كنا قد أخبرناك عزيزي المستثمر سابقاً قصة الفيدرالي الجميلة في تقرير وجيز تحت عنوان (ما الذي عليك أن تعرفه بخصوص الفيدرالي) وقصة الفيدرالي اليوم. وبعد هذه السلسلة من الأحداث الاقتصادية يشكل اليوم نوعاً من الاقتصاد المركزي المستقل والمرادف في نوعه للبيتكوين، والذي يعد بكل أشكاله كعملة نوعاً ما جديدة من الاقتصاد اللامركزي.
أما عن أيهما أفضل بالاستثمار، فصراحة وإني كمحلل فني لا أرجح في تقريري هذا أحدهما على الآخر، لكن هذه المقارنة تذكرني بمشابهة اقتصادية حدثت منذ أعوام مضت ألا وهي فقاعة الإنترنت وتوجه غالبية المضاربين والمستثمرين للاستثمار في قطاع الإنترنت بدلاً من القطاع الاقتصادي، وها هنا اليوم نحن نقف على أعتاب حافة اقتصادية جديدة لا ندري فيها الصواب من المصيبة، فأي استثمار عساه يكون أفضل من غيره هل / الذهب حتى نؤمن أموالنا من التضخم أم / البيتكوين لنؤمن على أرباح غير مسبوقة.
في عام 1995 توجه غالبية المتداولين، إضافة إلى المستثمرين، إلى قطاع شركات الإنترنت تاركين المؤشرات الاقتصادية الشهيرة والذهب والعملات على أمل تحقيق ربح خيالي في ذاك الوقت، علماً أن السهم الذي يرتبط في أي شركة لها نشاطها في قطاع الإنترنت كشركات المتصفحات في ذلك الوقت كانت تحقق ما لا يقل عن 50% شهرياً.
إلا إنه وبعد فترة قليلة اختفت أكثر من 75% من الشركات المعروضة ومنها ما قارب على الإفلاس وهذا ما عرف بفقاعة الإنترنت حينها. ما أود أن أخبرك فيها عزيزي المتداول وباختلاف الأسلوب الذي تتبعه إن تداول / العملات المشفرة اليوم مشابه لتداول ما سمي بأسهم الإنترنت سابقاً، حيث كلاهما يعد ثورة طفرية غير مسبوقة من نوعها وإحدى تلك العملات قد يقودك إلى ثراء فاحش، إلا أن أحدها قد يختفي.
أعود وأكرر أنني هنا لا أحبذ الذهب على البيتكوين أو العكس وإنما ما أريد أن أخبرك به أن البيتكوين تشكل في أساسه ليواجه المركزية المطلقة في الاقتصاد، ليشكل اقتصاداً لامركزياً وسلطة مالية مستقلة أما عن أيهما تستثمر. فأنا سأذكر لك مجموعة من المعطيات التي أرى فيها محاسن استثمار كل من الذهب والبيتكوين وبناء عليك كمتداول ومستثمر.
الاستثمار بالذهب
سمي الذهب بالملاذ الآمن لأنه عرف على مدار التاريخ الاقتصادي بأنه أساس التحوط الاقتصادي ضد التضخم، إلا أنني ما أراه بهذه العبارة هو التحيز المبالغ فيه بالذهب، حيث إن الذهب لا ينجو في كل الكوارث الاقتصادية. فنحن نذكر خلال الجائحة الوبائية ارتفع الذهب إلى ما يصل إلى 2000 $ للأونصة الواحدة لكنه لم يستقر رغم استمرار مستويات التضخم وها نحن على مشارف كساد اقتصادي وما زال دون 1800 $ لكن ما أود أن أقوله هنا هي أنه لا بد من أن ينجيك الذهب من مقدار التضخم المرتفع، لكن لا تأمن من الذهب أرباحا سوى أن تحفظ أموالك. لذلك أنا دائما ما أقول سمي الذهب بالملاذ الآمن لأنه أنت يجب أن تكون آمناً من حيث الدخل حتى تؤمن به ليس العكس.
ولذلك يمكن أن نلخص أن الاستثمار بالذهب يحمل الفوائد التالية:
1. يحمي أموالك من نسب التضخم لكنه لا يشكل أرباحاً
2. ليس آمناً فقد يرتفع بنسب عالية أثناء الكوارث
3. في ختام أي سنة قد يفرق بمتوسط يعرفه أي محلل فني ألا وهو 2% كأقصى حد 10%
الاستثمار في البيتكوين
إن الاستثمار في البيتكوين كما أسلفت الذكر سابقاً يعد استثماراً بقطاع اقتصادي جديد من نوعه. وهو استثمار نحو اللامركزية الاقتصادية وهو مشابه بأمره لفقاعة الإنترنت سابقاً.
إلا أنني لم أخبرك أنه من استثمر في هذه الفقاعة وبقي صامداً حتى النهاية حقق أرباحاً لا تقل عن 5000% وهو رقم أكثر من مجرد رقم ضخم، وما أود فعلياً أن أذكرك به هنا هي أن التقلبات الشديدة هي نتاج الحرب الباردة القائمة ما بين الحكومة ومؤيدي هذا القطاع. وهذا تماماً ما حدث مع الأسهم سنة 95 في قطاع الإنترنت، إلا أنه بعدها انتشرت تلك الشركات انتشاراً جباراً وحققت أرباحاً خيالية.
وهذا ما يقودنا إلى أن كل شيء طفري وثوري ربما قد يحقق ربحاً خيالياً أيضاً.
من أهم المزايا الاستثمارية:
1. أرباح قد تصل إلى نسبة تزيد عن 50% من قيمة رأس المال مقارنة بالذهب والذي يميل إلى أن يحقق نسبة وسطية 7% سنويا
2. لا تحتاج إلى مدة زمنية عالية مقارنة بالذهب الذي قد تحتاج إلى ست سنوات على الأقل حتى تشعر بالفارق
3. آلية الحماية العالية التي تستخدمها العملات المشفرة في التخزين وهذه الآلية هي محط أنظار كبار المستثمرين
4. غياب الضرائب والرقابة الحكومية على البيتكوين مما يجعلها مكان ينظر إليه السوق لتهرب الضريبي
على الرغم من المزايا العديدة إلا أن هناك مساوئ لاستثمار أموالك بالبيتكوين مقارنة بالذهب:
1. خطورة عالية على رأس المال وقد تصل أيضا إلى 50% حيث إن العملة قد نرى لها تراجعات قوية خلال فترة قصيرة مقارنة بالذهب الذي قد يحافظ على لمعانه بأسوء الحالات الاقتصادية وانعدام الأمان
2. تأثر العملة بشكل كبير بصناع السوق (إيلون ماسك) مقارنة بالذهب وقدرته على استيعاب أي عملية شراء مهما كانت ضخمة
في الختام عزيزي القارئ يمكن أن أقول لك إنه بحال كنت تطمح إلى أرباح عالية ولديك القدرة على تحمل التقلبات السعرية، فإن البيتكوين هو خيارك الأمثل. أما بحال كنت تصبو في استثمارك إلى الادخار لا أكثر، فإني أرجح لك الذهب. وأما بحال كنت مضارباً، فأني أفضل لك الذهب في الأزمات، والبيتكوين ما بعد الأزمة، فكلاهما يشكلان نطاقات عرضية سواء للذهب أثناء الأزمة (خلال الأزمة وليس قبل حدوثها) أم للبيتكوين بعد الأزمة.
ويبقى الرأي الأصح دائماً هو أن تقسم النسب الاستثمارية بشكل يجعلك مواكب لكل الفرص، ونتذكر أن القاعدة الأساسية في الاستثمار هي أن النسبة المخصصة لاستثمار عالي المخاطر يجب أن تكون نصف النسبة المخصصة للاستثمار آمن.