الأخبار السيئة، أن الاقتصاد الأمريكي تباطأ للربع الثاني على التوالي في 2022. وهو نظريًا ما يُعرف بالركود التقني. وهو انكماش الناتج المحلي الإجمالي (النشاط والنمو الاقتصادي) في ربعين متتاليين. ولكن، الأخبار الجيدة، هي أن تباطؤ الاقتصاد قد يكون هو ما تحتاجه الولايات المتحدة للفوز في معركتها ضد التضخم.
فمع إعادة فتح الاقتصاد الأمريكي والتعافي من جائحة كورونا، انتعش النمو الاقتصادي بقوة رهيبة بدعم من إنفاق المستهلكين لمدخراتهم والأموال التي جمعوها فترة الوباء وسيل التحفيزات التي ضُخت في الأسواق. ولكن هذا الدعم الجنوني، أدى إلى ارتفاع الأسعار بقوة لدرجة دفعت التضخم للخروج عن السيطرة (9.1%، الأعلى في 40 عامًا)، مع التفاوت بين الطلب الشديد والعرض المتواضع.
هل كان رفع الفيدرالي للفائدة مفيدًا لتهدئة الطلب؟
ينعكس الآن تدخل الاحتياطي الفيدرالي على الاقتصاد في محاولته لإعادة التضخم إلى هدفه عند 2%، بعد رفع الفائدة أربع مرات منذ مارس 2022، منهما اثنين على التوالي بمقدار 75 نقطة. وبينما يعتمد البنك المركزي الأمريكي على أداته المفضلة - سعر الفائدة - لتهدئة الطلب والتضخم بجعل الاقتراض أكثر تكلفة، ولكنه بذلك يخاطر بإغراق الاقتصاد في ركود.
ويبدو أن الرفع الشديد للفائدة بدأت نتائجه في الظهور، إذ انكمش الاقتصاد الأمريكي بمعدل 0.9٪ في الربع الثاني على التوالي، مما يعكس ضعف الاقتصاد مع تباطؤ إنفاق المستهلكين وسط ارتفاع الأسعار، وتراجع الاستثمار والنشاط الاقتصادي، وهدوء سوق الإسكان. ويريد الفيدرالي أن يرى الطلب يتراجع لفترة مستدامة "لمنح التضخم فرصة للانخفاض" دون الدخول في ركود عميق، كما قال رئيس مجلس الفيدرالي جيروم باول.
بينما قال باول إنه لا يعتقد أن الاقتصاد الأمريكي في ركود الآن، لكنه أقر بأن الاقتصاد يتباطأ وسيحتاج إلى أن يتباطأ أكثر على الأرجح حتى يستطيع إعادة معدلات التضخم إلى الأرض. وقال الاحتياطي الفيدرالي إنه لن يتهاون في معركته ضد التضخم الأعلى منذ 40 عامًا في الولايات المتحدة، حتى لو كان ذلك يعني انكماش الاقتصاد وتباطؤ سوق الوظائف.
كيف يكون تباطؤ الاقتصاد الأمريكي جيدًا؟
كلما توسع نطاق تباطؤ الاقتصاد، اقترب انخفاض الضغوط التضخمية وهدوء الأسعار. وبالتبعية، قد يدفع ذلك الفيدرالي إلى تخفيف وتيرة رفع الفائدة وسيتجه لزيادات أصغر في الاجتماعات القادمة. الخطر يكمن فقط في أنه مع تباطؤ الاقتصاد بالفعل، يمكن أن يقل الطلب بشكل كبير لدرجة تدفع الاقتصاد إلى الركود.
كيف سيساعد انكماش الاقتصاد في خفض الطلب والتضخم؟
عندما يتباطأ الاقتصاد والإنتاج وسوق العمل، وتهدأ معدلات إنفاق المستهلكين، وتتراجع سرعة نمو سوق الإسكان وينخفض الطلب على العقارات وبناء منازل جديدة، سيحدث الآتي:
-
تراجع الطلب القوي، وعودة التوازن بين الطلب والعرض
-
انخفاض الأجور مع عدم وجود أزمات في التوظيف بسبب قوة الطلب على الخدمات
-
تباطؤ وتيرة نمو الأسعار والتضخم مع انخفاض حرارة الاقتصاد
-
الحفاظ على قوة سوق العمل والتوظيف دون التضحية بمعدلات البطالة المنخفضة
-
عدم اضطرار الفيدرالي لرفع الفائدة بشدة، والتي قد تدفع الاقتصاد إلى الركود الحاد، لأن حينها سيكون الطلب انخفض وهذا سيهدأ التضخم لوحده، وبمساعدة من الفائدة، ستعود الأمور لطبيعتها.
هل سيؤثر انكماش الاقتصاد الأمريكي على دورة الفيدرالي لرفع الفائدة؟
لا أعتقد أن تراجع الناتج المحلي الإجمالي سيؤثر أو ينبغي أن يؤثر على دورة الاحتياطي الفيدرالي لرفع الفائدة. والسبب، لأن الدليل على الركود لم يظهر بعد في بيانات التوظيف الأمريكية أو ارتفاع عمليات تسريح الموظفين، والتي يستخدمها الاقتصاديون أيضًا لقياس ما إذا كانت الدولة في حالة ركود أم لا. كما استقر معدل البطالة عند 3.6%، وهو أدنى مستوى له منذ ما قبل الجائحة.
وستكون بيانات سوق العمل القادمة هي أفضل مقياس لمعرفة ما إذا كنا نتجه حقًا نحو الركود وما إذا كانت الشركات تقلل من التوظيف. ورفض جيروم باول الأسئلة حول ما إذا كان الاقتصاد الأمريكي في أو على أعتاب الركود، بحجة قوة سوق العمل، لأن الشركات الأمريكية تستمر في إضافة أكثر من 350,000 وظيفة كل شهر.