استمر النفط في الصعود للأسبوع الرابع على التوالي ليصل لمستويات 86 دولار لخام برنت و84 دولار لخام غرب تكساس، وبهذه المستويات فالعالم سيكون امام ضغوط تضخمية أكثر شراسة الفترة القادمة، وبالتالي سينعكس ذلك باتجاه البنوك المركزية العالمية على تسريع وتيرة تشديد السياسة النقدية والاتجاه نحو رفع الفائدة وخفض مستويات طباعة الأموال.
ويأتي ارتفاع اسعار النفط برغم ارتفاع اصابات أوميكرون في العالم للأسباب الآتية..
أولا تأكيد أغلب الدول الفترة الأخيرة إنها لن تتجه للإغلاق الكامل مثل عام 2020 خاصة وأنه من الواضح أن العالم تعلم من أزمة كورونا أن الأزمة الاقتصادية التي تنتج عن الإغلاق هي أشد تضررا من الأزمة الصحية بالإضافة أن حالات الوفاة حول العالم من متحور اوميكرون هي أقل بنسبة كبيرة عن جائحة كورونا.. إذن فعدم اتجاه الدول للإغلاق سينعكس باستمرار المصانع في أعمالها واستمرار حركة الطيران والسفر والتي تستهلك كمية كبيرة من الوقود. بالتالي ذلك سيعني مزيد من الطلب على النفط في ظل أن المعروض لا يكفي المطلوب بالإضافة ان بعد زيادات أوبك بلس لإنتاجها ولكن مازال هذه الزيادات غير كافية للطلب العالمي...
بالإضافة أن هناك تخوفات كبيرة من أن تشن روسيا حربا على أوكرانيا خاصة بعد حشد روسيا لـ 100 ألف جندي على حدود اوكرانيا بالإضافة لتأكيد الولايات المتحدة الأمريكية عن مخاوفها من شن روسيا حربًا على أوكرانيا في حال فشل الحلول الدبلوماسية.. وزادت المخاوف بعد تأكيد دول الاتحاد الأوروبي أنها ستقوم بالرد بشدة على روسيا في حالة شنها حرب على أوكرانيا... بالتالي فمن المتعارف عليه أن النفط يرتفع وقت الأزمات والحروب خاصة إذا كانت هذه الحروب بين دول عظمى ومنتجة للنفط مثل روسيا... بالإضافة أن هناك تراجع في الاستثمار في النفط في الفترة الأخيرة لاتجاه الدول والشركات الكبيرة للاستثمار في الطاقة النظيفة.. برغم أن حتى اللحظة مازال الطلب العالمي على النفط التقليدي أكثر من الطلب على الطاقة النظيفة.
بالتالي فمن المتوقع أن يشهد النفط مزيدا من الارتفاعات الفترة القادمة ليخترق مستويات 90 دولار للبرميل ويتجه لمستويات 100 دولار للبرميل خاصة في حالة استمرار او زيادة التوترات بين روسيا وأوكرانيا.
ولكن من المتوقع ايضا ان يشهد النفط بعض التراجعات قرب عطلة السنة القمرية الجديدة التي تبدأ في الأول من فبراير المقبل ويرجع ذلك لأن الصين وافقت في نهاية 2021 على سحب كميات غير محددة من النفط وفقا لمستويات الأسعار، وأن الصين وافقت على سحب كمية أكبر نسبيا إذا تجاوز سعر النفط 85 دولارا للبرميل، وكمية أقل إذا ظل النفط قرب 75 دولارا للبرميل. ولكن في رأيي أن هذا الحل هو حل مؤقت.. لأن السوق لم يشهد الا تراجع بسيط لمستويات 75 دولار للبرميل بعد قرار إدارة بايدن بالإفراج عن 50 مليون برميل من احتياطي الولايات المتحدة الامريكية من النفط بهدف خفض أسعار النفط، بالإضافة أن الأمر لم يقتصر على الافراج عن احتياطي الولايات المتحدة الامريكية فقط بل أيضا دول التحالف الذي قامت الولايات المتحدة بالاتفاق معهم على الافراج عن الاحتياطي لديهم فاتفق مع الهند التي أكدت أنها ستفرج عن 5 مليون برميل بالإضافة لإنجلترا والتي أفرجت عن 1.5 مليون برميل بالإضافة أن الرئيس الأمريكي جو بايدن اتفق مع كوريا الجنوبية واليابان على نفس الموقف..
وبرغم من هذا التحالف القوى ولكن لم ينخفض النفط كثيرا وسريعا ما عدا للارتفاع مرة أخرى بالتالي ذلك يعني أننا سنرى نفس المشهد يتكرر عندما تقوم الصين بالإفراج عن الاحتياطي النفطي لديها وهو تراجع لأسعار النفط ثم ارتفاع مرة اخرى لان زمام امور النفط مازالت مع الدول المنتجة وهم أعضاء منظمة الأوبك وحلفاؤها.