اكتملت في الأيام الماضية خطة الدين العام لهذه السنة والبالغة 124 مليار ريال. نلاحظ أن السعودية دائماً ما تحاول أن تُنوع بين مصادر التمويل الداخلية والخارجية. حيث لم تطــرأ هذه السنة تغييــرات مهمــة علــى صعيــد التنويــع بيــن مصــادر التمويــل الداخليــة والخارجيــة. لذلك يُتوقع أن يُشكل الدين المحلي بنهاية السنة الحالية حوالي 59% من إجمالي محفظ الدين العام والنسبة الباقية وهي حوالي 41 % مقومة بالعملات الأجنبية، متمثلة بالسندات والصكوك والقروض.
حيث اعتمدت السعودية في تمويل عجز السنة الحالية (وذلك بنسبة 87.9% (تعادل 124 مليار ريال)) على ثلاث قنوات للتمويل تشمل السندات والصكوك والتمويل الحكومي البديل. فقد شهدت السنة الحالية صعوداً بارزاً لأحد أعمدة التمويل القادمة، والحديثة من نوعها، والمتمثلة بـ”التمويل الحكومي البديل”. لتصبح تلك الأداة المالية الحديثة أحد الأدوات الرئيسية لتعبئة الموارد الخاصة بجمع التمويل ذو الصبغة التنموية. ويشتمل التمويل الحكومي البديل على ثلاث أدوات تمويلية وهي تمويل المشاريع، وتمويل البنى التحتية، ووكالة ائتمان الصادرات.
أهم معيار
لعل أهم معيار ينظر إليه المراقبون بعد صدور بيانات الميزانية لكل دولة هو “نسبة الدين العام للناتج المحلي الإجمالي” ( Debt to GDP). وبهذه النسبة يستطيع المحللون مقارنة نسبة المديونية لأي دولة بطريقة علمية تمكنهم فيها من تحديد أذا ما كانت تلك الدولة تتجاوز المعدلات الطبيعية للمديونية من عدمها.
دين 2021
بل أن من الأمور الإيجابية التي أظهرها البيان التمهيدي للميزانية التقديرية هو انخفاض *توقعات* نسبة الدين العام الى الناتج المحلي بنسبة 7.6% بنهاية 2021 (حيث ذكرت ميزانية 2021 أن نسبة الدين العام الى الناتج المحلي ستصل الى 32.7% الا أن التوقعات المُحدثة للسنة الحالية تشير الى وصوله الى 30.2% وذلك بسبب نمو الإيرادات وتقلص العجز.
نأخذ في عين الاعتبار أن نسبة الدين العام الى الناتج المحلي الخاصة بـ 2020 قد بلغت 32.5%.
دين ما بعد 2022
أشار البيان التمهيدي للميزانية التقديرية لعام 2022 بأن الميزانية يُتوقع لها أن تتحول لتحقيق فائض اعتبارا من العام 2023 بنحو 27 مليار ريال و42 مليار ريال في 2024.
من المُنتظر أن يساهم نمو الإيرادات ونمو الناتج المحلي الاجمالي في خفض نسبة الدين من الناتج المحلي من 32.5% في 2020 الى 29.2% في 2023 وإلى 27.6% في 2024.
هذه التقديرات الخاصة “بنسبة الدين للناتج المحلي” في 2023 و2024 تعتبر مطمئنة لسببين. الأول أن السعودية يُتوقع لها أن تلتزم بنهاية 2023 بالمعيار الذي وضعته في 2016وهو ألا تتعدى نسبة المديونية للناتج المحلي 30%. وحتى حين تعدت تلك النسبة في السنة الماضية والحالية وذلك نتيجة الجائحة، فإنها في نفس الوقت لم تقترب من الحد الأعلى لسقف الدين والذي تم رفعه من 30 % إلى 50 % في 2020.
نلاحظ أنه في 2023، يتوقع أن يسجل الدين العام نموا صفريا، يُعد الأول منذ 7 سنوات. ومع هذا فقد يتم تحديث تلك التوقعات بناء على ما يمر به الاقتصاد العالمي وانعكاسات ذلك على الاقتصاد السعودية.
نأخذ في عين الاعتبار أن معظم دول العالم قد زادت من وتيرة الاستدانة وذلك للتعامل مع الجائحة التي دفعت بالدين العام لما هو فوق المستوى المستهدف. ولكن التحدي خلال مرحلة “النمو الاقتصادي بعد الجائحة” يكمن في قُدرة الدول على العودة لمستويات الدين لما قبل الجائحة وهذا ما يُتوقع أن تحققه السعودية خلال الثلاث سنوات القادمة بفعل تعزيز كفاءة الإنفاق وتحقيق مستهدفات الانضباط المالي.
مستوى الفائدة على الديون
كما هو معلوم فإن أحد العوامل التي ساهمت في ضبط مستويات خدمة الدين هو ربط السعودية عملتها بالدولار (مقارنة بالدول التي يرتفع حجم دينها مقابل الناتج المحلي عندما تنخفض قيمة عملتها ضد الدولار.
تعتبر السعودية من بين أقل الدول بالأسواق الناشئة التي تدفع فائدة على ديونها الخارجية. حيث نلاحظ أن المُعدل المتوسط للعائد الخاص بآجال استحقاق 5 و7 سنوات يبلغ 2.92% وذلك على كافت السندات والصكوك القائمة. ونفس الأمر ينطبق على أدوات الدين العشرية وآجال 12 سنة التي يبلغ متوسط عائدها 3.37% وكذلك 3.67% مع آجال استحقاق 30 و40 سنة.