تقدر الأسواق وتنعم دوماً بحالة اليقين، وهذا ليس ما ستحصل عليه وول ستريت على الأرجح عندما تنتهي انتخابات التجديد النصفي المقبلة للكونجرس الأمريكي، إذ تذهب استطلاعات الرأي الحالية إلى فوز الجمهوريين في مجلس النواب وربما مجلس الشيوخ، مما سيترك الحكومة منقسمة، والقاعدة العامة هي أن وحدة الحكومة تعد أمراً جيداً للأسواق، لأنه يعني مخاطر أقل للقطاعات الاقتصادية النوعية مثل الرعاية الصحية أو الطاقة، والأهم للشركات هو استبعاد حدوث تغييرات كبيرة في قانون الضرائب.
فيما يجلب الانقسام السياسي خطر إدخال الاقتصاد إلى حافة الهاوية، فالكونجرس سيحتاج إلى تقديم تنازلات بشأن الميزانية الفيدرالية وسيتعين عليه رفع سقف الديون منتصف عام 2023، وقد يطول الحوار حول إغلاق الحكومة وسط معارك كلامية طويلة، وهذا أمر مؤلم للمستثمرين، على الأقل مؤقتًا، وقد تعطي الحكومة المنقسمة فرصة ضئيلة للإغاثة المالية في حالة الركود، ونعتقد أنه في عالم تضطرب فيه الأسواق وترتفع فيه نذر الحرب العالمية الثالثة، فإن وجود حكومة موحدة تعمل لمصلحة الاقتصاد يعد أمرًا جيدًا بالفعل.
يعتبر عدم اليقين مشكلة قصيرة المدى، وإذا استغرق الأمر عدة أيام لحساب نتائج التصويت، فقد يكون هذا مشكلة لأجزاء من السوق التي لم تنضم بعد إلى ناسداك في عمليات بيع واسعة النطاق، بينما يشير عدم الاستقرار الأخير في سوق الأصول بالمملكة المتحدة والصين إلى الخطر القريب المدى للصفقات في الولايات المتحدة الأسبوع الحالي، وأي نقص في الوضوح فيما يتعلق بسيطرة مجلس الشيوخ أو الأسئلة الصاخبة حول نزاهة الانتخابات يزيد من احتمالية إعادة اختبار المستويات المنخفضة في البورصة، وقد تزداد التقلبات سوءً.
نهاية الأسبوع الماضي، أرسل رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي، جيروم باول، إشارة واضحة بأن أسعار الفائدة ستتحرك أعلى وستبقى هناك لفترة أطول مما كان متوقعًا في السابق، وهذا جعل المستثمرين يتساءلون عما إذا كان هناك قيعان جديدة لسوق الأسهم المهزومة تنتظرنا، والواقع، أنه إذا لم ينخفض التضخم، فلن نصل إلى النقطة التي يمكن للسوق فيها رؤية الضوء في نهاية النفق والبدء في اتخاذ منعطف تصحيحي، ولا نصل عادة إلى القاع في سوق هابطة حتى يصبح معدل الأموال الفيدرالية أعلى من معدل التضخم، وفي الوقت الذي يتخوف فيه الكثيرون من أن يقتل الفيدرالي الاقتصاد عن غير قصد، عبر الانزلاق إلى إشكالية الركود، فإن الأسواق تتمسك بحلم وحيد وهو الإبطاء من وتيرة رفع الفائدة.