تحت مطرقة وسندان زيادة أسعار الفائدة والتباطؤ الاقتصادي والبطالة الجامحة سيضطر الكثير من المستثمرين إلى بيع المزيد من الأسهم في عام 2023، وعلى سبيل المثال، فإن الأسر الأمريكية، والتي توصف بأنها "الغوريلا الهادئة" في سوق الأسهم، سوف تتخلص من أسهم بقيمة 100 مليار دولار خلال العام المقبل، فالسوابق التاريخية تؤكد أن تدهور النمو وارتفاع معدلات البطالة يتزامن عادة مع قيام الأسر ببيع الأسهم.
من المتوقع أن يتباطأ نمو الناتج المحلي الإجمالي في الولايات المتحدة إلى 0.9٪ في عام 2023 من 1.6٪ في عام 2022، بينما سيرتفع معدل البطالة إلى 4٪ من 3.6٪، من جهة أخرى، هبط الطلب الشرائي للأسر من الأسهم بشكل طفيف في الربع الثاني، بالإضافة إلى هبوط أسعار الأسهم، وقد أدى هذا الانخفاض إلى تراجع حاد في مخصصات الأسر لشراء الأسهم، وهي التي كانت تعد أكبر مشتر للأسهم بحوالي 63 تريليون دولار منذ اندلاع الأزمة الوبائية في عام 2020.
على مدى الأشهر الـ 12 الماضية، زادت المخاطر على قطاع التجزئة، في ظل الانخفاض الحاد في هوامش الأرباح، وهذه أحد المؤشرات على أن بعض تجار التجزئة خرجوا من السوق هذا العام، بعدما عانت أسهم المضاربة والنمو السريع التي يفضلونها جنبًا إلى جنب مع ارتفاع أسعار الفائدة.
على الرغم من أن العديد من المستثمرين قللوا من تعرضهم للأسهم، إلا أن مخصصاتهم للأسهم تظل مرتفعة تاريخياً، فلا تزال صناديق التحوط وصناديق الاستثمار والأسر معرضة بشكل كبير للأسهم مقارنة بالعقد الماضي، وهناك مجال لخفض الانكشاف على الأسهم إذا استمرت البيئة الكلية للاستثمار في التدهور.
في المقابل، ستصبح الشركات أكبر مصدر للطلب على الأسهم بسبب عمليات إعادة الشراء القوية والإصدارات الضعيفة، شريطة أن يحقق الاقتصاد هبوطًا ناعمًا، ونتوقع أن يصل مؤشر ستاندرد آند بورز 500 إلى 4000 نقطة بنهاية 2023، ولكن إذا حدث ركود، فربما ينخفض مؤشر الشركات الكبيرة إلى 3150 نقطة قبل أن يرتفع إلى 3750 نقطة بحلول نهاية العام المقبل.
عندما يأتي الركود المتوقع، سيكون حادًا وطويلاً، مع ضائقة مالية وأزمات ديون واسعة النطاق، ولكن، هل نحن بالفعل في حالة ركود؟ ليس بعد، فبينما عانت الولايات المتحدة نمواً سلبياً خلال النصف الأول، تشير معظم المؤشرات في الاقتصادات المتقدمة إلى تباطؤ حاد سيزداد سوءًا مع تشديد السياسة النقدية.
يجب اعتبار الهبوط الصعب بمثابة السيناريو الأساسي للأزمة، وللمعلومية، فإن الأسهم الأمريكية والعالمية لم يتم تسعيرها بالكامل حتى الآن في ظل هبوط شديد معتدل وقصير، ونتوقع أن تنخفض الأسهم بنحو 30٪ في حالة الركود المعتدل، وبنسبة 40٪ أو أكثر في حالة اندلاع أزمة ديون حادة في الاقتصاد العالمي، وهي أزمة ستأخذ في طريقها الشركات المثقلة بالديون وبنوك الظل والأسر والدول المتعثرة.