" يجب على كل من يريد أن يعرف ما سيحدث أن يفحص ما حدث، كل شيء في هذا العالم وفي أي حقبة له نسخته المقلدة في العصور القديمة"
ميكافيللي
منذ أن عرفت الحكومات أهمية النفط وقدرته في قلب الموازين بين الدول، تصارعت في التحكم في أسعاره سواء من منطلق لعبة العرض والطلب والتي تقوم على أساس التحكم بالمعروض لرفع أو خفض السعر وصولاً إلى التسعير بناء على قيمة وهمية.
إذا أردت أن تفهم كيف تجري الأمور بالنفط تذكر قاعدتين لهما نفس القصة، وهي أن برميل النفط بدأ يسعر 1.30$ وصولاً إلى 140$،فعندما كان للدولار قيمة وكان الذهب فعلاً يحدد هذه القيمة ( قبل صدمة نيكسون)، كان السعر الحقيقي للبرميل يتراوح ما بين 1$ إلى 2$ أما اليوم ومع وجود قيمة مبالغ فيها للدولار بدأ سعر البرميل يتراوح ما بين 75$ وصولاً إلى 100$.
أما عن القواعد فهي:
1. النفط يخضع بشكل مباشر لقوانين العرض والطلب والتي يمكن السيطرة عليها بحجم الإنتاج اليومي وحجم الإنتاج يمكن تحديده من قبل صانع السوق والذي يملك أكبر أثر على هذا السوق مثل منظمة أوبك والتي تملك قدرة انتاج تصل إلى 40$% .
2. النفط يخضع بشكل غير مباشر لقوة الدولار حيث أن قوة الدولار من الممكن أن تعيد التسعير للبرميل فلا تنسى ان الدولار نشأ في الأساس للاستحواذ على النفط وحينما كُشف لم يستطيع العالم استبداله لأنه يستخدم لتسعير النفط ولا آلية أخرى موجودة لتسعيره حتى هذه اللحظة.
آخر التطورات الفنية
افتتح السوق صباح يوم الاثنين على فجوة كبيرة للنفط الخام بارتفاع يقدر 6%، بعد تداوله لعدة أيام بالقرب من 75$، وهذا يعود لخفض أوبك للإنتاج اليومي بنحو 1.5 مليون برميل يومياً ، على الرغم من أزمة الطاقة التي يمر بها العالم وخصوصاً أوربا إلا أن السعودية أعلنت أنها ستخفض الإنتاج وهذا ما رأينا نتيجته صباح يوم الاثنين.
السبب والنتيجة لهذا التخفيض
كما أسلفت لك في المقدمة إن النفط يخضع تحت أهم قانونين وهما كمية الإنتاج والتسعير وإن بحثنا بالتاريخ قليلاً لوجدنا أن التسعير يأتي من قطب مختلف تماماً عن القطب الذي يتحكم بالكمية.
السعودية على مدار التاريخ تحكمت بالكمية مما أثرت على الأسواق بشكل رهيب كقطب مستقل، بينما الولايات تحكمت بقيمة الدولار على مدار التاريخ وذلك لتحدد أفضل كمية تشتري بها براميل النفط.
لا يسعنا أن نذكر التاريخ بأسره في مقال منفرد إلا أن ما يسعنا أن نذكره بكل بساطة هو أن تخفيض الإنتاج بهذه الحركة المفاجئة من السعودية ما هو إلا رد فعل منها على أزمة البنوك الحاصلة في الولايات ( فهي بكل بساطة تحاول بيع أقل ما يمكن مقابل حصولها على ورق تعلم بأنه لا قيمة له)، وهذا ما يصب في مصلحة روسيا ولا يصب في مصلحة الولايات والتي عليها أن تحصل لقاء الدولار على أكبر كمية ممكنة من النفط.
آخر التطورات على الصعيد الأساسي
أثر الأخبار على المدى القريب
بعد خفض الإنتاج يبقى السؤال على صعيد التحليل الأساسي، هو الأثر على المدى القريب والبعيد للنفط.
ينتظر النفط في الوقت الحالي ( يوم الأربعاء) أهم الأخبار المتعلقة بمقدار ما تملكه الولايات من النفط( مخزون الولايات من النفط الخام) وهذا له أثر كبير على السعر فبحال انخفض المخزون ( وهذا المتوقع) قد نرى استمرار بارتفاع الأسعار على الأقل 3% أي نحو 90$ .
"العلاقة بين المخزون والسعر هي عكسية أي انخفاض المخزون تعني ارتفاع الأسعار"
سعر فنياً في الوقت الحالي
(ما الذي تخبرنا به القواعد الفنية)
فنياً وبعد تشكل هذه الفجوة والتي تبدأ من 80$ وتنتهي عند 85$، وصل السعر إلى مناطق شبه متشبعة مع زخم سعري وفوليوم متوسط وهذا يعني لا بد من السعر أن يتراجع قليلاً قبل مناورة الصعود الثانية وهو ما يحقق القاعدة الفنية التي تنص على أن السعر لا بد أن يغلق كل فجوة شكلها.
وفقاً لآخر التطورات
نتيجة لكثرة المعطيات، يبقى لدينا أسلوب واحد فقط للتعامل مع الأسواق، وهو أسلوب الشرط والنتيجة والذي يقتضي بتحقق شرط لنبني على هذا الشرط النتيجة وشرطنا هو سعر الإغلاق بالإضافة إلى أثر الخبر في يوم الأربعاء ( مخزون النفط الأميركي الخام).
على المدى المتوسط
على المدى المتوسط لا بد من تراجع بسيط نحو 82$ أو 80$ كأقصى حد وعليه تتشكل لدينا الاحتمالات التالية.
السيناريو الأول
بحال أغلق السعر اليومي ( في نهاية يوم الأربعاء)، أعلى الفجوة أعلى 85$)، وبعد إغلاقه الفجوة السعرية كاملة ( أي بعد اختبار 80$)، انخفاض بالمخزون فإن السعر سيرتفع بقوة وزخم كبير نحو 87$، 90، ثم 100$ خلال أيام قليلة.
السيناريو الثاني
بحال أغلق السعر اليومي أعلى 85$، ودون إغلاق الفجوة ( دون زيارة 80$) سنرى صعود نحو 90$ كأقصى حد ( وهنا يقابله انخفاض بسيط بالمخزون) .
تنويه: كلا الاحتماليين يشيران لصعود إلا أن الفارق بالهدف من هذا الصعود ولا نتوقع هبوط ضمن الفترة القريبة وهذا لكون:
1. الدولار ضعيف جداَ
2. استمرار أوبك بتخفيض الإنتاج حتى نهاية العام
المدى البعيد
على مدار الأشهر القادمة وحتى نهاية السنة، لا نتوقع أن يكون سعر النفط أقل من 90$ وهذا لمجموعة من العوامل
1. ضعف الدولار
2. الإنتاج الخفيف
3. أزمة الطاقة
توصية المحلل
ينصح بالشراء من أسفل 80$ مع وقف خسارة عند 74$ باستهداف 90$، 95$، 100$
خلاصة القول ورأي المحلل الفني
في الختام عزيزي المستثمر إن التعامل مع الأسواق التي تحكمها سياسات متعارضة مثل النفط يتطلب إدارة مخاطر غاية في الذكاء فقرار واحد كفيل بأن يقلب الأسواق.
المحلل: عمر الصياح
لا تتردد في طرح أي سؤال، أو التواصل معنا إن تطلب الأمر، فنحن نخصص الكثير من الوقت لكي نسمع منك.
Twitter: @SyyahOmar