروري
سرد جميل
رائع بطرحك
ممتاز
قم بتثبيت تطبيقاتنا
تحذير المخاطر: ينطوي التداول في الأدوات المالية و/ أو العملات الرقمية على مخاطر عالية بما في ذلك مخاطر فقدان بعض أو كل مبلغ الاستثمار الخاص بك، وقد لا يكون مناسبًا لجميع المستثمرين. فأسعار العملات الرقمية متقلبة للغاية وقد تتأثر بعوامل خارجية مثل الأحداث المالية أو السياسية. كما يرفع التداول على الهامش من المخاطر المالية.
قبل اتخاذ قرار بالتداول في الأدوات المالية أو العملات الرقمية، يجب أن تكون على دراية كاملة بالمخاطر والتكاليف المرتبطة بتداول الأسواق المالية، والنظر بعناية في أهدافك الاستثمارية، مستوى الخبرة، الرغبة في المخاطرة وطلب المشورة المهنية عند الحاجة.
Fusion Media تود تذكيرك بأن البيانات الواردة في هذا الموقع ليست بالضرورة دقيقة أو في الوقت الفعلي. لا يتم توفير البيانات والأسعار على الموقع بالضرورة من قبل أي سوق أو بورصة، ولكن قد يتم توفيرها من قبل صانعي السوق، وبالتالي قد لا تكون الأسعار دقيقة وقد تختلف عن السعر الفعلي في أي سوق معين، مما يعني أن الأسعار متغيرة باستمرار وليست مناسبة لأغراض التداول. لن تتحمل Fusion Media وأي مزود للبيانات الواردة في هذا الموقع مسؤولية أي خسارة أو ضرر نتيجة لتداولك، أو اعتمادك على المعلومات الواردة في هذا الموقع.
يحظر استخدام، تخزين، إعادة إنتاج، عرض، تعديل، نقل أو توزيع البيانات الموجودة في هذا الموقع دون إذن كتابي صريح مسبق من Fusion Media و/ أو مزود البيانات. جميع حقوق الملكية الفكرية محفوظة من قبل مقدمي الخدمات و/ أو تبادل تقديم البيانات الواردة في هذا الموقع.
قد يتم تعويض Fusion Media عن طريق المعلنين الذين يظهرون على الموقع الإلكتروني، بناءً على تفاعلك مع الإعلانات أو المعلنين.
تعتبر النسخة الإنجليزية من هذه الاتفاقية هي النسخة المُعتمدَة والتي سيتم الرجوع إليها في حالة وجود أي تعارض بين النسخة الإنجليزية والنسخة العربية.
© 2007-2024 - كل الحقوق محفوظة لشركة Fusion Media Ltd.