ما أسوأ أن يتذكر المتداولون المخضرمون الذكريات الأليمة التي عاشوها في الأيام الخوالي، أو حتى نظراؤهم الذين سمعوا بمثل هذه الأيام المؤسفة من عينة الاثنين الأسود، وانهيار الجنيه الاسترليني، وفقاعة الدوت كوم، وحتى المتمرسين منهم يتقبلون الآن فكرة أن الأسواق في منعطف تاريخي، وعلى سبيل المثال، تراجع مؤشر ستاندرد آند بورز 500 القياسي للأسهم الأمريكية الممتازة 19% هذا العام، وإذا استمرت هذه الوتيرة، فقد يتجه المؤشر نحو انخفاض 2008 الذي بلغ 38 %، بينما يتردى أداء المؤشرات ذات الثقل التكنولوجي مثل ناسداك المركب بشكل أسوأ بكثير، فقد هبط بنسبة 27 %.
تتعرض الأسهم الفردية لضربة موجعة، فقد انهارت الأسهم المفضلة في عصر الإغلاقات المتعلقة بالجائحة، مثل بيلوتون، وانخفضت قيمة العملات المشفرة 90 % خلال العام الماضي، ولا شك أن هذه الفوضى العارمة توحي بانفجار راديكالي حاد للفقاعات وسط عمليات بيع كثيفة ومطولة، والحقيقة، أنه لا يمكننا النظر للوراء بحثاً عن أدلة تاريخية لما سيحدث مستقبلا، والأخطر، هو الحالة المزاجية المتشائمة للغاية في الأسواق، بما يتجاوز ما شوهد خلال الأزمة المالية العالمية في 2008، أو ذروة الجائحة في 2020.
لكي ندرك خطورة الأمر، يجب أن نعلم أن التحدي لا يشمل قطاعا واحداً، ففي ظل الأسواق المتقلبة للغاية يصعب تطبيق عملية منهجية والحصول على نتيجة متوقعة، ومع تباطؤ البنوك المركزية في المواجهة، فإنه يتم الآن التخلص وبقسوة من الفقاعات الصغيرة، بينما يمكن اعتبار التشوهات في سوق العملات المشفرة مجرد بداية فقط، ولهذا، فقد يلجأ بعض المستثمرين إلى تجنب الضربة القادمة عبر المضاربة في السلع، وهي فئة أصول مكروهة بعدما ظلت لسنوات طويلة تعاني ضعفاً في العائدات، والواقع، أن المستثمرون الناقمون على التضخم مستعدون للقفز فوق الحلبة والتخلي عن مبادئهم، فيما يتزايد الطلب فجأة على أسهم السلع، رغم أداءها السيء خلال العقد الماضي، ولهذا نرى الآن كثيرا من الاهتمام من مستثمرين متنوعين يتركزون بشكل أساسي في صناديق التقاعد والأثرياء.