التضخم وسعر الصرف وعلاوة المخاطر كلها عند أعلى مستوى لهذا العام في تركيا. فقد ارتفع معدل التضخم، الذي الذي يأتي على قمة البيانات الكلية، بنسبة 3.51٪ في نوفمبر مقارنة بالشهر السابق، وزاد التضخم السنوي بنسبة 21.31٪ مقارنة بشهر نوفمبر 2020. أي أن أي منتج تم شراؤه مقابل 100 ليرة العام الماضي يمكن شراؤه هذا العام مقابل 120 ليرة تقريبًا. وبدأت الليرة التركية تقل قيمتها مع كل ارتفاع في التضخم في مقابل العملات الأجنبية.
لماذا يستمر التضخم في الارتفاع؟
أحد الأسباب الرئيسية للتضخم هو ارتفاع التكاليف. عندما ننظر إلى سبب زيادة التكاليف، نجد أن هناك أسباب داخلية وخارجية لذلك. وبالنسبة للعوامل الخارجية، يمكننا القول إن النتائج المترتبة على الجائحة والجفاف ومشاكل العرض ونقص الإمدادات تسببت في زيادة في معدلات التضخم في العالم. أما الاسباب الداخلية، فإن السبب الرئيسي لارتفاع التكاليف هو ارتفاع أسعار العملات الأجنبية، لأن العديد من مستلزمات الإنتاج يتم استيرادها وينعكس ارتفاع أسعار العملات الأجنبية بشكل مباشر على تكلفة الإنتاج وعلى المستهلك.
ماذا يحدث عندما يرتفع التضخم؟
عندما يرتفع التضخم، يتعين عليك إنفاق المزيد من الأموال للحفاظ على نفس الظروف المعيشية. عندما يحدث هذا، فإن الأموال التي لديك لا تكفي نفقاتك، ولا يمكنك ادخار المزيد، ولا يمكنك تحمل أي نفقات إضافية. بمعنى آخر، ينخفض مستوى المعيشة المتوقع من الناحية المالية.
لماذا تؤثر التوقعات على التضخم؟
التوقعات عبارة عن توقع لكيفية سير العملية الحالية في المستقبل. بمعنى آخر، إذا استمر التضخم في الارتفاع لفترة طويلة، فمن المعتقد أنه سيستمر في المستقبل. وبالمثل بالنسبة للعملات الأجنبية، إذا شوهدت مستويات جديدة على جانب العملة كل شهر، فمن المتوقع أن يستمر السعر في الارتفاع. هذا التوقع هو في الواقع حالة من عدم اليقين. ويؤدي عدم اليقين أيضًا إلى تسريع الارتفاع مع الاعتقاد أن السعر سيرتفع في المستقبل.
التضخم المرتفع يعني ارتفاع التكاليف، ولكن هل يمكن للمواطن الإنفاق على الرفاهيات بينما التكاليف التي يتعين عليه إنفاقها على احتياجاته الأساسية تتزايد باستمرار؟ إذا كانت نفقات الشركة تتزايد كل شهر، فهل يمكن لهذه الشركة توفير المزيد من فرص العمل؟ يؤدي التضخم المرتفع إلى خفض الإنفاق على مستوى الأفراد والشركات، لأنهم لا يستطيعون استشراف المستقبل ويحاولون التوقف عن الإنفاق لأنهم يعتقدون أن الأيام القادمة ستكون أكثر صعوبة.
هناك تأثير كبير لارتفاع التكاليف على التضخم في تركيا، في حين أن معدل ارتفاع تضخم الطلب أقل نسبيًا. ومع ذلك، بينما تستمر تلك العوامل في زيادة التضخم، يتم تخفيض أسعار الفائدة. وعلى الرغم من أن الهدف من ذلك هو إتاحة الاستثمار بفائدة منخفضة، إلا أن الفائدة المنخفضة وحدها لا يمكن أن تكون كافية للاستثمار في بيئة يكون فيها التضخم مرتفعًا. وأنتم، قراءَنا المحترمين، وكذلك الفاعلين من الاقتصاديين والسياسيين، تعرفون جيدًا ما كتبناه. لكن التضحية بالتضخم هى التضحية الحقيقية. لأن البنك المركزي يتوقع أن التضخم سيرتفع، ويزيد من توقعاته بشأنه، ويؤكد على ارتفاع التكاليف في كل فرصة، لكنه فى المقابل يخفض سعر الفائدة على أساس تحليل العنصر الأساسي، وليس على أساس التضخم الفعلي. ومع استمرار هذه السياسة، سيستمر ارتفاع العملات الأجنبية وزيادة التضخم وتستمر حالة عدم اليقين.
خفضت وكالة التصنيف الائتماني فيتش التصنيف الائتماني إلى "سلبي"، مشيرة إلى أن السياسة الجديدة للبنك المركزي ستسبب مشاكل خطيرة في الاقتصاد بسبب التضخم والتقلبات في أسعار الصرف الأجنبي. تدخّل البنك المركزي للسيطرة على سعر الصرف، الذي شهد تراجعًا قصير الأمد خلال اليوم، وتم تداول الليرة فوق مستوى 13.70 مرة أخرى يوم أمس واليوم. بمعنى آخر، لن ينخفض سعر الصرف إطلاقاً، لأن الأسواق تعتقد أن البنك المركزي سيواصل خفض أسعار الفائدة وبالتالي سيزيد التضخم أكثر، وتستمر الليرة في فقدان قيمتها.
وتقرر عدم إجراء أي قياس فني حيث تجاوز سعر الدولار 8.80 وارتفع إلى 9.50 في وقت قصير للغاية. وبعد ذلك، تسارع ارتفاع سعر الصرف ويتم التداول بالقرب من أعلى مستوى قياسي هذه الأيام. التحليل الفني عبارة عن تنبؤ محسوب على أساس التحركات السابقة، لكن لا أسباب ولا سرعة التحركات التي حدثت اعتبارًا من سبتمبر تدل على إشارة معينة لسعر الدولار.
لذلك نجد أن موثوقية المستويات المحسوبة منخفضة. وسنأخذ في الاعتبار إعادة التوازن بعد التقلبات، لكن لا يمكننا الحديث عن مثل هذا الوضع هذه الأيام، لأن السعر قريب جدًا من أقصى سعر تاريخي والتقلبات مرتفعة. لذلك، فإن التأثير الناتج عن أي بيانات أو تفسير يتم نشره يعني تسجيل رقم قياسي جديد. وقد استطاعت الأسواق، التي راقبت المستوى 10.0 بعيون يقظة، الوصول إلى المستويات حول 13 دون إضاعة أي وقت.
وقد تدخل البنك المركزي عند المستوى 13.80، لذا يعتبر المستوى 14.0 حرجًا في الوقت الحالي. ومع ذلك، يبدو أن السعر عازم على الصعود إلى 13.80 ولذلك سيضطر المركزي إلى بيع كمية أكبر من العملات الأجنبية مع كل ارتفاع. إذا استمر المركزي، الذي يتدخل في الأسواق اليوم، في خفض أسعار الفائدة لأسبوعين آخرين، فلن تكون الخسائر في الاحتياطيات فقط. ومع هذه التحركات غير المتسقة للبنك واستمرار السياسة الجديدة، فقد يزداد تدهور الموازين الاقتصادية أكثر.